د.هاني المصرى يكتب: لا تتاجروا بمصر .. فمن خانها خسر، ومن حافظ عليها انتصر


في لحظة فارقة من تاريخنا، تبرز أمامنا حقيقة لا تحتمل التجاهل: الوطن ليس صفقة، ولا مساحة تفاوض. مصر ليست شيئًا نختلف عليه، أو نضعه على طاولة المقايضة مقابل مصالح شخصية أو وعود زائفة. مصر، بكل ما تمثله من حضارة وكرامة، لا تُشترى ولا تُباع.
كم من شعوب ضاعت لأن أبناءها تاجروا بها، وكم من دول اندثرت لأن من كان من المفترض أن يحموها، فتحوا لها الأبواب للمجهول. التاريخ مليء بالأمثلة، والدروس أكثر من أن تُحصى. كل من ظنّ أن ولاءه لغير بلده سينجيه، وجد نفسه في النهاية وحيدًا، منبوذًا، بلا أرض ولا كرامة.
الحديث عن الوطن ليس عاطفة لحظية، بل التزام يومي. مصر تحتاج اليوم، كما كانت دائمًا، إلى من يؤمن بها لا من يستخدمها. إلى من يعمل بصمت لأجلها، لا من يرفع الشعارات ليستثمر في أوجاعها.
لا نُحمّل الناس فوق طاقتهم، لكننا نقول: لا تبيعوا بلدكم، لا تساوموا على مستقبلكم، لا تقبلوا أن تكونوا مجرد أدوات في أيدي من لا يهمهم إلا الخراب. مصر مرت بتحديات كبيرة، وخرجت منها أقوى. لكنها لا تحتمل طعنة جديدة من أبنائها.
الاختلاف طبيعي، والنقد حق، والاحتجاج مشروع. لكن هناك فرق شاسع بين من يعارض لأنه يحب، ومن يعارض لأنه باع. بين من يختلف ليُصلح، ومن يختلف ليُحرق. الوطن ليس لكم وحدكم، ولا لجيلكم وحده. إنه أمانة، والتفريط فيه جريمة لا تسقط بالتقادم.
من باع وطنه سابقًا لم يربح، ومن سكت على بيعه كان شريكًا في الخيانة. ومصر، رغم كل ما مرت به، لم تنكسر. لأنها ببساطة، أغلى من أن تُباع، وأقوى من أن تُشترى.