خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( من يصلح الملح ..إذا الملح فسد ؟! )
يروى أنه تزوج بدوي فتاة من قبيلته ذات حسن وجمال وأدب وأخلاق ودين ومضى عام على زواجه ، ونشبت بينه وبين أحد أبناء عمومته مشاجرة كبيرة ، فقتله ، ورحل مع زوجته بعيداً عن القرية كما تقتضيه الأعراف القبيلية ، وتوجه إلى ديار قبيلة ثانية ، وكان صاحبنا دائم الجلوس عند شيخ القبيلة الجليل في مجلسه مثله مثل رجال القبيلة .. للسمر وتدارس مختلف الأمور ..
وفي أحد الأيام مر الشيخ الجليل من أمام بيت صاحبنا ، وشاهد زوجته فسُحِر بجمالها ، وأستولت على قلبه وعقله ، وخطرت له فكره شيطانية ، وهي أن يبعد الزوج عن البيت ، لينفرد بالزوجة ، ويقضي منها وطرا ويأخذ مغرمه .
فعاد إلى مجلسه ، وكان عامرا ً بالرجال ومن بينهم صاحبنا ، فقال للحضور علمت أن الديرة الفلانية فيها ربيع ما مثله ! وأريد أن أرسل إليها أربعة رجال ، ويتأكدون من الربيع فيها ، وأختار أربعة من الرجال ومن بينهم زوج المرأة الجميلة .
فسار الأربعة بكل طيب خاطر ، والمكان الذي ذكره هذا الشيخ يستغرق ثلاث أيام ذهاب بالفرسان وإيابهم ، وعندما أرخى الليل سدوله وأنتظر إلى أن تنام الناس ، سار إلى بيت جيرانه حيث لم يكن فيه سوى المرأه وحيدة ، وكانت نائمة ، وقبل أن يصل إرتطم في عامود بالبيت وأحدث صوتاً مرعبا ً لها ، أفاقت المرأه على الصوت .
صاحت : من بالبيت ؟!
الشيخ الجليل : أنا فلان شيخ العرب إللي أنتم نازلين عنده !
البدوية : حياك الله ! وماذا تريد يا شيخ العرب في مثل هذا الوقت ؟!
الشيخ أذهلني جمالك عندما رأيتك ، وسلبتى عقلي وقلبي مني ، وأريد قربك ووصالك !
البدوية : لا مانع عندي ! لكن بشرط ، قالت عندي لغز ، إذا حليته أكون لك كما تريد !
الشيخ : أشرطي وتشرَّطي ، وجميع شروطك مُجابة !
البدوية : حتى لا يجيف اللحم ( أي يتحول إلى جيفة ) الناس يرشون عليه الملح !
فمن يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
ولك أن تستعين بمن تريد ، ولو شئت إستعين بچورچ قرداحي .
فإذا جئتني بالحل صرت لك كما تريد !
الشيخ : أنصفتِى ، وسآتيك بالحل في الليلة القادمة !
بعدها ذهب الشيخ إلى بيته بخفي حنين ، وأمضى ليله يفكر بحل اللغز ولم يصل إلى نتيجة ، وثاني يوم حيث كانوا الرجال جالسين في مجلسه معه .
سأل الشيخ الجليل الجالسين وبصورة مفاجأة : حتى لا يجيف اللحم ، الناس يرشّون عليه الملح !..من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وكل من رد من الحضور كان رده على قدر فهمه وعلمه ، فلم يقتنع الشيخ برأي واحد منهم ، وكان أحد الرجال المحنكين الدهاة أصحاب الفطنة والحكمة والعلم والأدب والدين موجودا ً في المجلس ، لكنه لم يقل شيئا ، وأنصرف جميع من في المجلس
إلا هو لم ينصرف ، فقد بقي في المجلس .
فصاح الشيخ الجليل في وجهه : أنت ما جاوبت على سؤالي !
قال له الرجل : أردت أن أكلمك على إنفراد ! فأصْل اللغز بيت من الشعر قاله أبو سفيان الثوري ، والبيت هو :
يا رجال العلم يا ملح البلد ، من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وإن لم يخب ظني فإنك ٌ راودت إمرأة عالية المقام في الذكاء والعلم والدين والأدب عن نفسها ، فأرادت أن تصدّك ولا تفضحك ، وأن تكسبك كأخ لها ولا تخسرك وتزيد إلى أعدائها أعداء أهلها عدوا بحجمك ومقامك ، وتحفظ بعلها إن غاب وإن حضر ، وقد قالت لك ما قالت ، وكأنها تريد أن تقول لك ولمن سمعك :
يا رجال العرب يا ملح البلد .. من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
فهي تقصد : أن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة كما يصلح الملحُ اللحم! .. فمن إذاً يصلح الشيخ إذا الشيخ فسد ؟!...
وكأن هذه الإجابة أيقظت ضميره النائم ، وقلبه الهائم ، وعقله الظالم ، وأصابه الخجل الشديد من فعلته الشنعاء ، وملأه الندم على ما كان منه المكائد والمفاسد !
وقال : أصبت كبد الحقيقة أيها المبجل ! فاستر عليَّ زلتي سترك الله في الدنيا والآخرة !
وفى هذا يقول الشاعر : يداوى فساد اللحم بالملح ..
فكيف نداوي الملح إن فسد الملح..
وأنا أقول أيضاً :
من يصلح الولد إذا رب البيت فسد ... و من يصلح الرعية إذا الراعي فسد ... و من يصلح الجيل إذا المعلم فسد ... و من يصلح الناس إذا الحاكم فسد ؟؟
ومن .. ومن .. ومن ..!!!
فكل راعى مسؤول عن رعيته وعليه إصلاح ذات بينهم ليستقيموا وتستقيم حياتهم ...
حسبى الله ونعم الوكيل .












قرار جديد من المحكمة في أولى جلسات محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة...
نزاع على الأرض يتحول إلى اعتداء بالعصي.. الداخلية تضبط الأطراف بالشرقية
مصرع 4 أشخاص صعقا بالكهرباء في مزرعة بقنا
مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم 3 سيارات بطريق الإسماعيلية الصحراوي
توقيع اتفاقية مصرية إيطالية لإنتاج الغاز الحيوي ودعم الطاقة النظيفة
اسعار الذهب اليوم خارج مصر
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الاثنين في مصر
أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025