خالد درة يكتب : بالعقل أقول...( الأميركيون قادمون... أفيقوا يا عرب !...)
في الذاكرة الأميركية إعجاب شديد بشخصية مورغان ( مورجان ) وفلسفته في القتل والإغارة، والتي تقوم على التدخل في آخر أوقات المعركة ، بعد إنهاك الخصوم الأقوياء بعضهم بعضاً ..
و "الكابتن مورغان" هو القرصان الأشهر في التاريخ ، عاش خلال القرن السابع عشر، جمع ثروة هائلة ، وعن طريقها أنشأت أسرته البنك العملاق المعروف باسمه .. كان مورغان يرابط في جزيرة وسط الأطلسي ، منتظراً عودة سفن القراصنة الآخرين ، بعد رحلتهم فى عرض البحر ، محملة بكنوز سفن أغاروا عليها ؛ فينقض عليهم ويسلبهم غنائمهم! ..
و في الذاكرة الأميركية إعجاب شديد بشخصية مورغان وفلسفته في القتل والإغارة ، والتي تقوم على التدخل في آخر أوقات المعركة ، بعد إنهاك الخصوم الأقوياء بعضهم بعضاً ؛ ما منحه سمعة قتالية خارقة و ثروات بلا حدود ، هذا النهج شكّل خيطاً ناظماً للذاكرة التاريخية ، منذ قيام الولايات المتحدة ؛ فسال لعاب الأميركيين على ما تحوزه الإمبراطوريات السابقة الإسبانية والفرنسية والبريطانية والهولندية حول العالم ؛ فانطلقت تقضم ممتلكات تلك الامبراطوريات "القراصنة"؛ فتضاعفت مساحة أميركا أربعين ضعفاً في قرن ونصف ، بالقرصنة في أغلب الأحيان ، و اقتطعت بالقوة تكساس من المكسيك ، و كاليفورنيا و فلوريدا و جزر الباسيفيك من إسبانيا ، واشترت لويزيانا من فرنسا و آلاسكا من روسيا ، و جزر فيرجين من الدنمارك ..
تمثل غريزة التمدد الجغرافي محدداً للخصوصية الأميركية ، عبر الضم بالقوة أو الشراء بالمال ؛ لتحويل مستعمرة إلى دولة على مقاس قارة ، وهو منطق لا يزال مستمراً لتوسيع حدود الهيمنة الأميركية فوق التخوم البعيدة ، وصولاً إلى الشرق الأوسط وغيره ..
فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، أخيراً ، رغبته في أن يضم "غزة"، بموجب "السلطة الأميركية" على حد وصفه ، ما يؤكد أننا أمام طور استعماري جديد ، يسعى إلى أن يكرره مع العرب ، كما فعله من قبل مع الإمبراطورية الإسبانية ، عندما استولى على مكوناتها ، قطعة بعد أخرى ؛ لأنه كان يراها "امبراطورية ساقطة" بالمعنى الاستراتيجي ، مثلما تصنف واشنطن حالياً غالبية دول المنطقة العربية إلى صنفين : قابل للضرب أو قابل للشراء ..
و اليوم تحاول الولايات المتحدة أن تعاود الكرة لتوسع حدودها ، على مقاس العالم الفسيح ؛ عبر القرصنة وعلى حساب أرواح شعوب بريئة .. فثمة تماثل كبير و تشابه بين الكابتن مورغان ودونالد ترامب ، كلاهما يريد توسيع الإمبراطورية ؛ فالرئيس الأميركي الناشئ في بيئة من الثراء والامتيازات ، تسيطر عليه نظرة قتالية نحو العالم ، تجعل أميركا كسهم يغادر قوسه المشدود إلى حدود الشرق الأوسط .. و وراء هذه الاندفاعية "منظومة قوة" تمسك بالقرار الاستراتيجي الأميركي ، و تحالف من المجمع الصناعي العسكري وكبار الأثرياء واليمين الشعبوي المتطرف وجماعات الضغط الصهيونية ، وهي منظومة موصولة بالقوى الاقتصادية والاجتماعية المسيطرة ، و لا ترى مخرجاً للأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي تضرب أوصال المجتمع الأميركي إلا بهذه الاندفاعة ..
