الخميس 12 سبتمبر 2024 12:11 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتورة رشا الجزار تكتب : حرب غزه تهدد الانجازات المناخية في مكافحة التغير المناخي

الدكتورة رشا الجزار
الدكتورة رشا الجزار

إن عواقب الحرب الاسرائيلية المدمرة و ظاهرة الاحتباس الحراري ، ارتفاع درجات الحرارة، وندرة الموارد المائية، والتصحر، والجفاف ، تتفاقم من قبل بسبب المشروع التوسع الإسرائيلي وبتكلفة أعلى بالنسبة للفلسطينيين، الذين هم أكثر عرضة للمخاطر المناخية ، حيث القمع الإسرائيلي، كما ان تدمير إسرائيل المنهجي للبيئة في فلسطين والنظام التمييزي الذي يتم من خلاله يتم تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومياههم ومواردهم الطبيعية الأخرى بينما يتأثرون بشكل غير متناسب بالأضرار البيئية التي تسببها حرب الابادة البيئية، حيث ودمر الصراع مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وأحرق الغابات ودمر المتنزهات الوطنية. وتسببت الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية في تلوث شديد للهواء والماء والتربة، مما يعرض السكان للمواد الكيميائية السامة والمياه الملوثة.
إن القدرة على التكيف مع تغير المناخ تدور في جوهرها حول تعزيز قدرة الناس على تلبية الاحتياجات الأساسية وسط تغير المناخ، لكن تعزيز إمدادات المياه والكهرباء أمر مستحيل في ظل الظروف التي عدوان إسرائيل على غزة.
ازمة المياة فى غزه :
بعد إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزة، وقطع كافة إمدادات الكهرباء والمياه وإغلاق كافة المعابر،قرر وزير جيش الاحتلال الاسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر تشرين الأول 2023 ،ثالث أيام الحرب فرض حصار شامل ومشدد على القطاع بقوله "لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود".

وبموجب ذلك أوقفت شركة إسرائيلية إمدادات مياه الشرب التي تصل إلى الفلسطينين في مناطق القطاع، خاصة في المنطقة الوسطى وشرقي مدينتي رفح وخان يونس جنوبي قطاع غزة.
أكدت سلطة المياه وجودة البيئة وجود أزمة مياه حادة تعصف بسكان قطاع غزة،وعدم توفر مياه امنة وصالحة للشرب وعلى صعيد توفر خدمات مياه الصرف الصحي، وجراء انقطاع التيار الكهربائي، وعدم القدرة على تشغيل مولّدات الكهرباء بسبب نفاد الوقود.
وتعمل محطات تحلية المياه بشكل جزئي بسبب أزمة الكهرباء، فيما لا يتمكن السكان من تشغيل الآبار الجوفية للسبب ذاته. ويزيد من خطورة الأزمة عدم عمل سيارات نقل المياه بسبب نفاد الوقود.
يضطر الكثير من النازحين إلى شرب مياه مالحة وملوثة ما يهددهم بالإصابة بالأمراض والأوبئة،وظهور حالات مغص وإسهال ونزلات معوية بسبب المياه الغير صالحة.
يعاني قطاع غزة منذ سنوات طويلة بسبب الحصار من أزمة مياه خانقة، حيث تقول مؤسسات كثيرة إن السكان -قبل الحرب- كانوا لا يحصلون إلا على نحو 35% من احتياجاتهم الحقيقية للمياه،وأكثر من 90 بالمئة من المياه في طبقة المياه الجوفية الوحيدة في غزة لم تعد صالحة للشرب.
شتاء فلسطيني ملبد بالكوارث البيئية..قنابل فسفورية تلوث الهواء ومياه ملوثة تسبب الاوبئة

