الأربعاء 24 أبريل 2024 11:09 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. حمدى الجابرى يكتب : الحديد والصلب والثقافة .. نفس الحدوتة .. الملتوتة

د. حمدى الجابرى
د. حمدى الجابرى

( وزير قطاع الأعمال قال ان مصنع الحديد والصلب مايسواش 10 صاغ )

هذا التصريح المستفز هو ما نشر دون أى إعتبار لحزن الناس على هذا الصرح العزيز ، مع ملاحظة أن هذا التحديد لقيمة هذه القلعة وبالقرش صاغ يشير الى أنه رجل قديم قادر على التمييز والحكم والتقييم ويعرف قيمة القرش صاغ وبالتالى قيمة الجنيهات التى إكتتب بها فيه أهل مصر والتى اقتطعوها من قوتهم من أجل بناء الحديد والصلب ، وان كان فى نفس الوقت من الغريب وهو الرجل القديم الحكيم أن يتصور أنه بهذا الإستخفاف المهين يضع حدا لإحساس الناس بالخيبة والمرارة والأسف على ضياع مصنع الحديد والصلب الذى تقرر تصفيته .. وبدون محاولة الدخول فى التفاصيل الفنية أو الإجرائية أو المادية فهذه أمور تخصصية من حق الخبراء وحدهم تناولها ومن الواجب إتاحة الفرصة لهم لتعريف أهل مصر بالحقائق ليس كتمهيد لتلقى هذا الخبر .. الأسود ومنيل .. ولكن للبحث عن حل لحلم شعب ومستقبله ..

من ناحية أخرى ، لا أظن أن الوزير بهذا الإستخفاف والإستفزاز المهين يقصد أن تبادله الناس الحديث بنفس الأسلوب الذى لن يرضيه بالتأكيد خاصة وأن الأمر قد يتحول الى معركة شخصية ربما تتوه فيها معالم وعناصر أهم بكثير .. معالم وعناصر أكبر وأكثر قيمة وجدوى .. فهو شأن عام يتعلق بمصير استثمارات ومدخرات وذكريات وآمال ومتطلبات وإحتياجات تستحق معركة عامة أكبر من الوزير نفسه لأنها ببساطة تتعلق بتاريخ وواقع ومستقبل أمة ..

وبدون أى رد مناسب ومستحق للوزير أظن أنه يمكن الإستعانة بحدوتة الى أن نتمكن من إعادة التفكير .. بهدوء.. ربما بعد الحدوتة نتوافق ومعنا الوزير على الحل .. طبعا إذا لم تكن الحدوتة .. ملتوتة ..

زمان واحد مهم فى الوزارة مقرب جدا للوزير كان بدون مبالغة أقرب الى معاون منزلى و( مسلياتى ) منحه فرصة الحياة فى بلاد الفرنجة فى الغربة وأنه إستمرت جمايله عندما منحه منصبا كبيرا فى الوزارة عندما تولاها ..

الوزير الذكى لأنه يعلم قدراته وإمكانياته وبالذات تخصص دراسته الحاصل على مؤهل رسمى فيه إختار له منصبا لا علاقة له بدراسته وتخصصه .. موقع لا شكل ولا طعم له فى الوزارة بلا دورحقيقى له مطلوب إنجازه ويلزمه تخصص وممارسة ليتحقق منه عائد ملموس ولذلك كان يمكن أن يشغله أى أحد ومن أى تخصص أو حتى بدونه ولذلك تولى هذا الموقع الكبير اسما الضئيل أو المعدوم أثرا وإنتاجا وعائدا حتى اليوم عدة اشخاص لا يربط بينها رابط سوى رئاسة الموقع وتقاضى مرتبه الكبير ومكافآته والتمتع بمميزاته المنظورة والخفية التى تتناسب مع المقرب الموعود .. الذى قد يتصادف أن يكون .. (موظف) كبير سابق فى أحد الأجهزة الهامة أو (ضابط) ترك الخدمة أو (مخرج أو ممثل) لم يكن له حظ أو نصيب من النجومية أو حتى (مهندس) لم يضبط يوما متلبسا بممارسة الهندسة !

المهم هو أن هذا الهابط من السماء على الوزارة فى هذا المنصب الهلامى كان قانعا بما رزقه الله من خيرات الى أن عاوده بفعل فاعل الحنين الى التخصص المفقود وهيأ له الوسواس الرغبة فى إثراء المنصب عن طريق ممارسة تخصصه ومجال دراسته المهجور منذ تخرجه أو حتى أية مشاريع أخرى وما أكثرها تلك التى انهالت عليه من أصحاب المصلحة الذين يزينون لمن كان مثله الأمور ويسهلونها تحت أية مسميات براقة .. تطوير ، ترميم ، إعادة إعمار ، إنشاء وتجهيز وحتى دعاية وإعلان وابداع وعروض مسرحية وكلها منافع ولوجه الله لخدمة .. الثقافة والوطن .. وعادة ماكان يصرف النظر عنها عندما نصل بعد مناقشة طويلة الى عدم جدواها أو أهميتها أو أثرها أو قانونيتها أو .. فسادها المستتر أو المفضوح ..

استمر الأمر كذلك أيام وشهور طويلة .. والنتيجة للأمانة بمجرد أن تشرح له الأمور يسارع الى التراجع و.. معاك حق .. ولو من تحت الضرس الى أن فاض به الكيل مع أحد المقترحات المريبة التى تكرر معها الرد وكالعادة لم يكن الرد مزاجى أى شخصى بل بعد الدراسة المستفيضة والموثقة من الإدارات المتخصصة .. ويظهر أنه قد فاض به ففاجأنى باستخفاف مبالغ فيه لا يقل استفزازا عن تقدير وزير قطاع الأعمال لمصنع الحديد والصلب الذى لا يساوى عشرة صاغ وذلك لتمرير مصيبة وبكلام مشابه مع الفارق طبعا عن مكان لاتصل قيمته الى واحد فى الألف ان لم يكن المليون من مصنع الحديد والصلب .. !

كانت المفاجأة صادمة لى لبعض الوقت الى أن تأكدت منه واصراره على تنفيذ مايقول وأنه يعنى كلماته وتقييمه المستفز وليس بالقرش صاغ طبعا ، عندها أسمعته مالذ وطاب من بعض مايستحق مشروعه ومن قدمه له من صفات، والغريب كان عودته فورا لإرتداء ثوب الحمل البرىء .. حضرته ولا كأنى قلت مايؤلمه ومشروعه وتقييمه لمكان تابع للوزارة وقال لى اكتب انت المذكرة وأنا حاتصرف .. ولأننى أعرف انه وقت الحساب سيهرب ويشيلها للوزير وحتما سيصيبنى رذاذها ، والتزاما منى بمقتضى الواجب الوظيفى، كتبت له بمنتهى الأدب موضحا المطلوب وضرره فى عدة أسطر آخرهم (والأمر مرفوع لإتخاذ ماترونه مناسبا ) .. وما أن قرأ الجملة الأخيرة حتى نقحت عليه كرامة المنصب وليس كرامته .. حضرته ثار وشاط وجرى للوزير يعيط وفلان أساء لى ولم يذكر شيىء عن المصيبة التى كانت تنتظرنى والوزير نفسه اذا تم له ماأراد .. وبعدها طلبنى رئيس قطاع مكتب الوزير وتظاهر بعدم معرفة الموضوع فى حين كنت واثقا من معرفته لكل تفاصيله عن طريق عيونه فى مكتبى ومكتب المهم إياه الذين ينقلون له كل كبيرة وصغيرة ويصورون إذا طلب ذلك .. فهكذا يستحق رئيس قطاع مكتب الوزير منصبه ، المهم أنه أثنى على رفضى وإلا كانت الوزارة ستقع فى نفس الخطأ الذى وقعت فيه فى موقع آخر وأمر سكرتاريته بطلب المستشار القانونى للمقرب أمامى ولامه على خروج مثل هذه الأمور دون دراسة قانونية ألا يكفى المشكلة المماثلة التى لم تحل، وخلاص يادكتور اعتبر الموضوع منتهى طيب أقول للوزير .. لا هو عارف .. ولم استغرب طبعا احتفاظ المقرب بمنصبه وحرصه فيما بعد على أن .. يلعب بعيد عنى ..

الحدوتة بالتأكيد ستكون ملتوتة إذا تصورنا نهايتها هنا لأن الأقرب أن تكون نهاية مفتوحة ، على الأقل لتظهر وكأنها تنبؤ أو لتشير دون أن تضرب الودع الى الأكبروالأهم الذى لم يتم تداركه فى حينه ، أى الى إهدار المصانع والشركات فى مصر فى نهاية حكم الرئيس مبارك والذى تم بعد الثورة الكشف عن كثير من تفاصيله فى مهازل الخصخصة التى يتحاكى عنها القاصى والدانى ..

وهنا لتحقيق مزيد من التشويق والإثارة التى تبعد السخط والملل عن الحدوتة الملتوتة المؤلمة ربما يكون فى تأجيل عرض الحل افساحا للطريق أمام المشاركة الشعبية العامة فى البحث عن الحل ..

والى أن يكرمنا الله والبلد والناس والرئيس بوزراء أصحاب حلم وإرادة وقدرة على التخطيط والتنفيذ ، لابد إعادة التفكير فى الحل بعيدا عن أى (قرش صاغ) لكى نصل الى النهاية السعيدة التى يتمناها أهل مصر والتى لا تبدو قريبة ، مع الأخذ فى الإعتبار أنه مهما تكرر الإستخفاف والإستفزاز ، وسيحدث فالصيد ثمين ، يجب ألا نقيم له وزنا بل ولا يجب نسمعه أساسا تنفيذا لقول الرئيس السيسى الذى طالبنا فيه بعدم سماع أحد غيره ..