إن تاريخ أميركا هو تاريخ الحدود المتحركة على الدوام ، من دون أي اكتراث بحقوق الآخرين أو بالأخلاقيات ؛ و في ذلك يقول المفكر الأمريكي نيكولاس سبيكمان ( أبو نظرية الاحتواء ) أن "شكل الأرض نفسه يلغي الأخلاق ، ويعطي الأقوى المبرر لتدمير الأضعف"! ..
لهذا يوجب على العرب جميعاً التحوط للأسوأ ؛ في ظل تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط والداخل الأمريكي .. فوجود ترامب في البيت الأبيض يجعل كل الاحتمالات واردة ، في ظل القدر الهائل من الخلط و التعميم ، و الإنذار و الخطر ، والانحياز الفاضح إلى إسرائيل ، الأمر أكبر وأخطر مما يبدو ...
ف "غزة" أو حتى فلسطين ، مجرد ضربة البداية في مخطط أفظع ، الأميركيون قادمون إلى الإقليم كمحتلين مسيطرين ؛ كي يضموا ثروات دولة إلى إمبراطوريتهم ، تشحنهم ذاكرتهم التاريخية ، وتدفعهم أطماع و أزمات.. و هناك خيار وحيد يمكنه عرقلة هذا "التوحش"، إقناع الأميركيين بأنهم سيدفعون ثمنا أكثر فداحة لما قد يسلبونه من غنائم ..
فحسابات التكلفة هي العنصر الأكثر تأثيراً ؛ لكبح شراهة الأمبراطور ترامب تجاه الإقليم ، باعتبار أنه شخصية مثيرة للجدل ، يبني تحركاته على أساس المكسب والخسارة ، ويستعين بمستشارين يمينيين متشددين ، في توجيه دفة الأمور ، لكنه قد يندفع أحيانا على قضبان الأحداث ، كقطار بلا سائق ..
و يذكر ستانلي كارنوف ، في كتابه "الامبراطورية الأميركية" أن الرئيس ويليام ماكينلي ، الذي بدأ عصر التوسع الامبراطوري الأميركي ، كان شخصية غريبة ، كرجل أعمال وسياسياً لا يملك العمق الرؤيوي أو الثقافة اللازمة لاتخاذ قراراته .. لهذا اعتمد على جماعات الضغط من أصحاب المصالح ، و شاعت في عهده نكتة في صورة سؤال وإجابة : "كيف يتشابه عقل الرئيس ماكينلي مع سريره؟ لتأتى الإجابة : هى أن كلاهما لا بد أن يرتبه له أحد قبل أن يستعمله"..
و من المحتمل أن يتولى صقور الجمهوريين والأثرياء الجدد وكوشنير صهر ترامب مهمة ترتيب عقل الرئيس الأميركي ، قبل أن يستعمله ، حتى لا يندفع كعاصفة هوجاء ..
أما قاطنوا الشرق الأوسط فإن أشد ما يرغبون به هو تجنب السير في مسار فرض السيطرة الأمريكية ، بكل تداعياتها وارتداداتها ، فالخيار الأفضل يتمثل في دعوة واشنطن إلى "الشراكة"، مع التسليم بإمكانية الخلل فى عدالة "الشراكة" بين طرف بالغ القوة وشركاء أضعف منه بكثير ، لكن تحقيق قدر من العدل يتوقف دوماً على صلابة إرادة الأقل قوة ، وحنكته في استخدام أوراقه ، وإلّا فسيتم افتراسه بلا شفقة!












انهيار عقار ببركة الدماس في أسوان
ضبط المتهم بابتزاز أميرة الذهب بفيديوهات مخلة في الجيزة
بدء ثاني جلسات المطربة بوسي في قضية تهربها الضريبي
التحفظ على سائق التريلا المتسببة في حادث الأتوبيس الترددي بالأوتوستراد
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..
استقرار أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الاحد 23-11-2025
أسعار الذهب اليوم الأربعاء فى محلات الصاغة