الخميس 25 أبريل 2024 04:32 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتبة الصحفية دعاء فتحى تكتب : مختل البيت الأبيض

الكاتبة الصحفية دعاء فتحى
الكاتبة الصحفية دعاء فتحى

مختل وغير متوازن و جاء بما لم يأتى به من سبقوه هكذا عبرت نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى عن الأفعال غير السوية لانسان من المفترض أنه مسيطر على اكبر مواقع المسؤولية بالولايات المتحدة الأمريكية بل جلس على مقعد رؤوساء عظماء شكلوا على مدار التاريخ مكانة واسم لامريكا على خارطة دول العالم وتعد هذه هى المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يواجه فيها رئيس إجراءات مساءلة في الكونجرس مرتين في فترة رئاسية واحدة حيث وجه مجلس النواب اتهامات لترامب للمرة الأولى فى ١٨ ديسمبر عام ٢٠١٩ بهدف عزله وكانت تتركز الاتهامات فى إساءة استغلال النفوذ و عرقلة عمل الكونجرس لكن لم يحظ قرار الاتهام بدعم أي من النواب الجمهوريين وقتها
أما هذه المرة فهناك نحو عشرة من الأعضاء الجمهوريين أعلنوا انقلابهم على الرئيس ترامب ودعم قرار الاتهام بعدما قاما ترامب من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بتحريض أنصاره مؤكدا أن الانتخابات الرئاسية حدث بها تزوير لصالح بيدن مما دفع بعض المهووسين به لاقتحام مبنى الكونجرس لأول مرة منذ نشأة امريكاوسقوط قتلى وهو ما دعا بيلوسى لان تعلن أن ما قاما به ترامب لهو أمرا خطير يستوجب مقاضاته مطالبه من أعضاء الكونجرس إعداد مسودة تشريع تهدف إلى تفعيل التعديل الخامس والعشرين بالدستور الأميركي والذى يسمح بعزل الرئيس وتسليم الحكم لنائبه اذا اصبح عاجزا عن القيام بواجباته الرسمية كما أكد العديد من الديمقراطيين أن ما قاما به ترامب يعد جرس انذار يجب التحرك قبل انفلات الأوضاع الأمنية وهذا ما أدى إلى التصديق على قرار عزله بعدها ينتظر ترامب مقاضاته على ما اقترفه من اخطاء هزت صورة الديمقراطية بامريكا أمام العالم

وارى مثل عدد كبير من الأمريكيين و بعض المحللين السياسين أن ترامب كان لا يصلح أن يكون عمدة على مدينة صغيرة بأمريكا فالكرسى الرئاسى كان أكبر من حجمه وعقله فأصابته لوثة العظمة خاصة وأن هذا الكرسى كان أبعد من طموحاته واكثر خيالا من أحلامه التى كانت تقتصر فى بدايات حياته على التمثيل ولكنه لم يحصل من حلمه هذا سوى على مشهد فى دور كومبارس بفيلم ( وحدى بالمنزل ٢ ) عام ١٩٩٢ كذلك لفت أنظار البعض فى رياضة المصارعة الحرة حتى اشترك فى برنامج تمثيلى للمصارعة (wwe) ومن يشاهد حركاته التهريجية على حلبة المصارعة لن يجد سوى انسان مهووس بالشهرة وبأى ثمن حتى قاما عام ٢٠٠٩ بشراء جميع تذاكر إحدى مباريات المصارعة

دخل ترامب كذلك فى عدة مشاريع فاشلة منها شراء كازينو تاج محل من عائلة كروسبي، ولكن مشروع الكازينو افلس. وتزايدت عليه الديون وكانت الأخبار التي نقلت عنه في أوائل التسعينيات تغطي مشاكله المالية، وفضائح علاقاته خارج نطاق الزوجية مع مارلا مابلز والذى ادى ذلك إلى طلاقه من زوجته الأولى
ايفانا ترامب ليرتبط بعد ذلك عام ٢٠٠٥ بميلانيا والتى يعلم الجميع حكاياتها وسيرتها التى ليست فوق مستوى الشبهات

كذلك عمل ترامب فى مجال العقارات وحقق نجاحات فى هذا المجال ولكن ذلك النجاح لم يشبع هووسه بالشهرة لان هؤلاء المرضى بحبهم الجنونى لأنفسهم لديهم تضخم كبير فى الذات يرون وكأن العالم خلق من أجل خدمتهم فقط وانهم مركز الكون والكل يدور فى فلكهم ولذلك سعى ترامب للسلطة وبالفعل حاول عام ٢٠٠٠ ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية عن حزب الإصلاح الأمريكى ولكنه لم يحظى بشعبية تؤهله للترشح وقتها ثم انضم لحزب الجمهوريين ليحاول الترشح عام ٢٠١٢ ولكنه تراجع ليدخل عام ٢٠١٦ الانتخابات الرئاسية ليفوز هذه المرة ويصبح الرئيس الخامس والاربعون للولايات المتحدة الأمريكية ولأن من ضمن أحلامه التمثيل فقد شعر بعد تقلده السلطة أنه قد حصل على اكبر دور بطولة فى اضخم فيلم بالعالم وجميع من حوله يختلفون ما بين ادوار تانية أو مساعدة أو ادوار ثانوية والباقى كومبارس عليهم فقط تنفيذ أوامره بدون مناقشة

وهذا ما أوقع به فى تلك النهاية المخزية

وتأتى هنا العديد من التساؤلات كيف لانسان بهذا التاريخ والبعيد تماما عن العمل السياسى أو حتى التصرفات الجادة والمتوازنة أن يصل لكرسى السلطة دون كبار الشخصيات ورجال الدولة المحنكيين سياسياً كيف لرجل اعترض على مجرد تواجده بالانتخابات الرئاسية كبار الشخصيات والفنانين ومشاهير امريكا وسخروا من مجرد فكرة حصوله على كرسى الرئاسة أن ينجح وبالفعل يتقلد منصب بعيدا عن شخصيته وفكره وتصرفاته السابقة ولذلك توقعت مثلما توقع آخرون منذ فترة أن ترامب لن يخرج من السلطة بسهولة وأنه أما سيقوم بشن حرب أو ضربة عسكرية ضد إيران أو غيرها حتى يستمر حكمه أو سيفتعل اى أزمة أو خلق عدو غير محتمل يظهر فجأة ليهدد آمن امريكا حتى يؤخر زحزحته عن الكرسى وبالفعل لم يكذب ترامب توقعات كل من ادرك شخصيته وتتبع تصريحاته وأفعاله ليقوم بهذه الأخطاء الغير مسبوقة والتى حاول من خلالها احتلال كرسى الرئاسة ضاربا بالديمقراطية التى تتزين أمريكا بها أمام العالم عرض الحائط