الجمعة 26 أبريل 2024 10:31 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الروائية الأردنية غدير أحمد تكتب : استغلال فقرى

الجارديان المصرية

في ذلك اليوم رأيت طفلا على أحد أرصفة المدينة...
ثيابه مهترئة، ليس لها علاقه بستر الجسد، كان نائما يضم نفسه، أعتقدت حينها أن تلك الوضعية التي 
كان بها تعني الكثير،  هل كانت حماية نفسه من الحيوانات الضالة؟ أم لأنه كان يرتعش من البرد 
الذي يأكل جسده الطري والعاري ام كان يضم  جسده تعويضا عن حنان الأم ؟!.. لا أعلم كل من 
مثلي له عدة آراء لكن لا أحد يعلم سوى من يعاني ما يخفيه 

عندما اقتربت منه تبدو ملامحه ليس بها سكينة النوم المطمئنة استيقظ حينها، عيناه كانت النور
الذي يشتعل بحجرة مظلمة
سألت بعدها لماذا أنت هنا ؟
أجاب : لا أعلم،  أضن كما يقولون أنه قدري 
- من قال ؟ 
ابتسم ابتسامة بها  يأس وسخرية 
سالت: لم ينجيك أحد الى الآن؟
قال : السؤال الذي طرحته متكرر كأنه احد من عائلتي أعرفه جيدا
طرق على باب قلبي كثيرا ليس لدي ثقافة كافية
لكني أصبحت أعلم مايدور حولي بشكل جيد...

_ أتى إلي أشخاص وقالوا انهم سوف ينجوني ممن
انا عليه الآن وقالوا حينها تحدث عن كل ما يحدث معك وماذا تعاني ولم يسألوني عما أريده! ذهبوا ولم يأتوني بعدها أظن أنه كان مشروعا ناجحا لهم 
لأنه كان لقاءً مؤثرا 

حينها تفاجأت من ذلك الطفل كم كان هناك فصاحة بما كان يعاني منه ، قال بعدها : ألم تري ذلك الشيخ ياتي إلي كل ما حان موعد ذهابه الى المسجد ويقترب
مني ويمسح على رأسي؟ ظنه أنني يتيم ومتشرد! فله أجر بكل خصلة من رأسي، ويأتي لي شرطي المرور كل صباح ويقول لي قم بتنظيف القمامه سوف أعطيك أجرك حرصا على أن يأتي المسؤل الذي يمر بموكبه
كل يوم من هنا بعد أن يذهب لا أرى أحد الوحيد الذي أستفيد منه ذلك المسؤل ، أجبت لماذا :
أجاب: عند مروره يقف سير الحافلات وقتها أستطيع 
حينها أن أبيع من المناديل وألحق بالحافلات وهي واقفة
سألت : وتستطيع بيع المناديل؟
أجاب : لا،  جزء منها فقط، لأن بعض الحافلات تغلق النوافذ
عني!

ظنهم أني طفل متسول
سألته : من أين تأتي بالمناديل اذن؟
أجاب: من البائع الذي أمامنا توسلت إليه كثيرا أن أقوم
بالعمل معه !! فقال : لا أستطيع لكن خذ هذه المناديل
وبعها وسوف أعطيك أجرك.

كانت خطواتي ثقيلة عندما كنت أريد الذهاب عنه 
لأني أنا أيضا لا أستطيع فعل شيء ليس لدي مكان
ولا أملك من النقود شيئا علمت أن كل منا له حكاية
لكن من المسؤل عن إصلاح ما نحن عليه الآن؟!
" لا أظن أن أحدا يريد أن يستطيع... ليس لدينا إلا الله 

# كاتبة وروائية أردنية