دكتور رضا محمد طه يكتب : الأكسبوزوم....أرشيف لمواجهة الأمراض بطرق جديدة

كل بيئة نعيش فيها وكل وجبة نتناولها وكل نفس نتفسه تترك بصمة جزيئية في أجسامنا وتمثل أرشيف أو سجل خفي لما نتعرض له مدي الحياة والذي يطلق عليه "الأرشيف البيولوجي " وهو من الأهمية بمكان بحيث سوف يساعد الباحثون على وضع خارطة طريق للتغلب على التحديات التقنية واللوجستية من أجل تحقيق كامل إمكانات عصر جديد للوقاية من الأمراض وتقدم في محال الطب الطب الشخصي، بخلاف الدراسات التقليدية التي تتناول السياقات أو ما يعرف بالتعرضات exposomics الفردية بمعزل عن بعضها البعض الأمر الذي حدث علي الاستفادة من الأدوات المتقدمة مع علم الاكسبوزوم لفهم التفاعلات البيئية والاجتماعية والنفسية مجتمعة مع بيولوجيا الأشخاص.

علم التعرض اكسبوزوم exposomics يهتم بالكيفية التي من خلالها تحدث التفاعلات المعقدة بين العوامل البيئية التي تواجه الأشخاص من ملوثات في المياه والغذاء إلي الضغوطات الاجتماعية والنفسية والتي ينتج عنها أرشيف للتركيب البيولوجي للإنسان. ويترتب علي تناول تلك التفاعلات المجتمعية بالدراسة أن يتمكن العلماء من اكتشاف آلية التأثير الجمعي على الصحة بدءاً من الايض ووظائف القلب ووصولاً إلي صحة الدماغ وخطر الإصابة بالأمراض ومن ثم إمكانية التنبؤ بتفاعلات الأدوية وتعزيز فعاليتها، وهذا ما تناوله باحثون من كلية ميلمان بجامعة كولومبيا، بما سوف يعود بالفائدة من نواحي عديدة علي سبيل المثال تم تحديد مذيبا صناعيا من خلال الأدلة الجزيئية، هذا المذيب كان السبب وراء تجمعات أمراض الكلي بين عمال المصانع.

وفي دراسة أخرى وبالاقمار الصناعية دمج العلماء خرائط التلوث مع معلومات مواقع السكن للكشف عن كيفية ودور الجسيمات الدقيقة المحمولة جوا بالإصابة بالشيخوخة المبكرة للدماغ ، وعن طريق تحليل آلاف الجزيئات المتداولة -مركب تي ام ايه او TMAO، والذي تنتجه ميكروبيوتا الأمعاء عند تناول اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان ، هذا المركب يلعب دورا رئيسيا في زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية. لذا فإن الاكسبوزوم يعطي صورة كاملة لمحددات الصحة حيث يربط بين الطب الدقيق وصحة السكان ومن ثم سوف يكون له تأثير كبير لفهم العوامل الخفية للأمراض كما سوف يعالج التفاوتات الصحية ويساعد في وضع استراتيجيات عملية لحياة أكثر صحة.