الخميس 28 مارس 2024 10:47 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور حمدى الجابرى يكتب : أمل جديد لصناعة وتجارة مصر مع نيفين جامع

الدكتور حمدى الجابرى
الدكتور حمدى الجابرى

الآن وقد هدأت فورة التهانى والتبريكات للوزراء الجدد المؤكدة للعادة الفرعونية (مات الملك عاش الملك ) ، وقبل أن يمر الوقت ليتكرر من جديد نفس الوضع مع وزير آخر جديد بعد أن يصبح الحالى قديما على طريقة (دوخينى يالمونة)، لابد من الوقوف وبكل وضوح على مافشل السابق فى تحقيقه وما يجب على الجديد النجاح فيه .. بعيدا عن الشعارات والتهانى والتبريكات والوعد بكل جميل .. آت .. سرعان ما يكتشف أنه كان مجرد .. وعود وأمنيات .. 
وإذا تركنا وزارات الصحة والمالية والثقافة والاستثمار والكهرباء والتضامن الاجتماعى والتموين والاعلام والسياحة والآثار لأحاديث قادمة فإنه من المفيد الوقوف عند أحدث وزيرة للصناعة والتجارة السيدة نيفين جامع .. 
وكالعادة بدأت نيفين جامع عهدها بأحاديث كلها أمل وتفاؤل بتحديث الصناعة والتجارة وحل مشاكلها والنهوض بها واستبدال الوارد بصناعة محلية وإنشاء مجمعات صناعية جديدة تضم آلاف المصانع والمصنعين .. كل ذلك تنفيذا لتوجيهات السيد الرئيس .. وهنا وقبل الإفراط فى الوعود والأمنيات قد يتبادر الى الذهن مجرد سؤال .. ليس عن مدى جدية اهتمام رؤساء مصر فى السابق بالصناعة والتجارة ولكن عن الجديد فى اهتمام السيد الرئيس المعلن عنه الآن دون أن يتساءل أحد عن حقيقة وجوده قبل تولى الوزيرة الحالية وأعتقد أنه كان موجودا وقائما ومعلنا عنه بل والشكوى من الفشل فى تحقيقه وعدم تنفيذه وهو ما أدى الى تغيير من سبق لكى يصل من لحق .. كل الوزراء فى كل الحكومات وصولا الى الوزيرة الحالية .. 
وإذا نظرنا الى بيان حالة الوزيرة الجديدة سنجد أن خبراتها بالصناعة والتجارة لا تقارن بخبراتها المصرفية فهى ليست من التجار المشهود لهم بالبراعة أو حتى اللعب بالبيضة والحجر والتوكيلات والاحتكارات ، وليست من المصنعين أصحاب الخبرة فى التصنيع لكل ما يحتاجه الانسان فى الداخل والخارج وبعضهم برع فى عمله الى درجة الحصول على مصانع قديمة جاهزة متعثرة بينما بعضهم الآخر ينتظر دوره فى الحصول على مصانع أخرى كان لها (شنة ورنة ) ذات يوم قبل أن تصبح .. متعثرة .. 
كل ذلك إذا كان ليس فى صالح الصناعة والتجارة – كما أثبتت الأيام - فانه فى نفس الوقت فى صالح الوزيرة الجديدة صاحبة الخبرة .. المصرفية .. فهى حاصلة على بكالوريوس تجارة وقضت معظم حياتها الوظيفية فى العمل فى البنوك المصرية وبنك الكويت الوطنى .. قبل  توليها رئاسة جهاز تنمية الصناعات المتوسطة والصغيرة الذى كانت مهمته تقديم الدعم المالى والنصائح لمن يريد الإقتراض لبدء وتشغيل أحد المشروعات الصناعية .. المتوسطة والصغيرة .. وبالفعل نجحت فى مد يد العوض لآلاف المشروعات وبالمليارات من الجنيهات .. وأظن أن هذا النجاح يمكن ادراك أبعاده ليس من خلال المليارات المخصصة له للإقراض ولكن وبالدرجة الأولى من خلال المنتج النهائى الذى يلبى حاجة المجتمع  بجانب توفير فرص العمل للملايين الذى يعملون فى هذه الصناعات الصغيرة والمتوسطة أو أيا كان توصيف حجمها .. 
