السفير عمر عامر: زيارة الرئيس الس«يسي لليونان تُعيد تعريف مسار العلاقات الثنائية وتفتح صفحة جديدة من الشراكة الاستراتيجية

في تصريحات هامة بمناسبة زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اليونان، أكد السفير عمر عامر، سفير جمهورية مصر العربية لدى أثينا، أن هذه الزيارة التاريخية تمثل نقلة نوعية في مسار العلاقات المصرية اليونانية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وأشار السفير عامر إلى أن الزيارة تدشن مرحلة جديدة من التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، حيث سيتم خلالها إطلاق **"مجلس التعاون الأعلى"** بين مصر واليونان، وهو آلية تهدف إلى رفع مستوى التنسيق المشترك وتوسيع آفاق الشراكة في مختلف المجالات.

وأوضح السفير أن العلاقات المصرية اليونانية ليست حديثة العهد، بل هي علاقات متجذرة في التاريخ وتستند إلى رصيد طويل من التفاهم والتعاون المتبادل، إضافة إلى القرب الجغرافي الذي أعطى خصوصية للعلاقات بين البلدين، وشكل دافعاً لتعزيز التواصل وبناء شراكات استراتيجية مستدامة. وأكد أن هذا المجلس الجديد يمثل خطوة متقدمة نحو تفعيل التعاون عبر آليات عمل مشتركة أكثر تنظيماً ووضوحاً، ويعكس الإرادة السياسية المشتركة لدفع العلاقات الثنائية نحو آفاق أوسع وأعمق.

وأشاد السفير عمر عامر بمستوى التعاون القائم بين البلدين في عدد من المجالات الحيوية، خاصة في قطاع الطاقة، مشيراً إلى مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان المعروف باسم **GREGY**، والذي يُعد أحد أهم المشروعات الاستراتيجية المشتركة. وأوضح أن المشروع يهدف إلى تصدير الطاقة النظيفة من مصر إلى اليونان ومن ثم إلى دول أوروبية أخرى مثل البرتغال وإيطاليا، عبر كابل بحري يمتد لمسافة 954 كم، مما يجعل مصر جسراً لتوصيل الطاقة النظيفة بين قارتي إفريقيا وأوروبا.

وأشار السفير إلى أن المشروع قد تم إدراجه ضمن قائمة المشروعات ذات المنفعة المشتركة "PCI/PMI" التابعة للاتحاد الأوروبي، ما يفتح المجال أمام تمويل كبير من المفوضية الأوروبية لتغطية نسبة كبيرة من تكاليفه التي تقدر بأكثر من 4 مليارات يورو. كما ذكر أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية قد وقع مؤخراً اتفاقاً مع الشركة المنفذة للمشروع من الجانب اليوناني (مجموعة كوبيلوزوس) لتمويل دراستي الجدوى الخاصة بالمشروع، وهي خطوة إيجابية تُعد بداية فعلية لتنفيذ المشروع على الأرض.

وفي سياق متصل، تطرق السفير عامر إلى دور منتدى غاز شرق المتوسط في تعزيز التعاون بين البلدين، مؤكداً أن المنتدى يُعد منصة إقليمية مهمة لتنسيق الجهود في مجال الطاقة، وتساهم فيه مصر واليونان بشكل فاعل باعتبارهما من الدول المؤسسة له منذ عام 2018. ولفت إلى أن الشركات اليونانية الكبرى تبدي اهتماماً متزايداً بالتعاون مع نظيراتها المصرية في مجال الغاز الطبيعي، مثالاً على ذلك تأسيس شركة مشتركة بين "إيجاس" المصرية ومجموعة كوبيلوزوس اليونانية، بهدف نقل وتوريد وإعادة تغييز الغاز.

وحول العلاقات الاقتصادية والتجارية، أفاد السفير بأن حجم التبادل التجاري بين مصر واليونان شهد ارتفاعاً ملحوظاً، حيث بلغ في عام 2024 نحو **2 مليار يورو** مقارنة بـ 1.925 مليار يورو في عام 2023، فيما حقق الميزان التجاري فائضاً لصالح مصر بلغ 344 مليون يورو. كما أشار إلى أن الاستثمارات اليونانية في مصر تخطت 256 مليون دولار حتى فبراير 2025، بينما بلغت الاستثمارات المصرية في اليونان نحو 38 مليون يورو، معظمها في مجال الاستثمار العقاري.

كما أعلن السفير عن التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم خلال زيارة الرئيس السيسي، تشمل مجالات الثقافة والشحن التجاري والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى إعلان مشترك حول انعقاد الدورة الأولى لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين. واعتبر أن هذه الاتفاقيات تُسهم في تقوية الروابط الاقتصادية والثقافية وفتح أبواب جديدة أمام رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين.

وفيما يتعلق بالجوانب الإنسانية والثقافية، أكد السفير عمر عامر أن الجالية المصرية في اليونان تلعب دوراً محورياً في تعزيز التواصل بين الشعبين، مشيراً إلى مبادرة "إحياء الجذور.. نوستوس"، وهي مبادرة ثلاثية بين مصر واليونان وقبرص تهدف إلى تقوية الروابط الثقافية والإنسانية بين الشعوب الثلاثة. كما أبرز الاتفاق الموقع بين البلدين بشأن استقدام العمالة الزراعية المصرية للعمل في اليونان، والذي يستهدف في مرحلته الأولى توفير 5 آلاف فرصة عمل موسمية.

وفي ختام تصريحاته، تحدث السفير عن مستقبل التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، مشيراً إلى أن آلية القمة الثلاثية التي تم إطلاقها عام 2014 أصبحت إطاراً استراتيجياً مهماً للتشاور والتنسيق المستمر حول القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية في منطقة شرق البحر المتوسط. وأكد أن انعقاد الدورة العاشرة من القمة الثلاثية في يناير 2025 برئاسة الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص يعكس مدى التزام الدول الثلاثة بتطوير العلاقات ومواجهة التحديات الإقليمية بشكل مشترك.

واختتم السفير عمر عامر حديثه بالتأكيد على أن زيارة الرئيس السيسي لليونان تُعد نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات الثنائية، وأنها ترسخ مكانة مصر واليونان كركائز أساسية للسلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط، وشريكين استراتيجيين يجمع بينهما رؤى مشتركة وتحديات واحدة تتطلب تضافر الجهود لتجاوزها.