الخميس 18 أبريل 2024 07:06 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور حمدى الجابرى يكتب : بعض الدروس المستفادة من يوتيوب الثقافة 

الدكتور حمدى الجابرى
الدكتور حمدى الجابرى

أثرت كورونا والحظر كثيرا على أداء بعض وزاراتنا وبالذات السياحة والثقافة والشباب وغيرها وتوقف نشاط معظم قطاعاتها وإداراتها أو كاد أن يتوقف تماما وبالذات في القطاعات التي تعتمد في انتاجها وتلقيها على الجماعات (فنانين وفنيين وأمن ومنظمين) والتجمعات (جمهور) مما أدى الى تجميد انتاجها وتقليص خدماتها الى حد العدم أحيانا وهو ما يعنى توفير ميزانية الإنتاج والأجور والمكافآت والدعاية والاعلان دون أن يمس ذلك بالطبع المرتبات وما يتبعها من حوافز ومكافآت جهود غير عادية حتى لا يضار الموظف ماديا .. وهذا أمر محمود يحسب للحكومة لتبقى مشكلة التصرف في ميزانية الإنتاج الذى لم يتحقق وما يتبعه من أجور ومكافآت فلكية أحيانا ..
ومثلا في المسرح إذا كان توقف الإنتاج والعروض والمهرجانات والندوات والمؤتمرات تماما يعنى توقف الصرف بالضرورة الى حين أن تنزاح غمة كورونا فان المنطق يقتضى أن تنتهز الأجهزة الحكومية في الوزارة والوزارات المماثلة فرصة البطالة الرسمية ليس فقط لإعادة النظر في منتجها الثقافي القديم للوصول الى أفضل السبل لتطويره والنهوض بعناصره في ظل المتغيرات الجديدة ولكن أيضا في طرق وأساليب توصيل هذا المنتج الثقافي الى المتلقى في كل مكان ..
وحسنا فعلت وزارة الثقافة عندما قررت المساهمة في إبقاء المواطن في البيت بعرض انتاج أجهزتها المختلفة القديم على النت مع بعض الأنشطة الفردية الجديدة (ورش ومحاضرات وغيرها) وهو اذا كان أمرا محمودا أتمنى أن يستمر بعد انتهاء الأزمة إلا أنه في نفس الوقت يثير الدهشة بسبب ضياع كل هذا الوقت الطويل ، مع الوزيرة وكل وزراء الثقافة بعد الثورة ، منذ اعلان الوزير الأسبق فاروق حسنى عن إنشاء قناة الوزارة التليفزيونية والتي ظلت حلما الى أن اضطرت الوزارة الحالية الى اللجوء الى بديل لها الآن .. موقع على .. اليوتيوب !
وهنا لابد من الإشادة بأضعف الإيمان أي لجوء الوزارة الى اليوتيوب لتأكيد استمرار وجودها وفعالياتها من خلال عرض أنشطتها القديمة وبعض الورش والمحاضرات الجديدة ، ذلك العرض الذى يأمل أصحابه وصولها الى قطاع أعرض من حضور مثيلاتها الفعلى القديم الذى كان يقتصر عادة على القلة من الراغبين والمهتمين بموضوعاتها في أماكن عقد هذه الورش عادة في القاهرة والأسكندرية أحيانا ، لأنه من المأمول أن تصل مع البث اليوتيوبى الجديد الى قطاع أعرض بكثير في القاهرة والإسكندرية وخارجهما .. ومع هذه الإشادة لابد من التذكير بالشكوى القديمة المستمرة من انصراف الجمهور عن معظم انتاج الوزارة مثل الأنشطة والمسرحيات والمهرجانات القاصرة على الضيوف والموظفين المنتفعين من (السبوبة) ، وكذلك المسرحيات التي كثيرا ماكانت تعرض لإستكمال مدة عرضها ولو .. للكراسى الخالية .. أحيانا .. ولا شك أن عرضها على موقع اليوتيوب قد الى ترويج الراكد من إنتاجها المسرحى بجانب المتميز طبعا ، وكذلك حتما ولابد أن يكشف ذلك العرض اليوتيوبى للجمهور عن حجم خسارة الجماهير عندما انصرفت عنها في زمن عرضها الحى على المسرح .. أو العكس ..
فائدة أخرى حتمية من وراء عرض انتاج قطاعات أجهزة الوزارة المختلفة وهى اكتشاف الصالح من تسجيلاتها (هندسيا) للبث التليفزيونى ، عندما تتحسن الأحوال ويأخذ الله بيد الوزارة فتنشىء قناتها التليفزيونية ، ليس بهدف محاسبة المتسبب في ضياع جهد وعرق الفنان والأموال على غير الصالح منها للبث التليفزيونى ولكن بهدف البحث عن سبل إصلاحها اذا كان ممكنا أو تلافى هذه الأسباب في المستقبل على الأقل .. وبالمناسبة تم صرف مستحقات تصوير هذه المسرحيات (الحكومية) للعاملين فيها رغم رفض التليفزيون (الحكومى) لبعضها .. هندسيا .. فهى حقوق واجبة الأداء لمستحقيها من غير المتسببين في حدوثها !
سؤال أخير إجبارى هذه المرة عن التنسيق المحتمل بين وزارتى الثقافة والاتصالات حول إعفاء موقع الوزارة أو تخفيض تكلفة استخدامه لتيسير استفادة المتلقى المصرى من هذه القناة وإبقائه في البيت لإمتاعه وتثقيفه عبر النت مع صرف النظر عن أن نفس المتلقى لم يكلف نفسه عناء الذهاب الى المسرح مثلا لحضور عرض مسرحى ولو بدعوة مجانية ربما بسبب الزحام أو المواصلات أو سوء حالة بعض دورالعرض المسرحى .. ومع ذلك يظل من المستبعد أن يقوم نفس المتلقى باستهلاك (باقة النت) في مشاهدة عروض وأنشطة انصرف عنها .. حتى ولو كان مضطرا للبقاء في بيته .. لأنه ربما سيفضل مشاهدة أعمال أخرى أكثر إمتاعا ورواجا ودعك من تقدير الفائدة .. النسبى .. كل هذا إذا كان يملك كومبيوتر أو لاب توب أصلا .. في القرى وبعض المحافظات .. بعيدا القاهرة والأسكندرية أحيانا .. !
وأخيرا .. بسبب إمكانيات الوزارة وموظفيها وقياداتها وتكلفة أجهزتها ومواقعها وملايين ميزانيتها ، لا أظن أن هذا الموقع على اليوتيوب مهما كان محتواه هو أفضل ما يمكن للوزارة عمله في هذه الأيام والدليل أنشطة مماثلة على نفس اليوتيوب قام بها بعض الأفراد قبل كورونا وقبل الثورة نفسها .. و.. مماثلة هنا فيها ظلم بين ليس للوزارة أو الوزراء والقيادات ولكنها ظالمة لهؤلاء الأفراد المبدعين وانتاجهم القديم والمستمر وبنفس الوسائل اليوتيوبية وغيرها التي ثبت نجاحها وفائدتها وتأثيرها على الإنسان والوطن .. فهم أكبر وأفضل وأكثر انتشارا وتأثيرا .. وحلما يسعون لتحقيقه منذ سنوات بعيدة أصبح بعدها نجاحهم فيها .. مشهود ومعترف به .. ليس عند أهل الوزارة وبالذات من يحاولون إعادة اختراع العجلة .. فهل لدى الوزارة فكرة عنهم ؟ أشك ..

حمدى الجابرى وزارة الثقافة المسرح