الخميس 17 يوليو 2025 01:45 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

مجدي إبراهيم يكتب: إيد أمك يا ولد.. ( قصة قصيرة )

الكاتب مجدى إبراهيم
الكاتب مجدى إبراهيم

كانت الطبلية عامرة يومها، عامرة ببركة وجودها، وبكل صنوف الخير من إيدين أمى.
رائحة الطبيخ كانت تسبقها بخطوات، تدور في البيت كأنها تعلن الضيوف بأن وليمة ست الحبايب جاهزة.
إحنا قاعدين، وهي جاية من المطبخ، شايلة صينية اللحم، متغطّية بسحابة من البخار اللى غلّفها بهالة كأنها طالعالنا من عالم تانى.

ابتدت توزع المناب.
الضيوف الأول طبعًا… وكانت تشتغل بإيديها، تمسك وتقطع وتوزّع بحنان.
كل حركة فيها حب، كل قطعة لحمة بتتقدم كأنها دعوة رضا.

لما وصلت عندي،
بكل رضا، حطّت لي منابي بإيدها، وسابته قدامي.

وأنا؟
كنت مغرور اللحظة… مغرور بسنّي اللي بيكبر من غير ما يفهم.

قولت، بنبرة ماكنتش أقصد إهانة بس كانت طالعة ناشفة: – "بإيدك يا أمى؟!.. مافيش شوكة ولا معلقة؟"

سكت الكل.!!!!!!!!!!!!!!!!!
اللقمة وقفت في نص الطريق، والضحكة طارت من الوشوش.
وأنا حسّيت إني دست على وردة… بإهمال.

أمى؟
ما قالتش كلمة.
بصّت لي، وابتسمت ابتسامة فيها كل الحكمة.
ومدت إيدها الغرقانة سمنة، ومسحت وشي اللي اتلون بالكسوف،
وقالت وهي بتضحك كأنها بتحايل الحزن يخرج مننا:

– "إيد أمك يا ولد… إيد أمك يا حبيبي."

في اللحظة دي، انكسرت جوايا حاجات.
والدنيا ضاقت… بقت صغيرة.
لفّيت من على الطبلية، ووطّيت على رجليها… وبوستها.

كان اعتذاري صامت، لكنه صادق.
وهي، كالعادة، قبلتني قبل ما أطلب،
وغفرت… قبل ما أتكلم.

ومن يومها، كلّ ما آكل من إيدها،
أفتكر الجملة اللي قلَبَت الموقف من إحراج لحنان:

"إيد أمك يا ولد..."

ولحد دلوقتي،
كل ما أفتكرها، أحكي عنها…
وأتمنى ترجع اللحظة
وأبوس قدميها…
كتير
كتير
كتير.

الكاتب مجدى إبراهيم إيد أمك يا ولد الجارديان المصرية