السبت 27 يوليو 2024 04:28 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

د.كمال يونس يكتب : الطوفان

دكتور كمال يونس
دكتور كمال يونس

توفى والدها وقد كتب لها نصف تركته ،والباقى لأمها وشقيقتيها التوأم الصغيرتين ،والتي تكبرهما بحوالى خمسة عشر عاما ،اعترضت لكن والدتها المريضة بالسرطان أكدت على رضاها ورضا بنتيها الأخريين ،تنفيذا لوصية والدهم ،حيث أنها خير من يرعاهن ،استسلمت لتنفيذ الوصية لإرضاء أبيها ،تخرجت في كلية الحقوق ،تزوجت من طبيب كبير ،رزقها الله بابن وحيد ،رعت شقيقتيها حتى تزوجتا، جهزتهما على أفضل مايرام من مالها الخاص ،كن يعتبرنها أمهما ، حتى في وجود والدتهما قبل موتها ، ذات يوم بينما تقلب في أوراق أبيها القديمة فوجئت بمظروف كبير مغلق بعناية فائقة ،مكتوب عليه خاص وسري،فتحته وإذ بها تكتشف أنها ليست ابنته ،بل طفلة متبناة ،أعطاها اسمه ،دهشت فلم تعرف لها أبا غيره منذ وعت ذاكرتها الأحداث،من بين الأوراق شهادة ميلادها ،فيها اسم الأم والأب الأصلى وبين ثنايا الأوراق علمت بأنه قد توفى وهي في الثالثة من عمرها ، في دفتر مذكراته تبين أنهما تبنياها بعد أن قضيا سنوات طوال دون أن يرزقنا بأولاد ،تبنياها ،رعياها أحسن رعاية ، حتى فوجئا بحمل الزوجة في توأم،تربت معهما ،بلاتفرقة ،بل وساعدت أمها في ربايتهما ،ظلت تبحث في الأوراق ،علمت بأن أمها الحقيقية مودعة في السجن في جريمة قتل زوجها ،دارت الدنيا بها ،ذهبت للسجن قابلتها ،علمت بأنها حصلت على عفو صحي لإصابتها بسرطان في حالة متأخرة ، نهرت أمها لأمتها ،أنبتها ،ليتك ماكنت أمي ،ليتك كنت نسيت منسيا ،تظهرين الآن في حياتي ،ها أنا قد طلقني زوجي ،وحرمني من ابني ،بكت الأم لاتتركيني ،دعيني أقضي أخر أيامي معك ،ليس لي سواك ، مضطرة كارهة اصطحبتها لتقيم في فيلا والدها بالتبني ، ورعاية شقيقتيها التوأم على أنها المربية الأولى لأختهما الكبرى ،لكنها من آن لأخر لماذا قتلت والدي ؟،لماذا أجرمت في حقي وحقه ؟،لماذا كنت أنانية إلى هذه الدرجة؟ ، استجمعت الأم ماتبقى لها من قوة ،صرخت فيها رغم أنينها من مرضها الشديد ،لقد دخلت السجن فداء لك ،كيف ؟!!!،ماذا ؟!!!،نعم دعيني أكمل ،كان والدك السكير يسيء معاملتي ،ضرب ،إهانة ، كنت تبكين وتصرخين وتصابين بنوبات هلع ،حتى قمت بإضرام النار في فرش سريره فمات محترقا ،لم أستطع إخبار المحقق بما فعلتيه ،افتديتك ،دفعت الثمن غاليا حرماني منك ،قسوتك علي ، فسر لها ماروته أمها هلعها الزائد من النيران، ورائحة الدخان،التي لم تفارق أنفها طيلة عمرها ، احتضنتها باكية ،غرقا في طوفان من الدموع .

e5e3be861691.jpg