الخميس 25 أبريل 2024 03:46 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

تحقيقات

كيفية إنقاذ طفل فقد أحد والديه من الضياع

لا تترك ابنك حزينا بعد وفاة أبوه أو أمه

الجارديان المصرية

التعامل مع غياب أحد الوالدين وتقبُّله من أصعب الأمور في الحياة على الإطلاق، فمهما حدث لن نسمع جملة "لقد تجاوزت الأمر"، وفي مجتمعنا المصري تزيد صعوبة الأمر، حيث التعبير عن المشاعر الإنسانية وتقبلها من الأمور غير المعترف بها، والمقبولة اجتماعيًا (تدخل تحت بند الضعف أو الخجل)، وهو ما يؤدي إلى الكثير من الأمراض النفسية ونشأة أطفال غير أسوياء اجتماعيًا، سببه الرئيسي غياب الوعي بالتعامل مع نفسية الأطفال وتجاهل الحدث، على اعتبار أن مرور الوقت سيجعلهم يتكيفون بمفردهم ويتقبلون الفقد.

والآباء أو الأمهات أو حتى أقارب الطفل الباقين على قيد الحياة، يقع عليهم جهد ضخم بل وخرافي لمساعدة الطفل على معالجة أحزانه، وتقديم دعم نفسي حقيقي لا يكون مزيفًا أو مصطنعًا، بحيث يتمكن في النهاية من المُضي قُدمًا.

وهناك دليل أو خطوات يجب الالتزام بها مع الأطفال الذين تعرضوا لفقد أحد الوالدين، لضمان خروجهم من تلك المرحلة بأمان، وهو يتكون من ثلاث مراحل أساسية، هي:

1- تقبل المشاعر
2- المساعدة النفسية
3- العودة لممارسة الحياة الطبيعية

المرحلة الأولى تقبل المشاعر:
1- وتبدأ بإعطاء الطفل مساحته ووقته الخاص في الحزن: أي عدم فرض جدول زمني عليه، ومن يرعى الطفل يجب أن يكون صبورًا ويدرك أن الحزن عملية تحتاج إلى كثير من الوقت.

2- إيصال رسالة للطفل بأن والده أو والدته المتوفاة سيرغب أن يواصل حياته بشكل طبيعي، فنُذكِّره بمشاعر الحب التي يحملها له، وأنه بالطبع سيحدث شلل لحياته الطبيعية لفترة، ولكن عليه ألا يستمر فيها إلى الأبد، فسعادة والديه دومًا تكون من سعادته.

3- حث الطفل على تذكُّر من فقده من والديه، وكتابة ذكرياته معه حتى لا ينساها، وتأكيد أنه سيظل جزءًا مُهمًا في حياته، وممكن السماح له برواية القصص عنه لأشخاص لم يعرفوه، أو سؤال أفراد العائلة الباقين عنه للتعرف عليه/ها أكثر، وفهم التجارب التي مر بها في الحياة، وبهذا يمكن أن يجعل ذكراهم دومًا حية.

4- مساعدة الطفل على العناية بنفسه، فمن المهم أن يبتعد الطفل عن أي نقد ذاتي، وأن يأخذ مساحة إضافية من الاهتمام والاسترخاء، فيحصل على ساعات نوم لا تقل عن ثماني ساعات، وتناول ثلاث وجبات صحية، وممارسة 30 دقيقة من التمارين اليومية.

5- تعريف الطفل بأن الأنشطة التي كان يمارسها مع والدته أو والده ستكون مصدر إحباط وحزن له في ظل غيابهم، وأنه لا بد أن يطلب الدعم ممن حوله، أو أن يقضي تلك الأوقات مع آخرين حتى يستطيع تجاوز الأمر.

6- هناك خمس مراحل للحزن هي "الحرمان، الغضب، المساومة، الاكتئاب، القبول" ولكن ليس شرطًا أن يمر الطفل بكل هذه المراحل بشكل متتابع، فقد يتجاوز إحداها أو قد يمر بها دون ترتيب.

7- تجنُّب اتخاذ قرارات كبيرة قد تسبب تغييرات عميقة في حياة الطفل.

