السبت 27 يوليو 2024 04:57 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتبة الصحفية هند منصور تكتب : كنا ابرياء و لسنا اغبياء

الكاتبة الصحفية هند منصور
الكاتبة الصحفية هند منصور

ظللنا ابرياء نري الأشياء جميلة والأشخاص رائعون ، ونري الأشخاص بحسب طباعنا وعيوننا البسيطة، نراهم انقياء وتسود عليهم الطيبة ويغمرنا الود ،وكأن على عيوننا سحابة بيضاء يذوب فيها سواد القلوب ،
وكنا نجهل اننا عميان عن زيف النفوس، وتزييف الحقائق، فكانت تبتهج نفوسنا بأشياء بسيطة وكانت أمانينا وأحلامنا صغيرة وضعيفة، تداعبها رياح الحقد ومكر النفوس ، وبعد وقت وبدون مقدمات اخذت تتساقط منا الأشياء، التى كانت تسعدنا فَغُرست منا فى ارض بور، فجفت وماتت، فكبرنا نحن وصغرت فى اعيوننا الأشياء التي كانت تتسبب فى اسعادنا ، وبعد مرحلة، نضج فيها العقل وتغلب على العاطفة ، اصبحنا ننظر للاشخاص من حولنا بعد ازالة السحابة البيضاء ، واذ فجأة انفتحت اعيوننا لتري الرائعون فى ضوء النهار ، كوضوح الشمس نظرنا لنري نقاء النفوس وطيبة القلوب وبساطة الروح، ولكن ازالة السحابة من اعيوننا جعلتنا نكتشف الخبايا فى ضوء النهار ، فما رأينا الا سواد ومكر نفوس مريضة، وكذب وخيانة نفوس معدومة الضمير، واخرون يملأهم الخوف والضعف بعد ماكانوا يتظاهرون بالقوة والصدق والإخلاص ، والبعض الاخر يتقن التمثيل بجدارة، حتى نعجز عن تميز ما بداخلهم من خبث ومكر ونفاق، فتوهمنا أن هؤلاء جزءً من وليس الجميع هكذا ، وتكلمنا داخل انفسنا بهذا الكلام وقولنا !
ليس الجميع هكذا بل سوء الحظ أننا لم نتقابل الا مع المرضى فقط ، لكن كما يوجد مرضى ايضا يوجد عقلاء، محبين، وانقياء، واسوياء ،فلماذا لا نبحث عنهم ونجدهم وتسعدنا الحياة بالقرب منهم ؟!
فتقابلنا واقتربنا وبكل هدوء وبدون شعور غَفلتْ اعيوننا بالسحابة البيضاء مرة اخري فرأينا قلوب تحب وتخلص وتشعر، فامتلات افواهنا ضحكا وفرحت قلوبنا ، وشعرنا اننا كنا مخطئين فى حق هؤلاء الانقياء فقولنا فى داخل انفسنا قد يكون سقط منا البعض، ولكن أخذ مكانهم اخرون ، واعتقدنا اننا وجدنا اخيرا من يشبهون ارواحنا ونقاء قلوبهم مثلنا، فذوبنا فيهم ومن جديد قدمنا ومن جديد بذلنا كل ما لدينا، لنكون حسب قلوبهم واذا فجاة سقطت السحابة من اعيوننا فرأينا قلوب يحكمها فكر المصلحة، وبكل قوة يتصدر المشهد مشاعرهم الزائفة واذ بنزف شديد من عمق جرح فى قلوبنا، وإذ توقف العقل مع نزف القلب للحظات ، من صدمات واقع كنا نغفل عنه، ونغمض اعيوننا بسحابة بيضاء فلم نري ، وبعد ذلك قررنا ازالة السحابة بلا عودة، وفترة نقاهه لقلب نزف كل ما لديه من مشاعر واحاسيس ، أصبح يفتقد الأمان ولا يهمه الا شفائه من الم الخذلان، وعقل فقد ترتيبه لامور كانت تظهر انها صحيحة، ولا غش فيها ، صار كل الاهتمام الاكبر لنفوس انهكتها الحياة وتريد إعادة لبنائها من جديد،
وساد الحزن بدل البهجة ، وانطلاق القلوب اُستبدل بالتبلد والامبالاة ، ولكن اخد العقل الحجم الاكبر وصار هو القائد ، وبدانا ننظر بعين العقل فصار المشهد واضحاً بلا ظلال ، وانفتحت عيون العقل أكثر فاكثر وبدأنا نري الأشياء بحجمها الطبيعى ، ونضع الأشخاص فى اماكنهم الحقيقية، ونعطى بعقل ونحب بعقل مع الحفاظ على ما تبقى منا ، واصبحنا نري الجمال فى ما كنا نحسبه خسائر لنا ، واكتشفنا انها مراحل للنضج والفهم والتعلم وان خسائر الاشياء والأشخاص اضافت لنا الكثير ، اخدت منا ما ليس له قيمة واعطت قيمة لكل ماهو مستحق ، ثبت الحقيقى وذهب الزيف ، رأينا طرق معاملة الله الذي ابدع فى ان يحول الشر لخير ويمحو الباطل ليستمر كل ما هو حقيقى ، راينا يد الله القديرة تسند وترفع وتعلم وتشدد ، واصبحت الاشياء التى كنا نبحث عنها بلا قيمة فى اعيوننا ،واكتسبنا قوة جديدة لحياة جديدة ،افضل جدا مما تركناه ، اذا فلماذا نحزن على ما اُخذ منا ولسنا قادرون على الاحتفال بما اخذنا ، فهى مراحل جديدة من النضج ، يملاها نور حقيقي ووقفة حقيقية مع انفسنا ، نري فيها الاشياء كما هى ونقبل ما يمكن قبوله ونرفض ما نريد رفضه بكل أريحية وصدق وامانة ، بدون السحابة البيضاء

الكاتبة الصحفية هند منصور هند منصور كلمة ابرياء لم نكن اغبياء مقالات هند منصور الجارديان المصرية