بخصوص القذائف الصاروخية التي يستخدمها جيش الاحتلال فهناك تقارير كثيره تشير وتؤكد على استخدام قنابل وقذائف محرمة دوليا مثل قذائف الفسفور الابيض المحرم دوليا في الحروب وفقا للماده الثالثة من اتفاقيه لاهاي، لافتا الى أن استخدام هذا النوع من القذائف يؤدي الى تدمير الكائنات الحيه في قطر لا يقل عن ١٥٠ مترا ويسبب حروقا شديدة تؤدي الى اذابه الجلد واللحم وصولا الى العظام والغازات المرافقة لتلك القذائف فيؤدي الى احتراق القصبات الهوائية والرئتين وغيرها من اثار جانبيه أما الاثار البيئية لها فتكمن من ترسب الفسفور في التربة وتسربها الى المياه الجوفيه وبالتالي تلوث المياه الجوفيه بالفسفور .
إنتشار الغازات والابخرة الكيماوية الخطرة يهدد المناخ :
إنتشار الغازات والابخرة الكيماوية الخطرة الناتجة عن استخدام المقذوفات وحدوث تلوث الهواء بتركيزات عاليه تشكل خطوره على السكان، بالاضافة الى وجود المئات من الشهداء الذين ما زالوا تحت الانقاض لفترة طويلة وبالتالي تكمن الخطورة في تحلل الجثث وما يرافقها من انتشار للملوثات الميكروبية الناتجة عن عمليه التحلل .
وتم قطع الكهرباء عن قطاع غزه والذي أدى الى تعطيل عمل محطات معالجه المياه العادمه وكذلك تعطيل عمل وحدات تحليه مياه الشرب ومضخات المياه اللازمة لنقل المياه الى السكان في العديد من المناطق في قطاع غزه..داعيا الموسسات الدولية البيئية ومؤسسات حقوق الانسان للوقوف عند مسؤوليتهم لوقف العدوان والسماح بإدخال الاحتياجات الاساسية للقطاع لمنع تدهور الأوضاع البيئية والصحية ومنع انتشار الاوبئة والامراض.
ونجد ان أن قطاع غزة يتعرض لكارثة بيئية وصحية ستمتد آثارها إلى كل دول المنطقة وتواجه فلسطين تحديات تدمير البيئة الفلسطينية بكل عناصرها من خلال آلة الحرب الإسرائيلية التي تشن حرب شعواء على قطاع غزة تستهدف كل كافة مقومات الحياة.
قال السفير مصطفى الشربينى الخبير الدولي في الاستدامة والمناخ ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو - جامعة الدول العربية، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هى إبادة بيئية وكارثة مناخية تهدد الحياة وكوكب الأرض، حيث أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهلك كميات هائلة من الوقود الأحفوري في الطائرات والمركبات، ما يسهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري، كما أن التفجيرات وغيرها من أساليب الحرب الحديثة تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجي، حيث يمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في منطقة ما وقتل السكان الأصليين وتهجيرهم.
وأضاف السفير مصطفى الشربينى، فى تصريحاته ، أن التلوث الناجم عن الحرب يؤدي إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، ما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها.. مشيرا إلى أن استخدام الأسلحة المتفجرة في الحرب على غزة في المناطق المأهولة بالسكان أدى إلى مستويات مذهلة من الدمار، وهذا غالبا ما يخلق إرثا بيئيا كبيرا، بما في ذلك تكاليف الكربون لإدارة الحطام، ومعالجة المناطق الملوثة وإعادة الإعمار، حيث الدمار واسع النطاق، وتشير التقديرات إلى أن إزالة الأنقاض من غزة وحدها ستتطلب ملايين الرحلات بالشاحنات.
ظاهرة الاحتباس الحراري في غزه
إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، زاد من ظاهرة الاحتباس الحراري ولم يحسب في كل التقارير التي أعلنت الأثر التدميري على نظم البيئة التي استخدمت فى هذه الرقعة الصغيرة، موضحا أن هناك 11 نوعا من القنابل استخدمها الاحتلال فى مساحة لا تزيد على 15 كم.
أن هذه الأنواع التي منها الفوسفات الأبيض، وهو من الأنواع التي استخدمتها أمريكا فى العراق، وبعض العراقيين ذابت جلودهم وبعضهم ذابت لحومهم، وبعضهم مات من الصدمة لأن هذه القنابل محرمة دوليًا.
أن الحروب لها تقاليد لا يجوز استخدام أسلحة فيزيائية وكيمائية ومحرومة دولية في منطقة صغيرة جدًا لا تتحمل هذا الكم من الكيد الإسرائيلي، وهذا الملف سيكون مطروحا في قمة المناخ بالإمارات، وسيطرح أن ما يحدث في فلسطين هو أسوأ نوع من الاحتباس الحرارى والذي أثر على الدول الأوروبية وتسبب في إذابة الجليد.
فى النهاية نجد إننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لفهم التكاليف المناخية للحرب وآثارها المدمرة على المناخ والبيئة إذا أردنا تحديد المسارات نحو خفض الانبعاثات وزيادة القدرة على الصمود أثناء التعافي، مشيرا إلى ضرورة دفع الجهود للحصول على دعم من المنظمات في (COP28) للإبلاغ عن الانبعاثات في الحرب الإسرائيلية على غزة بشكل أكثر شفافية ومن المهم أن يفهم العالم أن إسرئيل جعلت القضية المناخية واستراتيجية التنمية المستدامة أكثر تعقيدا من ذي قبل.
وذكر السفير مصطفى الشربينى الخبير الدولي في الاستدامة والمناخ ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو - جامعة الدول العربية أن أي زيادة في التوترات الجيوسياسية، أو أي انقسام في التعددية، من شأنه أن يجعل التقدم التعاوني لحل ازمات البيئة والمناخ الكبيرة ، أكثر صعوبة ، وتشير الأحداث أننا ذاهبون الى صدمة نفطية سوف تتسبب في رفع أسعار الفائدة العالمية ، وأن هذا من شأنه أن يزيد من صعوبة اجتذاب الاستثمار إلى مشاريع الطاقة المتجددة، وخاصة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية، حيث أصبحت تكلفة رأس المال أعلى كثيراً بالفعل من نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا، علاوة على ذلك، حتى الدول الغنية ستجد صعوبة أكبر في إنفاق الأموال العامة لتحويل اقتصاداتها بعيدا عن الوقود الأحفوري وبالتالي تأخر كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتأخر في تحقيق الهدف للوصول للحياد المناخي ٢٠٥٠ .
ونوه الشربينى بانه سيتم التركيز على حساب الانبعاثات في أول تقييم عالمي - وهو تقييم لمدى تخلف الدول عن أهداف باريس للمناخ - المقرر عقده في قمة المناخ COP28 في الإمارات العربية المتحدة ابتداءً من 30 نوفمبر ، مشيرا الى أن حالة الطوارئ المناخية العالمية لم تعد قادرة على السماح بحذف الانبعاثات العسكرية والمرتبطة بالصراعات ضمن عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ".