الجمعة 26 أبريل 2024 02:05 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

حوارات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يحاور الدكتورة سامية خضر عن خطورة تجريف الأرض الفنية من القامات الفنية الأصيلة

الدكتورة سامية خضر
الدكتورة سامية خضر

أزعم أن الأعداء (الظاهر لنا منهم والخفي) يحاربوننا بالفن كما يحاربوننا بغيره ! لأنهم يبثون فينا عن طريقه مبادئهم وتقاليدهم وأفكارهم .حتي يصطبغ مجتمعنا بصيغتهم ؛ فلا تكون لنا شخصية ولا قومية فنصبح لهم كالظلال أو الأتباع ؛ فبعد أن كان عندنا من القدم فن راق وكان عندنا غناء راءع كان يستخدم في الترويح عن النفوس ؛ لدرجة أن بعض الأمراض كانت تعالج بالغناء ! فكان المريض يسمع الصوت الجميل القشيب فيرجع الي حال صحته .والطفل يبكي في المهد لوجود ألم فيسمع الصوت الجميل فيسكت وينام ؛ بل أن الصوت الجميل يؤثر في الحيوان الأعجم ؛ وقد ألف العرب منذ أقدم عصورهم نظام (الحداء) وهو الغناء للإبل حتي تهتز وتطرب ؛فتقوي وتنشط في المسير ؛ ولقد يحدو الحادي للإبل فتظل تمشي دون إحساس بالألم .ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنجشة حادي إبله : (يا أنجشه رفقا بالقوارير ) يريد بذلك ألا يسرف في حداءه وغناءه ؛حتي لا تسرع الإبل وهي طربه فتعنف حركتها فتهتز النساء فوقها اهتزازا مؤلما فيتعبن منه ؛ وقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه (الاحياء ) أنه (من لم يحركه الربيع وأزهاره ؛والعود واوتاره .فهو فاسد المزاج .ليس له علاج !؟وعندما قال الله تعالي :(إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)فهمنا منه أن الصوت القبيح يؤذي وينفر وفهمنا منه أن الصوت الجميل يؤثر ويطرب ؛.وحول تراجع الفن الجميل في المجتمع وحل محله الأداء النشاز ؛ التقيت لكم بالأستاذة الدكتورة سامية خضر صالح أستاذ علم الإجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس لترصد لنا الحالة فقالت:

علي الرغم من ان مصر قد اجتازت كثيرا من الصعاب فى الأونة الأخيرة خاصة بعد مواجهتها للتطرف والإرهاب؛.ونجحت في ذلك نجاحا باهرا ؛ وأصبحت تنعم بالأمان ؛ كما أن الإهتمام بالجوانب الإقتصادية ساعد فى رفع الكثير من الهموم من على عاتق البسطاء ؛ فلا يمكن ان نغفل مبادرات ١٠٠مليون صحة و كذلك اختراق مشاكل الريف ومشروع حياة كريمة وكذلك التعليم والطرق والعاصمة الجديدة ؛ وغير ذلك الكثير ؛ ولكن أغفلت الدولة التقدير حين توقفت عن انتاج افلام وبرامج تخدم القضايا المحورية .فلم يعد عندنا برامج أطفال؛ فلا بابا شارو ولا بابا ماجد، ولا أبلة فضيلة ولا ماما نجوى ابراهيم ؛ وأصبح الأطفال يشاهدون برامج تركية وهندية ؛ بل ويعشقون السوشيال ميديا ؛ بعد الفراغ التام لأى فكر يغذيهم ؛ وحتى المدارس كرست اهتمامها بالرحلات على رحلات المطاعم الشهيرة ؛ فلا رحلات للمتاحف المصرية التى اشتهرت بها مصر؛ ولا رحلات لمسارح الطفل.. وأصبح الطفل المصرى بلا هوية ثقافية ناهيك عن برامج المرأة التى تقع تحت عنوان (يا أنا يا أنت) أو (تلات ستات وراجل) او ( زوجة مفروسة جدا) هذا فى الوقت فارتفغت نسب العنوسة ؛ وزادت نسب الطلاق بصورة تكاد تكون مرعبة..كل ذلك والدولة لاتعطى الثقافة أيها اهتمام ؛ وإن كانت أخبار وزارة الثقافة وما تقوم به تعلن من حين لآخر فى بعض الصحف؛ ولكن لاتنقل على الشاشات فى دولة نسبةالشباب بها ٦٥% ؛ وبعد ذلك يصرخ البعض من ان أغانى المهرجانات قد اكتسحت الساحات بل لم يعد هناك اهتماما ببعض المخرجين ولا الكتاب ولا الملحنين ولا المطربين الذين اثروا الحياة المصرية ؛ ومن اللاهمية بمكان الإستفادة منهم.حتي مع تقدم مراحل العمر ؛ فإن الحاجة لهم ماسة . باعتبارهم نجوم الزمن الجميل .ابطال الأعمال الراقية .فيجب علي الدولة إلا تتركهم للمنتجين يتحكمون فيهم ويجلسوهم علي الخط ليشاهدوا مرغمين العك الفني . بجب عليها أن تتدخل لتذليل كافة العقبات أمام عودتهم لتجديد الحياة الفنية ؛ حتى لاتبور أرض الكنانة من الفن العظيم ؛ ولا يجد الشباب عندئذ قدوة أو مثل عليا فنيا أوادبيا ؛ وعليها أيضا التدخل لإنتاج أفلام تساهم فى تغذية المرحلة؛ مثال ما حدث فى عهد ناصر ؛ عندما اهتمت السينما المصرية بالقضاء على الإقطاع..فانتجت عددا من الأفلام التي تدعم التوجه العام مثل الأيدي الناعمة ؛ وعالجت به قضية مهمة وهي قضية التحول للانتاج ؛ وهناك بالطبع فرق كبير بين افلام تدعو للانتاج وافلام ترغب في الثراء !؟ وعندما جثمت المشكلة السكانية علي عنق الدولة ؛ كان هناك العديد من الأفلام والقصص التي تجابه ذلك مثل أفواه وارانب ؛.امبراطورية ميم ؛ أم العروسة. .وهكذا كان هناك تطويق لعقلية المواطن من خلال الفن والأناشيد ؛ فشجع كل المطربين من أم كلثوم إلى حليم مرورا بشادية ونجاة والجميع علي الإحساس بالمسؤولية لدرجة أنهم شعروا بانهم جزءا من المنظومة الادراية وعليهم دورا فنيا لابد أن يؤدي بمهنية واحترافية .فكانت كل الحفلات داخل الاوبرا تذاع على الهواء .. الآن قد لا نسمع عن مجهود وزيرة الثقافة ؛ كان نتيجة هذا أن الجمهور اتجه الي لون شعبوي سطحي .قام به الإنتاج الخاص والذي قدم لنا تحت مسمي الجمهور عايز كده .مخرجات شبه فنية مليءة بالاسفاف والبلطجة ؛اصابت الأذواق فاتجهت لشاكوش ورمضان وغيرهم ؛ وهذا أمر خطير و مؤذى للذوق العام ؛ سيخرج مصر حتما به من السباق الفنى الدولي ؛لاعتماده علي الملابس العارية والكلمات الجارحة والمشاهد المؤذية ؛ ولا يمكن ان نؤنب إلا أنفسنا؛ لأننا فرطنا في موقعنا وتركناه لايادي غير أمينة ؛فلن نشاهد بعد اعمال مثل آخر الرجال المحترمون. ولا المرأة المجهولة. ولا فيلم الأرض ولا صلاح الدين ولاضمير أبلة حكمت ..رغم أن انعام محمد على و فاضل وغيرهم مايزالوا على قيد الحياة .؟