جمال المتولى جمعة يكتب : الإختراعات والإبتكارات سبب نهضة الأمم

ان الثروة الحقيقية تكمن فى العقول بالدرجة الأولى ثم تأتى بعدها الثروات المادية الكامنة فى باطن الارض .. مهما امتلأت الارض بالموارد الطبيعية والثروات المختلفة فإن الإنسان يظل أهم مورد طبيعى وأعظم مصدر للثروة .
إن ثروات الدول ليس بما تملكه من موارد طبيعية بقدر ما تملكه من موارد بشرية .. فالمال والموارد الطبيعية الأخرى ليس لهم قيمه دون العنصر البشرى المبدع و المبتكر الذى يعد شرطا أساسيا لتحقيق النهضة والتنمية. هناك بلاد غنيه بمواردها الطبيعية المليئة بالثروات المعدنية ومع ذلك فهى بلاد فقيرة بالمقابل توجد بلاد فقيره من حيث الموارد والثروات الطبيعية مع ذلك فهى غنية لانها تملك العقول والافكار التى قادتها الى التقدم والرقى والحضارة
العقول هى التى تصنع الثروات والمعجزات.. التعليم المتطور هو الذى يصنع العقول القادرة على تلبية احتياجات العصر والارتقاء بمستوى المعيشة .. كبرى الجامعات الغربية تستقطب جميع العقول الخلاقة والمبدعة من جامعيين وباحثين من مختلف أنحاء العالم يغدقون عليهم المكافأت المادية والمعونات المالية بغية الإستفادة من خبراتهم العلمية فى شتى المجالات.
قى عام 1886 ابتكر جوتليب ديملر محرك البنزين وأسهم فى اختراع السيارة الحديثة وحينها لم يتصور أحد ان اختراعه سيتحول الى شركة رائدة " مرسيدس ديملر" تسهم فى اقتصاد المانيا وتعتمد عليها عشرات الصناعات الرديفه.
ابتكار ديملر مجرد مثال لصناعات عملاقه تقف خلفها اختراعات واكتشافات رائدة من اختراع الكمبيوتر والايفون الى اكتشاف الأسبرين والمضادات الحيوية فالابتكار الناجح نشأ حوله صناعات ضخمة تسهم فى نجاح الشركة المالكة وعظمة الامة التى تحمل جنسيتها فأمريكا مثلا قامت على اكتاف شركات عظيمة مثل فورد وبوينغ وأبل وزيروكس والشركة الاخيرة كانت مجرد مصنع صغبر لانتاج الورق قبل ان تصبح عملاقا اقتصاديا بفضل ابتكارها أله النسخ " التى لايستغنى عنها أى مكتب أو دائرة حكومية وبيع حقوق تصنيعها لشركات اسيوية .
اما شركة أبل فكانت تحقق خسائر متتالية حتى ابتكرت جهاز الأيفون فى عام 2007 وأصبحت اليوم أكبر شركة فى العالم والمفارقة أن أبل مثل زيروكس لا تصنع أيا من اجهزتها الخاصة ولكنها تملك حقوق ابتكارها وملكية انظمة التشغيل فيها وكلا الشركتين تثبت تفوق " اقتصاد المعرفة" الذى يعتمد عليه الصين وتايوان وسنغافورة وماليزيا .
وهذا يعنى أن اقتصاد المعرفة يعتمد على حقوق الملكية الفكرية " من اختراع وأكتشاف وتصنيع " وأن امتلاك الفكرة هو فى حد ذاته مدره للأرباح أعظم صادرات اليابان اليوم ليست الإلكترونيات وأعظم صادرات أمريكا ليست الطائرات واعظم صادرات ألمانيا ليست السيارات بل صناعة الافكار التى تشكل وحدها 28% من مجمل الصادرات الأمريكية و16% من مجمل الصادرات اليابانية و11% من مجمل الصادرات الألمانية
وعموما تظهر الاحصائيات أن انفاق دولار واحد على الابحاث والابتكارات يجلب 33 دولار أرباحا وهذه النسبة المغرية تفسر لماذا انفقت أكبر سبع شركات للأدوية فى اوروبا 161 مليار دولار بين 2007 و 2011 على البحث والتطوير لكون امتلاك حقوق اكتشاف عقار واحد جديد يضمن لها احتكار تصنيع العقار أو تأجير حقوقه على الشركات الاخرى. لو نظرنا الى ارباح شركة سامسونج فى عام واحد 247 مليار دولار وهذا المبلغ لا يمكن ان تحققه الدول العربية بإمكانياتها المتاحة . ان البحث والابتكار وحقوق الاكتشاف وما يسمى ب رأس المال الذكى " فالإستثمار فيه يعد افضل صناعة تتبناها الآمم وافضل طريقة لبناء اقتصاد المعرفة بكافة صورها
فالعقل والفكر والابداع هم رأس مال المجتمعات والدول المتقدمة فهى تعتمد على الافكار اكثر من اعتمادها على الموارد الطبيعية فان التفوق العلمى يصنع من الافكار الرائدة كيانات عملاقة تفوق ميزانياتها وأرباحها دول يسكنها الملايين .
البلدان التى تهتم حكوماتها بصناعة العقول النيرة والمتزنه والحكيمة يعلمون ان الانسان هو الاستثمار المربح ويوقنون ان ذلك الانسان هو الحصانة الحقيقية للأوطان لذلك فازت اليابان والمانيا وسنغافورة وماليزيا وتايلاند وغيرهما من النمور الاسيوية على الجهل والتخلف والفقر بثروة العقل وليس بأطنان النفط والغاز فالمعجزة اختصرت بالعقل والتعليم والادارة وتنمية البشر
نطالب الحكومة المصرية بإستيراد الافكار وشراء حقوق ماتم ابتكاره فى الخارج واعطاء اهمية لمفهوم صناعة الافكار وذلك باستحداث مادة "كيفية صناعة الافكار" وتوفير ألية لاستعادة التعليم والعلماء فى قيادة المجتمع نحو مستقبل مشرق

.
#جمال المتولى جمعة
المحامى -- مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا