الأحد 8 سبتمبر 2024 11:47 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الومضه٥٨( جزء ثان)

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : القمر واليمام.

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز
الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز

قليل من أهل الحاره من كان يدرك بأن الشمس والقمر يتجددان دوما وهذا ما منحهما عمرا مديدا علي مر الزمان ، ولأن أهل الارض يذكرون دوما القمر بأجمل وأرق الصفات قرر ان يبادلهم الحب بالحب وان يرسل لهم رساله مفادها" ان حياه الرجال والنساء تتجدد دوما كما يتجدد هو " ، ولكنه إحتار فيمن يحمل اليهم الرساله .
طالع القمر أرض الحاره وهو بدر كامل يبحث عن ساعي بريد لتوصل رسالته ، فما وجد غير الخنافس تمليء أرض الحاره ، فهي الوحيده التي تستطيع ان تتسلل الي جميع بيوت الحاره التي كانت قريبه يوما من الخلاء فلم تسلم من هجوم الخنافس . إستسلم القمر لواقع حارتنا وقرر نقل رسالته عبر الخنافس ، المسافه بين القمر وسماء حارتنا بعيده جدا ، ولكي تبث الخنفساء الام الرساله من فوق القمر لابد ان تقضي وقتا طويلا حتي تصل الي حارتنا لتُبَلغْ الخنافس بما تريد ،ولربما تصل بعد قيام الساعه ، فإعتذرت للقمر ، فأعاد القمر النظر في سماء الحاره فوجد اليمام يحوم في أسراب كثيره ، فالكل غاوي يعمل غيه حمام ويمام فوق أسطح المنازل ، وعليه قرر القمر تغيير ساعي البريد فصار يمامه بدل الخنفساء!! فهمت اليمامه الرساله وأردات تبليغها بشده الي اهل الحاره لانها تعشق السلام ، فهي من قديم تجوب سموات الحاره ولم ترقب في الحاره اي مظاهر للتجديد او التطوير كما هو مكتوب بالرساله ، فالحاره مازالت علي عهدها القديم في حرب مع الخنافس ، وكلما قضت عليها هاجمها سرب اخر من الخلاء .
انشغلت الحاره بتلك الحروب دهرا ، لذا انقضت اعمارهم ولقوا حتفهم سريعا في تلكم الحروب الضاريه خاصه ان حروبهم لم تكن مقصوره علي الخنافس فقط فهم يهون القتال لذات القتال ولخوفهم الشديد من الموت ، فعلي اليمامه الاسراع بنقل رساله القمر لكي لاتفني البشر والخنافس .
اليمامه نقلت الرساله لسائر عموم اليمام في العشش وغيات الحمام المنتشره فوق أسطح المنازل ، وإستنفذت كل يمامه طاقتها في شرح الرساله للبشر ، تاره بتمثيل الموت وتاره أخري بالانطلاق الي السموات وتجديد مسارات طيرانها .
إندهش أهل الحاره من سلوك اليمام المفاجئ ، وبلغ اليمام من دقة التمثيل والمحاكاه مبلغا عظيما من أجل أن يفهم مقصده اهل الحاره ، ولكنهم تابعوا حركات اليمام البهلوانيه بمزيد من الضحكات ، وفي محاوله يائسه أخيره جمعت افواج اليمام بعضها ومثلت بحركاتها المتجدده الرساله لكي يفهم أهل الحاره ، ولكنهم لم يفهموا ، فصارت اياما واياما ترغل في اماكنها وتصدر اصواتا جماعيه مزعجه لتنبيه أهل الحاره ، المهم عند اهل الحاره الا يجافي أحدا لهم مضاجع أويفرغ لهم بطون ، وفي تطور للزمن دون الناس داهم الحاره الغلاء ، وغاب القمر عن سماء الحاره فذبحوا يمامهم ليملئوا منه البطون ، وضاعت رساله القمر في بلوعات مجاري حاره السلطان ، الغريب في الامر ان هذه هي المره الوحيده التي لم يلجأ فيها الأهالي لحكيم الحاره لفك طلاسم رساله القمر ، وهم يعلمون جيدا ان الحكيم قد عُلِمَ منطق الطير ولكنهم استغنوا عن الفهم بملئ البطون ، لذا هم منذ القدم يخافون الموت ويغضون الطرف عن فك الطلاسم التي تحمل لهم وسائل التجديد حيث بعث لهم القمر برسالته في الخلود وارفقها بين طيات اجنحه اليمام .