الخميس 18 أبريل 2024 09:44 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

تحقيقات

 شارع “المعز”...حكاية ألف عام من تاريخ مصر

الجارديان المصرية

المعز لدين الله الفاطمي”، شارع وسط القاهرة ، ومتحف آثار إسلامية مفتوح يختصر حكاية 1040 عامًا من التاريخ.
وسُمّي الشارع بهذا الاسم نسبة إلى “المعز لدين الله الفاطمي”، وهو المعز أبو تميم معدّ بن منصور، أول الخلفاء الفاطميين في مصر، والإمام الرابع عشر من أئمة الإسماعيلية. حكم مصر بين عامي 953 و975، وأرسل قائده العسكري “جوهر الصقلي”، للاستيلاء على مصر من العباسيين، فدخلها ليؤسس مدينة القاهرة قرب مدينة الفسطاط التي أنشأها عمرو بن العاص، لتكون أول عاصمة لمصر بعد دخول الإسلام إليها، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات الحكومية.
ونسرد تاريخ   شارع المعزّ لدين الله الفاطمي  :  الذى  يتوسط العاصمة الملكية وقت إنشائها، وكان وقتها لا يدخلها عبر الشارع التاريخي عامة الناس إلا بتصريح خاص ويخرج قبل الغروب”.
 ويرجع تاريخ إنشاء شارع المعز لدين الله، إلى عام 969 للميلاد، أي منذ إنشاء القاهرة الفاطمية والتي يحدّها باب النصر وباب الفتوح شمالًا، وشارع باب الوزير جنوبًا، وشارع الدراسة وبقايا أسوار القاهرة شرقًا، وشارع بورسعيد غربًا . 
وكان الشارع التاريخي وقتدئذٍ،  يقع على جانبه القصر الفاطمي الكبير والصغير، وعلى ناصيته الجامع الكبير، منه تخرج مواكب الخلفاء أثناء الصلوات الجامعة (الجمعة ، الأعياد)، والأنشطة والاحتفالات.
ويمتد شارع المعز لدين الله الفاطمي من باب الفتوح مروراً بمنطقة النحاسين، ثم خان الخليلي، فمنطقة الصاغة، ثم يقطعه شارع جوهر القائد (الموسكي)، ثم يقطعه شارع الأزهر مروراً بمنطقة الغورية والفحامين، ثم زقاق المدق والسكرية لينتهي عند باب زويلة.
شارع المعز عرف أيضا  باسم شارع الأعظم ، و شارع القاهره ، و شارع القصبه. 
بنى  جوهر الصقلى على جانبه الشرقى قصر للخليفه المعز عرف  باسم " القصر الشرقى الكبير " وذلك لأن  ابنه العزيز بالله بنى امامه " القصر الغربى الصغير ".
و بعد القضاء على الدولة الفاطمية على يد  صلاح الدين الأيوبى سكن القصر الكبير هو وأمراء نظامه  ، واصبح فيما بعد  مقر لحكم الايوبيين  ، حتي بنيت  قلعة الجبل فوق جبل المقطم و سكن فيها الملك الكامل ابن اخو صلاح الدين وفيما بعد  اهمل وتهدم وبنيت  فى المنطقه احياء و شوارع و مدارس و بيوت. 
شارع المعز كان مشهورا ايضا بالمحلات والدكاكين و الأسواق حتى ان  عدد المحلات من خارج  باب الفتوحالى باب  زويله كانت حوالى 1200 محل، وبقى  الشارع محتفظا بمكانته فى العصر المملوكى و كانت لديه  تقاليد لابد وان  تراعى  ،  فكان ممنوعا ان تمر فيه الجمال محمله أو الأحصنه أو السقايين  دون تغطية الروايا . 
وكانت هناك تعليمات صارمة  تحتم  على اصحاب المحلات  أن ينيروا محلاتهم  بالقناديل طول الليل وان يحتفظ صاحب كل محل  بزير كبير مملوء بالمياه  مخصص  لمكافحة الحرائق  . 
  ويعتبر شارع المعز لدين الله الفاطمي نموذجًا لتاريخ مصر المعماري الإسلامي، يعطي ملامح لطراز العمارة الفاطمية مرورًا بحكم محمد علي لمصر.
ويشتمل شارع المعز لدين الله الفاطمي، على مجموعة من الآثار والقيم التخطيطية والمعمارية التي يرجع تاريخها إلى مجموعة عصور متوالية منذ أُنشئت القاهرة الفاطمية وعبر عصر الأمويين والمماليك البحرية والمماليك الشراكسة، وهي فترة العصور الوسطى التي تمتد من القرن العاشر حتى القرن السادس عشر، ثمَّ الحكم التركي والذي خلف أيضًا العديد من العناصر المعمارية والمباني الأثرية.
“هو متحف حقيقي وليس مجازيًا لتاريخ مهم في العمارة الإسلامية مجسدًا في الواقع أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم.
وبحسب تقرير الهيئة العامة  للاستعلامات  ، فإن الشارع “يمثل  المحور الرئيسي للقاهرة التاريخية، ويضم آثارًا متنوعة ترجع إلى عصور مختلفة، أُنشئت على مدار 1040 سنة، حيث يضمُّ بين جنباته العديد من الآثار وتتفرع منه أهم الحارات والشوارع ذات القيمة التاريخية والأثرية”.
ويضم شارع المعز عددًا من المساجد الأثرية،‏ والمدارس‏، والأسبلة‏،‏ والقصور‏،‏ ووكالتين‏،‏ وثلاث زوايا‏،‏ وبوابتين،‏ وحمامين،‏ ووقفاً أثريا‏ً.
ومن بين أبرز المباني الأثرية في شارع المعز : 
 **  باب الفتوح‏ (480 هـ ـ‏1087 م): أحد بوابات أسوار القاهرة، أنشئ للسيطرة على مداخل القاهرة الفاطمية، بأبراج من الحجر.
** باب زويلة (485‏ هجرية ـ‏1092‏ ميلادية‏): أحد بوابات أسوار القاهرة، يتكون من كتلة بنائية ضخمة ارتفاعها ‏24‏ مترًا عن المستوى الأصلي للشارع.
** جامع الحاكم بأمر الله (380-403هـ/990-1013م): بني في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي بدأ في سنة 379هـ / 989م وتوفي قبل إتمامه، فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ لذا نُسب إليه وصار يعرف بجامع الحاكم، وهو ثاني مساجد القاهرة اتساعاً بعد مسجد ابن طولون.
**  مسجد وسبيل وكُتّاب سليمان أغا السلحدار: أحد أروع وأندر المساجد الأثرية بطرازه المعماري الذي جعل منه لؤلؤة المنطقة التي تزخر بالآثار الإسلامية، ويقع المسجد بشارع المعز لدين الله على يسار السائر المتجه إلى باب الفتوح.
بدأ الأمير سليمان أغا السلحدار، في عهد محمد علي باشا الكبير، تشييده سنة 1253هـ / 1837م، وأتمه في سنة 1255هـ / 1839م.
وقد شُيد المسجد على طريقة المساجد العثمانية، وهو مقسم إلى ثلاثة أروقة وملحق به سبيل ماء وكُتاب لتعليم القرآن والدين، وعدة حجرات أهمها حجرة السبيل.
**  جامع الأقمر : من أصـغر مسـاجد القـاهرة  بني عام 1125م ويعتبر  تحـفة معمـارية أصيلـة، وهو المسجد الوحـيد الـذى ينخفـض مستـواه عن سطح الأرض، وهو أول جامع توازي واجهته خط تنظيم الشارع بدل أن تكون موازية للصحن، لتتخذ القبة وضعها الصحيح، وسُمي بهذا الاسم نظراً للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر.
** سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا : يرجع إنشاؤه إلى عام 1744م وأنشأه الأمير الكبير عبدالرحمن كتخدا، ويتكون من غرفة سبيل لتزويد العابرين بالماء، ويعلوه غرفة الكُتاب لتعليم أيتام المسلمين.
** قصر الأمير بشتاك : أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري، أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وهو من أفخم مباني القرن الثامن الهجري ، ويتكون من ثلاثة طوابق ‏وبه‏ ‏رسومات‏ ‏هندسية‏ ‏تمثل عند المعماريين آية للجمال.
**  سبيل وكُتاب خسرو باشا 943هـ / 1535م : يعتبر أقدم الأسبلة العثمانية الباقية بمدينة القاهرة، ورغم إنشاء هذا السبيل في العصر العثماني إلا إنه يُعد امتداداً للنموذج المحلي المصري في تخطيط الأسبلة، وهو مستقل وغير ملحق بأبنية أخرى.
** مدرسة وقبة نجم الدين أيوب : أنشأ الصالـح نجم الدين أيوب آخر سلاطين الأيوبيين مدرسة سُميت باسمه، تـقع إلى الـشرق بين شارع الصاغة وبين القصرين، لتدريس المذاهب الأربعة في مصر بدلاً من المذهب الشيعي الذي كان يدرسه الفـاطميون، ولم يـبق من المدرسـة سـوى الواجهة الـرئيـسيـة التي تتـوسطهـا المئذنة وأجــزاء من الإيوان الغربي.
** سبيل محمد علي بالعقادي : أنشئ عام‏1820‏ م بواجهة نصف دائرية، ويتضح فيها السبيل تأثرها بالفن الأوروبي، فالواجهة مكسوة بالرخام الأبيض أما الشبابيك فعددها خمسة ومصنوعة من النحاس المصبوب ويعلو كل شباك لوحة رخامية تعلوها زخارف ويتغطي السبيل قمة من الخشب المغطي بألواح من الرصاص‏.‏
**  سبيل محمد علي بالنحاسين: أنشئ بوصفه “صدقة على روح إسماعيل باشا” الذي توفي عام‏1822‏ وواجهته مكونة من أربعة أضلاع، يغطي كلٌ منها شباك نحاس وقد اكتست الأضلاع بالرخام ويعلو كل شباك لوحة مكتوبة بالتركية كما هو الحال في السبيل التي تسبقها.‏
 ويجذب شارع المعز ، كثيرًا من الزوار ليلًا، بجماله الخلاب مع الأضواء التي تخرج متناسقة مبهرة على مقاره الأثرية، وخطوات المارة ما بين مصريين وسياح عرب وغربيين، لا تتوانى أن تقف على مظاهر الجمال بالشارع التاريخي وبضائع المحال الغنية بالحلي والمشغولات التاريخية.
وقد شهد شارع المعز  تطوير وتحديث  لا سيّما في عامي 2008 ، 2014 وقد بذلت الحكومة  جهدا ضخما لترميم أثار الشارع التاريخى وتم تطوير منطقته بعد أن تهالكت  بسبب الإهمال وقلة الإهتمام واصبح الشارع  محتفظا  بمكانة مصر التاريخيه.

شارع المعز  اعتبر اهم مناطق القاهره الاسلاميه اللى ضمن مواقع التراث العالمى التابعه لمنظمة اليونيسكو من سنة 1979يبقى شامخًا شاهدًا على التاريخ مع مرور الزمن

(لميس الشافعى )