الخميس 18 أبريل 2024 02:10 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( ماذا بينك وبين الله أيها الرجل ...!!!)

خالد درة
خالد درة

يقول مالك بن دينار رحمه الله
دخلت البصرة يوماً فوجدت الناس قد إجتمعوا فى المسجد الكبير يدعون الله من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء لم يغادروا المسجد فقلت لهم ما بالكم؟
فقالوا :
أمسكت السماء ماءها وجفت الأنهار ونحن ندعوا الله أن يسقينا فدخلت معهم.
يصلون الظهر ويدعون، والعصر ويدعون، والمغرب ويدعون، والعشاء ويدعون.. ولا تمطر السماء قطرة ..
خرجوا ولم يستجب لهم.
يقول: ثم ذهب كل منهم إلى داره وقعدت في المسجد ولا دار لي.
فدخل رجل ( أسود )..
(أفطس) أي صغير الأنف..
( أبجر ) أي كبير البطن..
( عليه خَرقتان ) ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه من شدة فقره.
فصلى ركعتين ولم يطل..
ثم إلتفت يميناً ويساراً ليرى أحداً فلم يراني..
فرفع يديه إلى القبلة وقال :
إلهي وسيدى ومولاي
حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك
فأسالك يا حليماً ذا أناه ،
يامن لايعرف خلقه منه إلا الجود
أن تسقيهم الساعة الساعة الساعة..
يقول مالك فما أن وضع يديه إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السحب من كل مكان فأمطرت كأفواه القِرب !!!
يقول مالك : فعجبت من الرجل ، وخرج من المسجد فتبعته فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل داراً ، فما وجدت شيئاً أعلّم به الدار إلاّ من طين الأرض فأخذت منها وجعلت على الباب علامة..
فلما طلعت الشمس تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد..
فقلت ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبداً ..
فأرانى الطويل والقصير والوجيه
فقلت: لا لا ... أما عندك غير هؤلاء ؟!..
فقال النخاس : ماعندى غير هؤلاء للبيع .
يقول مالك :
وأنا خارج من البيت وقد أَيَست ، فرأيت كوخاً من خشب بجوار الباب فقلت : هل في هذا الكوخ من أحد؟!..
فقال النخاس : من فيه لا يصلح .. أنت تريد أن تشترى عبداً ، ومن في هذا الكوخ لا يصلح .
فقلت: دعنى أراه ..!!
فأخرجه لي ، فلما رأيته عرفته.
فإذا هو الرجل الذى كان يصلي بالمسجد البارحة..
قلت للنخاس : أنا أشتريه...
فأجابني : لعلك تقول غشّني الرجل بعد ذلك ..فأنا أخبرك أن هذا لا ينفع فى شيء.. هذا لايصلح في شيء...
فقلت أشتريه.. فزهد في ثمنه وأعطاني إياه..
فلّما إستقر بي المقام في بيتي رفع العبد رأسه إليّ وقال : ياسيدي لِم إشتريتني...!؟
إن كنت تريد القوة فهناك من هو أقوى مني...
وإن كنت تريد الوجاهة فهناك من هو أبهى مني...
وإن كنت تريد الصنعة فهناك من هو أحرف مني !!!
فلِمَ إشتريتني بالله عليك ؟!
قلت : يا هذا ، بالأمس كان الناس فى المسجد وظلت البصرة كلها تدعوا الله من الظهر إلى بعد العشاء ولم يستجب لهم...
وما إن دخلت أنت ورفعت يديك إلى السماء ودعوت الله وأشترطت على الله حتى إستجاب الله لك وحقق لك ما تريد!!!
فقال العبد: لعله غيري؟ وما يدريك أنت لعله رجل آخر ؟
فقلت : بل هو أنت..
فقال العبد : أعرفتني؟
فقلت: نعم.
فقال: أيقنتنى جيداً ؟
فقلت : نعم .
فيقول مالك : فو الله ما ألتفت إليّ بعدها ، إنما خرّ لله ساجداً ، فأطال السجود ، فانحنيت عليه فسمعته يقول :
( ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما أشتهرا )
ففاضت الروح إلى بارئها !
أيُّ سِرٍ سَرّه ، وأيُّ سِر سِرنا ، وإلى أي درجة بلغ في الإخلاص ، وكيف إخلاصنا ؟!!
صدق الله فى حديثه القدسى : عبدى أطعنى أجعلك عبداً ربّانياً تقول للشئ كن فيكون ...
اللهم أستر عوراتنا وآمن روعاتنا وأجعلنا من عبادك الأتقياء الأنقياء الأخفياء ومن عبادك الأولياء .