وحتى لا يظل الحديث مرسلا وهو ما لا أظن أن الوزيرة الجديدة تحسنه أو تفضله بحكم تعاملها كمصرفية محترفة مع الحقائق والأرقام ربما يكون من المفيد الوقوف مثلا عند أحد أسباب معرفة الرئيس لجهودها .. أى الصناعات التقليدية .. الحرفية .. البيئية التى ( دلعتها ) وزارة الثقافة بتسميتها (الصناعات التراثية) .. 
مع الأخذ فى الاعتبار أن الوزارة التى تولتها هى صاحبة الخبرة والتاريخ بل والمسؤولية القانونية عن هذه الصناعات التقليدية مهما كانت تسميتها .. متوسطة أو صغيرة .. كما أن نفس الوزارة سبق أن أعلن وزير سابق للتجارة والصناعة فى مؤتمر خارج مصر فى الجزائر على ما أظن أنه توجد خطة قومية جديدة فى مصر للنهوض بالصناعات التقليدية تقوم بالعمل على تنفيذها وزارة التجارة والصناعة .. بجانب وجود عشرات الجهات والجمعيات والتجمعات فى القاهرة والمحافظات التى تدعى العمل على النهوض بهذه الصناعات المتوارثة من الأجداد .. وهى نفس الصناعات التى حرص السيد الرئيس أكثر من مرة وفى أكثر من مؤتمر للشباب على المناداة بضرورة الاهتمام بها وتطويرها لسد الاحتياجات الخاصة بالأسرة المصرية وأيضا لدورها فى دعم الصناعة المحلية المعتمدة على الموارد والمميزات الصناعية والزراعية والانتاجية الخاصة بكل محافظة وكذلك التغلب على البطالة بتشغيل الشباب الذين يمكن لهم بدورهم من خلال هذه التجمعات الصناعية المتوسطة أو الصغيرة بناء مجتمع وأسرة منتجة  .. وأظن أن المعارض الخاصة بالصناعات التقليدية التى كانت تقام فى مؤتمرات الشباب التى يعقدها السيد الرئيس كانت أحد أسباب معرفته ومعرفتنا بها .. 
هذه الصناعات التقليدية المتوارثة مبعثر دمها بين القبائل .. وزارات واتحادات وجمعيات كل منها يدعى العمل على تطويرها والنهوض بها وبأهلها دون أن يضمهم جميعا مجلس أعلى يخطط ويتابع ويشرف ويحل مشاكل هذه الصناعات .. مع انها تستحق لأهميتها ودورها مجلس قومى جديد تحت رئاسة الرئيس نفسه باشراف وزيرة التجارة والصناعة على الأقل لتسهيل مهمته ومنعا من تداخل وزارات وجهات حكومية أخرى تحاول الحصول على جزء من اهتمام الرئاسة بهذه الصناعات التقليدية عن طريق تقديم ورش ومعارض لمنتجات الحرف التقليدية وكلها مجتمعة لا تخرج أو لا تزيد كثيرا عن جهود الاذاعية الراحلة نجوى أبو النجا ومعارضها الكثيرة للمنتجات الحرف التقليدية بكل أشكالها التى كانت تقيمها لسنوات طويلة رحمها الله .. 
هنا ربما يكون مفيدا لهذه الصناعات التقليدية وأهلها ولتحقيق مانادى به  السيد الرئيس وحرصا على وقت وجهد الوزيرة البدء فورا بتشكيل المجلس القومى للصناعات التقليدية لتحقيق وظائف وأهداف عملية محددة .. طبعا ليس على غرار المجلس الأعلى للثقافة والمجلس الأعلى للآثار والمجلس الأعلى للصحافة وغيرها من المجالس العليا مع النص فى قرار إنشائه – المجلس الجديد - على ضرورة الالتزام بقراراته حتى لا تكون غير ملزمة للجهات التنفيذية فيصبح وجودها مثل عدمه ..
من ناجية أخرى ، ومع الحماس لكل مابشرتنا به الوزيرة الجديدة فى تصريحاتها الوردية   المعتادة من كل وزير جديد ، ومع كل أمنياتنا لها بالنجاح فى تحقيقها فان الأمل فى الجديد .. تجمعات صناعية ومصانع وصناعات ومعارض ، ربما يكون الأكثر تأكيدا على قدرتها على الانجاز لما تعد به من آمال وطموحات هو إثبات قدرتها على الإنجاز الفورى أى تنفيذ ما وعدت به من تشغيل آلاف المصانع المتعثرة أو المتوقفة بما هو أكثر من .. الوعد .. وذلك من خلال خبرتها المصرفية عن طريق توفير التمويل اللازم لإعادة التشغيل للمصانع المتوقفة بالاتفاق مع البنك المركزى حتى ولو دخل كشريك بنسبة ما سيدفعه من ديون لهذه المصانع للوزارات والجهات والأفراد ، وربما تتوصل الوزيرة بحنكتها وخبرتها الى تحديد مدة استمرار هذه الشراكة بعد قيام هذه المصانع بالنجاح فى تحقيق الأرباح الكافية لسداد ديونها .. للبنك المركزى .. وإذا كان السيد طارق عامر منشغلا فى إعادة الدولار الى أربعة جنيهات كما سبق أن وعد منذ سنوات فانه يمكن لكل الجهات الدائنة لهذه المصانع الدخول كشركاء بمقدار ديونهم ويصبح على وزارة الصناعة والتجارة  المشاركة بالأموال اللازمة للتشغيل الفعلى .. بدون ديون أى على بياض .. وهنا لابد من إدراك أن أحد أهم أسباب توقف هذه المصانع التى تزيد عن الخمسة آلاف مصنع هو مطاردة أصحاب الديون من الوزارات والمصالح والأفراد لأصحاب هذه المصانع بما فيها تأمينات العمال .. ولا أظن أن أصحاب هذه المصانع لن يسعدهم هذا الحل البسيط الذى سبق أن نادى به المرحوم صلاح جودة منذ سنوات بعيدة استمر خلالها وحتى اليوم توقفها وكذلك استمرت الوعود بالعمل على إعادة تشغيلها .. ربما من كل وزراء الصناعة والتجارة .. قبل نيفين جامع التى أتمنى أن تختلف وعودها هنا عن كل من سبقها .. 
مشروع صناعى آخر عظيم .. متعثر بل ومهدد بالبيع والتصفية .. الحديد والصلب المصرية الذى كان يعد أحد مفاخر الصناعة المصرية والذى أقامته الدولة فى زمن عبد الناصر بأموال وأراضى وتجهيزات من المال العام .. بل وربما بمساهمات أو أسهم دفع ثمنها أهل مصر والذى ترك لمصيره التعس منذ سنوات طويلة دون أية محاولات جادة لإنقاذه ربما تمهيدا للتخلص منه بالبيع أو التصفية التى ستصبح جريمة متكاملة الأركان فى حق الصناعات المصرية ولا أظن أن أى وزير سابق أو حالى يمكنه تسهيل هذه المهمة المخزية التى سيلحق عارها بكل من ساهم فى تحقيقها ، وعلى الأقل إذا كان هذا المشروع الصناعى الحيوى والهام والضرورى ينسب فخر وجوده لعبد الناصر فاننى لا أظن أن الوزيرة الحالية أو أى وزير لاحق يمكنه تحمل إلصاق تصفيته وبيعه والتخلص منه الى السيد الرئيس السيسى أو فى عهده .. ولذلك أعتقد وفى ضوء تاريخ نيفين جامع كمصرفية ناحجة فى دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة أنه يمكنها تقديم خدمة جليلة لنفسها والرئيس والنظام ولمصر وصناعاتها بإنقاذ الحديد والصلب من الغربان التى تنعق لتصفيتها .. وبالطبع يمكنها إذا وجدت المزيد من الوقت انقاذ مصنع سمنود وغيره من المصانع القائمة والمتعثرة ربما بفعل فاعل أحيانا.. 
المبشر بالفعل بداية تحرك الوزيرة نيفين جامع خارج القاهرة والاجتماع مع المحافظين لبحث امكانية النهوض بالصناعات القائمة فى كل محافظة المعتمدة على منتجها الزراعى الذى تشتهر به .. وأظن أن استمرارها على هذا المنوال سيؤتى ثماره عندها تصبح وزارة صناعة وتجارة مصر كلها بجانب القاهرة والأسكندرية أحيانا ..