المرحلة الثانية: تقديم الدعم
1- دفع الطفل إلى الاختلاط بأصدقائه وأقاربه بأكبر شكل ممكن، بالطبع سيشعر الطفل برغبة كبيرة في الوحدة بسبب حزنه، ولكن الاختلاط سيساعده على التعامل مع مشاعره.

2- احرص على قضاء المزيد من الوقت مع الطفل، وأن تتحدثا معه عن الألم الذي يشعر به، وعن شعورك أنت أيضًا بالألم، وأن وجوده بجانبك يدعمك أنت شخصيًا.

3- اللجوء لأخصائي أو معالج نفسي في حالة الشعور بأن الطفل غير قادر على التواصل. في بعض الأحيان لا يستطيع بعض الأطفال المُضِّي قدمًا مع فقد أحد الوالدين، ويصبح التواصل مع شخص خارج نطاق العائلة أمرًا مفيدًا، حيث يقدم له نهجًا جديدًا في التعامل مع أحزانه.

4- الانضمام لمجموعة دعم: إذا كان الطفل كبيرًا في السن (يقترب من مرحلة المراهقة) فستساعده مجموعة الدعم في التعبير عن مشاعره بسهولة، إذا لم يستطع ذلك مع الأقارب أو الأصدقاء.

5- الإيمان مصدر للراحة وتقليل الألم: قضاء مزيد من الوقت فى ممارسة الأنشطة الدينية سواء فى كنيسة أو مسجد يساعد الطفل على التفكير فى الصورة الأكبر لشكل الحياة وتقبل حزنه.

6- اقتناء حيوان أليف: قد يعتقد البعض أنها مزحة، ولكن الاعتناء بقطة صغيرة أو أرنب أو عصفور ستجعل الطفل يشعر بأنه ليس وحيدًا بسبب وجود من يحتاج إلى رعايته.

المرحلة الثالثة: العودة لممارسة الحياة الطبيعية
1- تبدأ بكسر الروتين، فبعد فترة من الحداد يجب عمل تغيير في حياة الطفل، مثل تغيير جدوله اليومي الدراسي، أو الذهاب لأماكن مختلفة، تجربة أنشطة جديدة سواء كانت تمرينات رياضية، الحصول على دروس في الرسم أو الموسيقى، أو التعرف على أشخاص جدد.

2- مساعدة وحث الطفل على فعل الأشياء والأنشطة التي يحب أن يقوم بها وتوقف عنها، بسبب الوفاة وإحساسه بالحزن.

3- اشغل وقت الطفل دومًا: فوجود حياة نشطة، سيجعل الطفل يشعر بتحسن، حتى لو كنا نحتاج إلى كثير من التحفيز لدفعه للقيام بالأمر، ولكن لا بد من الحرص على ترك بعض الوقت للتفكير في والديه.

4- ممارسة هوايات وأنشطة هادئة تساعده على تفريغ حزن الطفل والطاقة السلبية بداخله، مثل تشجيعه على الكتابة اليومية، قراءة الروايات المفضلة، التعرض لأشعة الشمس والهواء النقي يوميًا بالمشي أو الجري أو التنزُّه، اليوجا، الاستماع للموسيقى الروحية الهادئة.

5- الصبر كراعٍ للطفل: فإذا بدأ الطفل بالعودة لممارسة حياته بشكل طبيعي مرة أخرى فلا بد التأكد أنه ليس أمرًا ثقيلاً على روحه، يفعله مُجبرًا، بينما من داخله ما زال يتألم، وقد يستغرق الأمر في بعض الأحيان سنوات حتى يعود كما كان. المهم عدم التسرع في ذلك ما دام لديه أهداف ويتطلع إلى المستقبل.

نصائح للوالد (الأب أو الأم) الباقي على قيد الحياة فور حدوث الوفاة:
1- يجب إبلاغ الطفل فورًا عندما يتوفى الأب والأم لمنع حدوث أي صدمات إذا سمع من أي شخص لا يعرفه.
2- يفضل أن يخبر الطفل بالوفاة شخص قريب منه أو من محيط الأسرة يمنحه شعورًا بالأمان.
3- استخدام صوت هادئ عند إخبار الطفل، وليس همسًا أو صوتًا فيه صراخ.
4- تجنب العبارات الخيالية الملطفة لوقع حدث الوفاة، مثل "الضياع أو النوم أو السفر"، لأن الأطفال يفسرون الكلمات حرفيًا.