نجلاء عمارة تكتب : الرشاوى الانتخابية والمال السياسي ... تحديات تواجه مستقبل المجالس التشريعية في مصر

تعتبر الرشاوى الانتخابية والمال السياسي أحد أبرز التحديات التي تواجه العملية الديمقراطية في مصر فبينما من المفترض أن تكون الانتخابات منصة لتقديم برامج وخطط تنموية تتحول أحيانا إلى صراع على النفوذ وشراء الأصوات ما يقوض مصداقية الانتخابات ويضعف قدرة المجالس التشريعية على القيام بدورها الحقيقي في صياغة القوانين وصنع السياسات العامة

ان المال السياسي عندما يصبح العامل الحاسم في فوز المرشحين يحول الانتخابات إلى لعبة مصالح شخصية فالمرشح الذي يعتمد على المال لشراء الأصوات يصبح أكثر ولاء لمن يموله وليس لشعبه أو قضايا مجتمعه وهذا يؤدي إلى مجالس تشريعية ضعيفة غير قادرة على مواجهة التحديات الحقيقية وتضعف ثقة المواطنين في المؤسسات الديمقراطية

للتصدي لهذه المشكلة يجب أن نبدأ بخطوات إصلاحية شاملة للحياة الحزبية في مصر

لذلك لابد من تعزيز الشفافية في التمويل الانتخابي ووضع حدود صارمة للإنفاق الانتخابي وإلزام المرشحين بالإفصاح عن مصادر تمويلهم مع إنشاء هيئات رقابية مستقلة لمراقبة الأموال خلال الحملات الانتخابية لضمان نزاهة المنافسة

فيجب دعم الأحزاب السياسية الفاعلة لتشجيع إنشاء أحزاب قائمة على برامج وطنية واضحة بدلا من الولاءات الشخصية أو العائلية مع تقديم الدعم المادي للأحزاب المستقلة لضمان تكافؤ الفرص أمام الجميع

العمل على تثقيف الناخبين سياسيا ونشر ثقافة سياسية توعوية لدى المواطنين حول مخاطر المال السياسي والرشاوى وإبراز أهمية تقييم المرشحين بناء على برامجهم وأدائهم وليس على الأموال أو النفوذ

العمل على تطبيق القانون بحزم ومعاقبة كل من يحاول شراء الأصوات أو التأثير على الناخبين بالمال أو الإغراءات مع ضمان تنفيذ العقوبات بشكل علني ورادع حتى تصبح هذه المخالفات غير مجدية

إصلاح الحياة الحزبية في مصر ليس مجرد خيار بل ضرورة أساسية لبناء مجالس تشريعية قوية تمثل الشعب بحق فالمجالس التشريعية الفاعلة تبدأ بانتخابات نزيهة وأحزاب ملتزمة ببرامج واضحة ومواطنين واعين يعرفون قيمة صوتهم عندما تتوفر هذه الأسس ستصبح المجالس قادرة على وضع سياسات وطنية حقيقية بعيدا عن الضغوط المالية والتدخلات الشخصية بما يعزز التنمية ويحمي مصالح المواطنين على المدى الطويل

إن تحدي الرشاوى والمال السياسي ليس مستحيلا ولكنه يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وقوانين صارمة ووعي جماهيري حقيقي من خلال ذلك فقط يمكن لمصر أن تمتلك مجالس تشريعية قوية قادرة على رسم مستقبل أفضل،يعكس طموحات الشعب ويحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة