الجمعة 19 أبريل 2024 06:23 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

#بلا_هوية

الدكتورة مارى جرجس رمزى تكتب : العقد الالماظ

الدكتورة مارى جرجس رمزى
الدكتورة مارى جرجس رمزى

في إحدى البلدان  عاشت إمرأة  بسيطة  كانت  إحدى المسؤولات عن منزل إحدى السيدات الثريات  تفانت جدا في خدمتها سنين طويلة وكانت رمز للأمانة والثقة
جاء يوم زفاف ابنها واستسمحت السيدة الثرية الكريمة ان تقترض عقدا جُنَّت بجماله  لتظهر به وسط عائلة انسبائها الجدد أصحاب الوضع الاجتماعي الممتاز وتحظي بصور تفخر بها على مر التاريخ أمام صديقاتها وأحفادها بمظهر ثري فخم يسلب العقول
بلا أي لحظة تردد _ولسابق معرفتها التامة بتلك الموظفة الأمينة ببيتها_ وافقت الليدي الثرية وفي الحال اقرضتها ما طلبت؛ أجمل ما تملك من التحف
خرجت السيدة وارجلها لا تحملها من الفرحة فسيدتها قد أقرضتها أجمل ما تملك حقا.... لطالما رأت هذا العقد عليها في أفخم وأهم المقابلات  والمناسبات لسيدتها الجميلة وكانت دائما تُثني على روعته وأنه فعلا أجمل ما امتلكت سيدتها
جاء يوم الحفل البهيج وعلت صيحات الفرح والحبور وارتدت السيدة  أجمل ثوب وفوق منه زينته بتلك الاسطورة التي طالما حلمت ان ترتديها ولو لثوانٍ معدودة وتلتقط بها صورة واحدة
مر الحفل  كأجمل ما يكون الجميع مبتهج وكانت جميلتنا تتحسس العقد كل فترة لتطمئن على استقراره فوق صدرها 
وبعد انتهاء الحفل دخلت غرفتها وهي تتحسس ما فوق صدرها وإذ بضربات قلبها تتوقف من فرط سرعتها
العقد لم يكن فوق صدرها
أظلم الكون كله في لحظة وكادت  تفقد الوعي تماما وإذ بها تلملم شتات نفسها لتبدا تفكير في تلك الكارثة التي حتما ستودي بحياتها ومستقبلها وسمعتها.. وكل شئ
كان لتلك المرأة زوج طيب حنون لم يشاء ان تُذَل زوجته او يُساء فهمها او تفقد عملها فما كان منه إلا أن اسرع في بيع منزلهم الكبير واقترض مبلغ كبير بضمان محل عمله الخاص وباع ما يملك من الذهب وكذلك فعلت زوجته وبسرعة البرق تم شراء نفس العقد الالماظ بموديله المعروف لدي اكبر بيوت الماس في العالم
وبعد انتهاء الإجازة  التي طلبتها المرأة لزفاف ابنها وعودتها لعملها قدمت لسيدتها العقد في علبته وكان شيئا لم يكن
مرت الايام والسنون  واجتاحت البلاد ازمة اقتصادية عظيمة ولم يبق اي مجال للعمل لزوجها فاضطر ان يرحل بزوجته الي بلد اخر عسى يجد فيه عمل واضطرت المرأة ان تصارح سيدتها بما حدث وما أدى بهم الي ذلك الحال البائس وأنهم اضطروا لبيع البيت والاستدانة بمبالغ وهمية لشراء ذلك العقد الماسي منذ سنوات وهاهو الحال الآن 
نظرت الليدي الي السيدة الباكية نظرة تعجب لم تنظرها قط في حياتها الي احد وقالت لها
العقد الذي اقرضته لكي لم يكن سوي قطعة حلى جميلة لا تساوي اي شئ  ووجدتك مبهورة به دون كل ما أملك وطلبته تحديداً لذا أردت إساعدك يوم زفاف ابنك لاني اعلم  مدى انبهارك به كلما ارتديته أمامك
حبيبتي هذا العقد بلا قيمة
سقطت المرأة مغشيا عليها تماما هذه المرة وبعد ساعات أفاقت
منحت الليدي ثمن العقد الماسي لتلك المرأة الأمينة المسكينة وحُلَت كل مشاكلها
تلك القصة تتكرر يوميا بحياتنا
اكم من شخوص وأمور  وأحلام اضعنا فيها عمر وجهد ومشاعر وهي بلا قيمة
أكم من كنوز كانت بين يدينا واستهنا بها في غفلة من الزمان ففقدنا الصدق والأمان والحب الحقيقي للأبد وبلا رجعة ولا تكرار لنرتشف أشباه الحب  ونتلمس فتوت المشاعر ونوهم أنفسنا بأنها حقيقية وقلوبنا تنزف نزفا على من أضعناهم إلى الأبد ولن نعوض ظفر من اظافرهم
احترسوا أحبائي من أن تضيعوا اعماركم ومشاعركم  خلف عقد مثل هذا العقد الالماظ... الكاذب