الجمعة 19 أبريل 2024 02:37 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب: الجمعية الشرعية بالمحلة الكبري رافعة من روافع التنمية المجتمعية .

الكاتب  الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

لا يخفى عليكم ما للعمل الخيري من أهمية على المعوزين والفقراء والمساكين، لذا فقد حثَّ ديننا الإسلامي الحنيف على فعل الخير للناس، بل جعله سبباً للفلاح والنجاحِ في الدنيا والآخرة، كما أن القيام بهذا العمل ينمُّ عن مستوى عال من النضج الفكري والوعي الثقافي والديني الرصين؛ لأن الطريقَ إليه صعب؛ ويحتاج إلى التحلي بروح الصبر والمثابرة للظفر بالحسني .

الملاحظ أن هناك بيئة خصبة لنمو العمل التطوعي ، وبالمقابل هناك أيضا البيئة السبخة التي لا ينمو فيها تلك الأعمال .

أستطيع أن أقول إن مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية ، بيئة مناسبة تماما لنمو العمل التطوعي ، سواء كان ذالك على المستوى المؤسسي - الأشخاص والمؤسسات والجمعيات -، ولا ريب أن هذا مؤشر إيجابي ، إن دل على شيء إنما يدل على رفع مستوى الوعي المدني و الحضاري في المجتمع المحلاوي.

فالعملُ الخيري _ كما هو معلوم _ له أهداف وأبعادٌ متعددة، - لا يمكن حصرها - من بينها البعد الاجتماعي وما يجسدُه من تكافل وانسجام بين أفراد المجتمع، باعتبارهِ كالجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى...

أثناء عملي مراسلا صحفيا رياضيا في بداية مشوار حياتي ، عرفت واقتربت من الحاج عبد السميع الشامي ، ذلكم الرجل العظيم الذي كان له باع طويل وعريض في هذا المجال .

الحقيقة لم أكن علي علم بقاعدة العمل الخيري في المحلة إلا في هذا الباب وفقط .نظرا لكوني من قرية قريبة من المحلة ، ولست من المدينة ذاتها .

وبعد وفاة الحاج عبد السميع الشامي ظننت أن العمل الخيري قد انتهي ، ولم أكن أعلم أن بالمدينة شريان عملاق للعمل الخيري يرجع تاريخ إنشاؤه إلي عام ١٩٤٢ إسمه الجمعية الشرعية انشئها الدكتور سعيد والحاج عبد الرحمن عويعة .

لقد قدر القدر لي نصيبا في زيارة الجمعية ، فرأيت جهودا
جبَّارة، تقوم بها هذه تتمثل في الأعمال والأنشطةِ الخيرية التى تعتبرُ في غايةِ الأهمية؛ خدمةً للفقراء والمساكين وبغيةً لسد خلَّتهم؛ وهذا لاشك عمل نبيل، يحتاج الدعم والمساندة من الجميع .
كما لاحظت أن الأعمال - المقدَّمَة- غالباً ما تلامسُ واقعَ و هموم المحتاجين ، من ذلكَ : سقايةٍ المياة النقية ، وبناء صرح طبي عملاق وهو مستشفى القدس الخيري والذي يقدم علاجا متميزا لمرضي الفشل الكلوي بوسط الدلتا ، وقطاع كبير للأطفال المبتسرين ، ومركز متقدم لمرضي العيون ، وقطاع للعيادات الطبية المتخصصة الثابتة والمتنقلة ، وتقوم الجمعية بصرف الأدوية بالمجان ، وكذا إجراء بعض الفحوصات الطبية . بجانب معامل التحاليل ، والتي تقدم الخدمة لمئات الحالات يوميات في عدد من العيادات الموزعة علي مدينة المحلة ومراكزها، بالإضافة إلى العديد من القوافل الطبية المتخصصة ، والتي تضم كوكبة من أساتذة واستشاريين ، ولم تقتصر جهود الجمعية في الحيز الطبي وفقط ، بل شملت كافة جوانب الحياة الإجتماعية والثقافية والدعوية والتوعوية

وأثناء وجودي بالجمعية وجدتها تقوم بزراعة العديد من الأشجار المثمرة تجاوبا مع تطلعات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزراعة ١٠٠ مليون شجرة مثمرة ، فكان ملمحا جميلا اكمل عقد الدور التنموي الذي تقوم به الجمعية .

إن تكريس ثقافة العمل الخيري و التطوعي في شتى المجالات، وتعزيز تلك الثقافة في الأجيال الصاعدة سيكون له دور إيجابي في إثراء روح المشاركة المجتمعية بغية النهوض ببلدنا ، خصوصاً وأن الدولة تمشي بخطي واسعة في مجال بناء الجمهورية الجديدة .

إن السعي لخلق تضامن وانسجام اجتماعى، إستجابة للأوامر الربانية، وتجاوبا مع التنمية التي تشمل جوانب الحياة الآن علي أرض مصر في كافة القطاعات ، ستجعل مصر ستسترد عافيتها التي ينبغي أن تكون عليها قريبا ، وأنه بحلول عام ٢٠٣٠ ستكون الدولة وصلت إلي أكثر معدلات التقدم والازدهار في كافة المجالات.

إن الدور التنموي والخدمي الذي تقوم الجمعية الشرعية بالمحلة الكبرى لجدير بالإعجاب ، فقد سعدت بما رأيت من نجاح الجمعية في احداثة الألفة والمحبة بين الغنى والفقير، وهي لعمري مهمة ثقيلة للغاية ، لأن تلك الألفة تخلق ولا شك لحمة اجتماعية بين مكونات المجتمع .

