البابا ليو الرابع عشر يحتفل بقداسه الأول في كنيسة سيستين.. ويؤكد: سأقود كنيسة تضيء ظلام العالم


في حدث ديني مهيب، أقام البابا ليو الرابع عشر، أول بابا أمريكي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، قداسه الأول كرئيس للأساقفة الروم الأرثوذكس داخل كنيسة سيستين الشهيرة، تحت قبة مايكل أنجلو الفنية الخلابة. وبهذا يكون البابا الجديد قد بدأ رسميًا مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، بعد انتخابه المفاجئ في مجمع مغلق استمر أقل من 26 ساعة، وهو من أسرع عمليات اختيار البابا في التاريخ الحديث.
ولد البابا ليو الرابع عشر باسم "روبرت فرانسيس بريفيست"، وهو أسقف شيكاغو السابق، وقد تم انتخابه من بين 132 كاردينالًا شاركوا في المجمع الانتخابي الذي انعقد بعد وفاة البابا فرنسيس في أبريل الماضي عن عمر ناهز 88 عامًا. ومنذ خطابه الأول أمام الحشود في ساحة القديس بطرس، أظهر البابا الجديد طابعًا إنسانيًا قريبًا من الناس، حيث توقف لالتقاط صور "سيلفي" مع الحجاج، وأوقع أول توقيع له كبابا في دفتر طفل كان برفقة عائلته.
خلال القداس الذي أقيم يوم الجمعة، وجّه البابا ليو كلمته الأولى باللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى الإيطالية، وهو ما يُعد مؤشرًا واضحًا على رغبته في التواصل مع كل أنحاء العالم الكاثوليكي. وفي بداية عظته، اقتبس من المزامير قائلاً: **"سأترنم بنشيد جديد للرب لأنه صنع عجائب"**، وأضاف: **"ليس أنا فقط، بل نحن جميعًا أيها الإخوة الكرادلة، ندعوكم اليوم للاعتراف بالمعجزات التي فعلها الرب، وبالبركات التي لا تزال تسقط علينا."**
ثم تحدث البابا بلغة إيطالية عن دور الكنيسة في العالم الحديث، وقال إنه يتمنى أن تكون الكنيسة "**نورًا يضيء ليالي هذا العالم المظلم**"، مشددًا على أن الكنيسة يجب أن تُحكَّم بقداسة أبنائها وليس ب grandeur المباني أو العظمة المادية. وأكد أنه سيكون "خادمًا أمينًا" لهذه المؤسسة الدينية العريقة.
كما تطرق البابا إلى قضية التبشير والإيمان في عصر تتزايد فيه التحديات، وأشار إلى أن هناك أماكن كثيرة في العالم أصبح فيها الإيمان المسيحي "يعتبر غريبًا أو حتى سخيفًا، مخصصًا للأضعف والأقل ذكاءً". ولفت إلى أن البعض يفضل أمان التكنولوجيا والمال والنجاح والسلطة والمتعة على الإيمان الحقيقي.
وقال: **"هذه هي البيئات التي يصعب فيها نشر الإنجيل وشهادة الحق، حيث يُسخر من المؤمنين أو يُعادون أو يُحتقرون أو يُتسامح معهم بشفقة. لكن بالضبط لهذا السبب، فإن هذه الأماكن هي التي تحتاج بشدة إلى رسالتنا التبشيرية."**
وبعد القداس، تناول البابا الغداء مع الكرادلة الذين انتخبوه، قبل أن يبدأ في تنظيم أعماله الرسمية الجديدة. وكان البابا قد زار منزله السابق في روما، "قصر سانت’ أوفيزيو"، لأول مرة منذ انتخابه، في زيارة غير متوقعة، مما أثار تفاعلًا كبيرًا من المواطنين والصحافة المحلية.
وكان للمشهد حضور بسيط من الجماهير في ساحة القديس بطرس، إذ لم تكن الساحة مكتظة كما اعتادت في الأيام السابقة، لكن ذلك لم يمنع وجود عدد كبير من الحجاج الذين حملوا الصليب الخشبي في موكب ديني داخلي داخل البازيليكا.
**ردود الفعل من الزوار والحجاج الدوليين:**
من بين الحاضرين، أعربت "ماريا مارينو"، وهي مسيحية من نيويورك، عن سعادتها باختيار أول بابا أمريكي، وقالت: **"أنا متفائلة بأن البابا ليو سيربط الجميع بإيماننا المشترك، وأنه سيكون باباً لكل الناس."** وأضافت أنها ترى أن البابا الجديد يحمل "احترامًا كبيرًا لإرث البابا فرنسيس، لكنه سيكون قائدهم الخاص".
أما "كيري بيتز" من أستراليا، فأعربت عن تطلعها لأن يحافظ البابا الجديد على الانفتاح الذي بدأه سابقه في موضوعات مثل قبول المثليين وزواج المطلقين داخل الكنيسة، مضيفة: **"أتمنى ألا يعود بالكنيسة إلى الوراء. لقد قبلنا كيف تعامل البابا فرنسيس مع هذه القضايا، ونأمل أن يستمر البابا ليو في هذا النهج."**
التحديات التي تواجه البابا الجديد:
يأتي البابا ليو إلى سدة القيادة في وقت تواجه فيه الكنيسة الكاثوليكية تحديات داخلية وخارجية كبيرة، منها:
- **الأزمة المالية المتراكمة في الفاتيكان**
- **الانقسامات حول قبول LGBTQ+ والمطلقات**
- **دور المرأة في الحياة الكهنوتية والكنسية**
- **التعامل مع قضايا الاعتداء الجنسي من الكهنة**
ومن المنتظر أن يعلن البابا الجديد عن أولوياته خلال الأسابيع القادمة، خاصةً فيما يتعلق بإصلاح الإدارة الداخلية للكنيسة وإعادة الثقة بين المؤمنين والهيكل الكنسي.
---
في ظل التغيرات الاجتماعية والدينية العالمية، يمثل البابا ليو الرابع عشر اختبارًا جديدًا لقدرة الكنيسة الكاثوليكية على التجديد والتكيف. ومن خلال كلماته الأولى وسلوكه المتواضع، يبدو أنه يسعى لتكون رسالته إنسانية، وموجهة لكل البشر، دون تمييز أو استثناء.