دكتور رضا محمد طه يكتب : غضب النساء ولماذا يهدأ بعد الخمسين؟

قصة فكاهية تقول بأن رجل لم يجد حلاً مؤقتا حيال غضب زوجته سوي أن يترك لها المنزل ويذهب للحديقة، لكنه إستمر في هذا السلوك حتى أصبح العيش في الحديقة أسلوب حياة تعود عليه وارتاح له، وهذا بالطبع يمثل سلبية وهروباً فهم سبب غضب زوجته ومحاولة ارضاءها والاعتذار لها إذا ثبت أنه قام بفعل ما يغضبها. ومعروف أن الغضب هو عداء تجاه شخص أو شيء ما، وغالبا ما يكون مصحوبا بميل إلي تجربته والتعبير عنه دون تمييز، حيث يكون الغاضب متحفزا وعلي الدوام مستعدا للقتال، ويختلف الغضب عن العداء، حيث أن هذا الأخير يعود إلى عاطفة تثير الخوف.

أجريت دراسات سابقة على الغضب وآثاره الصحية على النساء في مرحلة منتصف العمر، حيث ركزت بشكل رئيسي على أمراض القلب بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي، وكشفت النتائج عن وجود صلة بين أمراض القلب وارتفاع سمة الغضب، وكشفت ابحاث لاحقة عن وجود علاقة بين الغضب أو العداء وتصلب الشرايين السباتية، حيث كانت النساء الاعلي في درجات الغضب لديهن مستوى أعلى من تصلب الشرايين، وكن أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب الحاد خاصة خلال فترة انقطاع الطمث حيث يكثر استخدام العلاج الهرموني ضد اعراض انقطاع الطمث.

في هذا السياق أشارت التحليلات الجديدة إلي أن العمر الزمني والانجابي للنساء لهما تأثير كبير على مستوى غضبهن وكذلك قدرتهن على إدارة هذا الغضب، وفي دراسة جديدة نشرت مؤخرا تحت عنوان "الغضب والشيخوخة الانجابية : ملاحظات من دراسة صحة المرأة في منتصف العمر في سياتل ، كشفت نتائجها أن مستويات غضب النساء بما في ذلك ردود الفعل الانفجارية والعدائية تميل إلى الانخفاض مع مرورهن بمرحلة انقطاع الطمث ، مما يعكس فائدة مفاجئة حال التقدم في السن وهي إمكانية احس وتطور في التحكم الانفعالي والعاطفي، وبناء عليه خلص فريق البحث بأن العمر الزمني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعظم مقاييس الغضب، بما في ذلك مزاج الغضب وردود الفعل عليه والغضب المصحوب بعدوانية والعدائية، ومن ثم تنخفض درجة الانفعالات مع التقدم في السن وبعد المراحل الانجابية المتأخرة ، وهذا ما سوف يؤدي إلى استراتيجيات جديدة تساعد النساء في تنظيم المشاعر وإدارة الغضب، والتوعية بإمكانية حدوث تغيرات مزاجية خلال المرحلة الحرجة قبل انقطاع الطمث وكيفية التعامل الأمثل مما ينعكس بالايجاب على جودة الحياة والصحة بشكل عام ، وعلى الأزواج تفهم تلك التغييرات التي تتعرض لها زوجاتهم ومساعدتهم في تجاوزها.

مطلوب من الرجال استدعاء الحكمة في حال غضب النساء مثلما كان يفعل سقراط مع زوجته "كزانيت " والتي كانت سريعة الغضب متقلبة المزاج ومعاندة وسليطة اللسان، وفي احدي نوبات غضبها كانت تحمل كوب من الماء والقته في وجه سقراط ، لكنه كظم غيظه قائلا لها "ما أجملك، ترعدين وتبرقين ثم تمطرين "، وحتى لا نلقي بكل اللوم على زوجته ، فإن لسقراط سقطة معها، حينما كانت تبكي وهو مقبل على تنفيذ حكم الاعدام عليه ، فسألها عن سبب بكاءها، ردت عليه بأنك سوف تعدم ظلماً ، لكنه بادرها بسؤال فلسفي وهو هل كنت ستفرحين أن اعدموني عدلا ، لكنها اغتاظت منه وقالت قولتها المشهورة " حتي وأنت تموت تتفلسف"، حقا ما كان لسقراط أن يتفلسف في هذا الموقف ويستدعي الشيطان للسؤال عن حقيقة مشاعر زوجته، لأنه معروف أن الشيطان يكمن في التفاصيل، وأنه لا فلسفة في المشاعر ولا مشاعر في الفلسفة.