في لقاء تاريخي على هامش احتفالات النصر.. الرئيس السيسي وبوتين يبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا

في لقاء مرتقب كان له صدى دبلوماسي كبير، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش الاحتفالات الرسمية بعيد النصر الذي تقيمه روسيا سنويًا في العاصمة موسكو لإحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد حضر الرئيس المصري هذه الاحتفالات كضيف شرف، في خطوة تؤكد عمق العلاقات التاريخية والسياسية بين البلدين.

وخلال اللقاء، أعرب الرئيس السيسي عن سعادته بالالتقاء مرة أخرى مع الرئيس بوتين، مشيدًا بفرص التعاون المتواصلة بين مصر وروسيا في مختلف المجالات، كما وجه التهنئة إلى القيادة والشعب الروسي بمناسبة الذكرى السنوية لهذه المناسبة العظيمة التي تمثل قيمة رمزية وتاريخية لدى الشعب الروسي.

وقال الرئيس السيسي: "يسعدني أن ألتقى بكم مجددًا فخامة الرئيس، وأتقدم بأصدق التهاني بمناسبة احتفالات عيد النصر، وهي مناسبة حرصت على المشاركة فيها لنؤكد اعتزازنا الكبير بالعلاقات المصرية الروسية، والتي بلغت أعلى مستوياتها بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2018".

وأكد السيسي أن مصر تنظر إلى روسيا باعتبارها شريكًا استراتيجيًا في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشيدًا بمستوى التنسيق القائم بين البلدين في المحافل الدولية، ومثمنًا الجهود المشتركة في تعزيز السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

كما استعرض السيسي خلال المباحثات تطورات التعاون الثنائي بين البلدين، وخصوصًا في مجالات الطاقة، والسياحة، والصناعة، والتعاون العسكري، مشيرًا إلى ضرورة تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المشتركة مثل مشروع محطة الضبعة النووية، وإعادة تشغيل خطوط الطيران بشكل كامل بين البلدين، وهو ما يخدم تعزيز التواصل بين الشعبين الصديقين.

وأشاد الرئيس السيسي أيضًا بسرعة انعقاد الآليات الدبلوماسية والفنية المشتركة بين البلدين، متمنيًا التوفيق للدورة الخامسة عشرة للجنة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني، التي ستنعقد في موسكو خلال الفترة من 12 إلى 15 مايو 2025، آملًا أن تخرج هذه اللجنة بنتائج عملية تسهم في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.

كما أبدى السيسي تقديره العميق لحفاوة الاستقبال التي حظي بها الوفد المصري في موسكو، موجهًا الشكر للرئيس بوتين ولحكومة روسيا على كرم الضيافة والتنظيم المتميز للاحتفالات، قائلًا: "اسمح لي باسمي وباسم الوفد المصري والشعب المصري أن أهنئكم على الاحتفالات بعيد النصر، ونؤكد أن مصر ستظل دائمًا داعمًا قويًا للتاريخ المشترك ومواجهة التحديات المشتركة".

---

### الخلفية السياسية والاقتصادية:

تأتي هذه الزيارة في ظل توترات دولية متصاعدة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول الغربية وروسيا، حيث تسعى مصر إلى الحفاظ على توازن دقيق في سياستها الخارجية، وعدم الانحياز إلى أي طرف، بل التركيز على المصالح الوطنية ومصالح السلام الإقليمي.

وباعتبارها أحد الأطراف الرئيسية في المنطقة، فإن مصر تعمل على تقوية علاقاتها مع كل الأطراف المؤثرة، بما في ذلك روسيا، سواء من خلال الحوار السياسي أو عبر الاستثمار في البنية التحتية والطاقة. ومن المنتظر أن يكون هذا اللقاء بمثابة دفعة جديدة للتعاون بين البلدين في مجالات الأمن الغذائي، والطاقة النووية، والبنية التحتية، والسياحة.

---

### توقعات بعد اللقاء:

تشير المصادر المقربة من الوفد المصري إلى أن هناك عددًا من الملفات سيتم مناقشتها في الأيام القادمة، من بينها:

- إعادة تفعيل الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة وموسكو بشكل منتظم.
- التوسع في استيراد القمح الروسي لتعزيز احتياطي مصر الاستراتيجي.
- تعزيز التعاون العسكري الفني، خاصة في مجال الصناعات الدفاعية.
- العمل على تعميق الشراكات في مجال الطاقة النووية، لا سيما في إطار مشروع محطة الضبعة.

---

### الخلاصة:

لقاء الرئيس السيسي مع بوتين ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل هو مؤشر واضح على أن مصر تواصل سياستها الواقعية في بناء شراكات استراتيجية متينة مع كل القوى الكبرى، دون أن تتنازل عن مصالحها الوطنية أو ثوابت سياستها الخارجية. وفي ظل التغيرات الجيوسياسية السريعة، فإن هذه الخطوة تؤكد أن مصر تبقى لاعبًا محوريًا في صياغة التوازنات الدولية، وداعمًا رئيسيًا لاستقرار المنطقة.