هذه اللحمة الاجتماعية هي المقصودة من قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : " المومن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا » وقوله أيضا :" مثل المومنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"

إن التعاضد يخلق مجتمع منفق باذل للمال فى أوجه البذل المباح، وبذلك نحقق مجتمعا واحدا خاليا من التصدع والتشرذم.
كم هو رائع وعظيم أن تسعي الجمعية إلى محاولة تقليل نسبة الفقر والتشرد ، ومحاولة الحد من التفاوت بين الطبقات الاجتماعية، وذلك عن طريق تقوية الحالات الضعيفة ، من خلال وضع الخطط والبرامج والمبادرات لتحسين حالة الفقراء بشكل تدريجي. فتجدها تهتم بالقضاء على ظاهرة التسول عن طريق مساعدة الفقراء بطريقة منهجية. بعيدا عن العطاء العشوائي .
كما تقوم الجمعية برفع مستوى الوعي بين الناس، ففي الكثير من الحالات تكون هذه الخطوة جزءا لا يتجزأ من حل المشكلة أو القضية.
اهتمت الجمعية بنشر ثقافة ترشيد إهدار الأمتعة الشخصية ، وذلك عن طريق عدم تكهين الأمتعة ، والعمل علي تدويرها مرة أخري - بعد تجهيزها - لمن يحتاجها من أشخاص آخرون.
خصوصاً وأن هناك العديد من الناس التي تستفيد من ذلك ، بجانب الخدمات المتنوعة التي تقدمها الجمعية للأفراد والأسر في محياطها الجغرافي، وأماكن أخري تشرف عليها جمعيات فرعية ، تنقصها الإمكانات والأفكار .

سعت الجمعية إلي تقديم النصح والمشورة لأفراد المجتمع في بعض الأمور التي يصعب عليهم حلها، من خلال وجود كوكبة من العلماء الذين يبصرونهم بالمشكلات ويضعون لهم خريطة طريق تضمن سلامتهم .

تسعى الجمعية إلى تعزيز مفهوم العمل الإجتماعي لدى أفراد المجتمع المحلي، وتشجيعهم للمشاركة فى العمل التطوعي، كما تقوم الجمعية بتدريب أفراد المجتمع على بعض المهارات الأساسية في الحياة، بالإضافة إلى تعليمهم كيفية التعامل مع الظروف الطارئة، والأحداث غير المتوقعة، وتهتم الجمعية بتعرف أفراد المجتمع على بعضهم البعض، من خلال ورش العمل و المشاركة التطوعية، حيث تطول فترة تواصلهم مع بعضهم أثناء ورش العمل، أو عند تنظيم المحاضرات والندوات ".

تقدم الجمعية صورة احترافية للإنابة عن الغير في تقديم المعونات والمساعدات المالية والعينية لمستحقيها عن طريق إعتماد أفضل الطرق وأحدثها في إدارة الجمعية ، حتي صارت قاطرة عطائية مسنتيرة في التعامل مع أفكار وممارسات العمل الخيري ، باحترافية وبجدارة فاستحقت بذلك مكانة سامقة في مجال العمل الخيري والتطوعي .

أستطيع القول إن تطبيق ركن الزكاة والصدقات بوعي، وعن طريق كفاءات إدارية وخلقية يحقق من السلم الاجتماعي ما لا يتحقق بكل المبادرات والمعالجات الإجتماعية التي تهدف إلى مكافحة الفقر وتنمية المجتمع، فيستحيل أن تكون النظريات التي وضعها الإنسان لمعالجة مشكلة الفقر أصلح للبشر مما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباده وهو أدرى بهم.
إن المقاصد المتعددة التي شرعت لأجلها الزكاة والصدقات لا يمكن أن تتحقق في غيرهما من النظريات الاقتصادية المختلفة ، ولا تنحصر هذه المقاصد فيما تحققه من منافع للفقراء والمساكين فقط، بل تتعدى ذلك لتشمل أصحاب الأموال أنفسهم، وأقل ما يتحقق للأغنياء من دفعها ، تطهيرها لأموالهم، وطرد مابها من أذى. ومن أعمق مقاصد الزكاة التي لا يدركها الأغنياء في الغالب كونها تسبب حركة للمال، وهي لعمري ، لا تتحقق إلا مع الزكاة وفقط ، فلو تأملنا في النسبة التي تجب على الأغنياء في أموالهم، وافترضنا ضخها في الدورة الاقتصادية كل شهر مثلا، وذلك حسب تمام حول زكاة البعض، أو تمام حصاد الزرع عند بعض آخر، أو غير ذلك من الظروف الاقتصادية، لو تأملنا ذلك لوجدنا أن كل صنف من الأغنياء يمكن أن يحرك بزكاته دورة الاقتصاد، فيستفيد من ذلك الأغنياء قبل الفقراء، لأن الفقير يأخذ المال لأجل حاجياته اليومية، وهذه الحاجيات تشترى من الأغنياء في الغالب، فتعود الأموال من حيث أخذت ولكنها تسلك طريقا آخر حسب حاجة كل فرد.

الخلاصة .

نعلم جميعا أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، المهارة تكمن فيمن يبحث عن تلك الصنائع ويمهد الطريق لنموها ، كما تجدر الإشارة إلا أن أحلام ملايين الفقراء متعلقة بصدقات الأغنياء ، فليسارع الأغنياء لمساعدة شطر المجتمع الآخر ، وعليهم وهم يسعون لذلك من تحري صدقاتهم .لقول المعصوم صلي الله عليه وسلم : " تحروا الصدقة !! أي أنظر أين تضعها ، فليست العبرة بالاحراج وفقط ، ولكن العبرة بموضع العطاء ، تتبعا لفقه الأولويات. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.