دكتور رضا محمد طه يكتب: اليقظة الذهنية لعلاج اضطرابات القلق والاكتئاب

منذ الثورة الصناعية وأخذت حالات اضطرابات القلق والاكتئاب في الظهور علي نحو متزايد نتيجة لما حدث من تغيير كبير في أنماط حياة الناس والذي انعكس على سلوكياتهم وخاصة اللهاث و الماراثون وراء متاع الدنيا القليل وتراجع تفكيرهم في أن الله لا يضيع اجر المحسنين وان العمل للآخرة خير وابقى.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 301 مليون شخص أي 4% من سكان العالم يعانون من إضرابات القلق والاكتئاب ، وقد يكون العدد الحقيقي أعلي من ذلك بكثير خاصة أن حالتي القلق والاكتئاب غالباً ما تتواجدان في وقت واحد بالأشخاص الذين يعانون وهو ما يعرف بإسم الأمراض المصاحبة. وعلى الرغم مم يصيب الناس من قلق عرضي والذي هو جزء متوقع من الحياة ، إلا أن القلق الذي يستمر أو لا يتناسب مع الموقف الذي آثاره قد يكون علامة على وجود حالة صحية عقلية وتتمثل اعراضها في القلق أو الخوف أو التوتر العام أو المحدد وصعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات والشعور بالانفعال أو التوتر أو الأرق والغثيان أو الضيق في البطن وخفقان القلب ومشاكل النوم والشعور بالخطر الوشيك أو الذعر أو الهلاك.
تتركز العلاجات علي إيجاد توازن دقيق بين الشفرات أو الرسائل الكيميائية في الدماغ بما يساعد الخلايا العصبية علي "التحدث مع بعضها البعض " عبر النواقل العصبية ومن ثم علاج الخلل الكيميائى، والتي تستخدم فيها حالياً الكثير من الأدوية مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs أو حاصرات-مانعات-بيتا، جنباً إلى جنب مع التدخلات النفسية والكثير من مضادات الاكتئاب.
تجنباً للآثار الجانبية التي تحدث عند استخدام مضادات الاكتئاب يتجه العلماء إلي وسائل أخرى طبيعية في علاج القلق والاكتئاب مثل الاسترخاء وبالأخص اليقظة الذهنية MBSR وهذا ما سلطت الضوء عليها دراسة جديدة نشرت مؤخرا في مجلة JAMA Network Open أجراها باحثون من المعهد الصحي في ولاية مارينلاند وكشفت عن أن اليقظة الذهنية قد تكون بنفس فعالية مضادات الاكتئاب في تخفيف اعراض إضرابات القلق. أوضح الباحثون من خلال النتائج أن ممارسة تخفيف التوتر القائم أو اليقظة الذهنية mindfulness يكون لها نفس فعالية عقاقير مثل اسكيتالوبرام (ليكسابرو-وهو أحد مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ) والتي تستخدم حالياً في تخفيف اعراض علاج القلق والاكتئاب المختلفة. وتتضمن ممارسة اليقظة الذهنية التأمل الرسمية وغير الرسمية، علما بان مضادات الاكتئاب الانتقائية كثيراً ما يصاحبها آثار جانبية ، لذا فإن هذا الأسلوب في العلاج الذي ينصح به فريق البحث يناسب الأشخاص الذين يبحثون عن بدائل الأدوية فعالة في لتخفيف أعراض اضطرابات القلق، حيث يتم خلاله التركيز على الإنتباه القوي لما يحس أو يشعر به الشخص في الوقت الحالي دون تأويل أو حكم ، وتنطوي علي طرق للتنفس والتخيل الموجه وجميعها تساعد في صرف الإنتباه بعيدا عن هذا النوع من التفكير وكذلك التوجيه نحو الارتباط بالعالم المحيط دون مبالغة.
وليس اجدي في هذا السياق من قول أن ما يطمئن القلوب هو ذكر الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب " واظن أن من يكن مطمئناً قلبه لن يعاني من القلق أو الاكتئاب المرضى.
دكتور رضا محمد طه