جمال المتولى جمعة يكتب : حلم السوق العربية المشتركة


ان فكرة إنشاء السوق العربية المشتركة سبقت السوق الأوروبية وغيرها من التكتلات الاقتصادية والتجارية إلا ان مساعي الدول العربية ظلت فى إطار توقيع اتفاقيات وعقد مؤتمرات وقمم كثيرة نتج عنها تفعيل جزئى لبعضها لم يصل الى مستوى التكامل الاقتصادي .. السوق العربية المشتركة من المشاريع القديمة التى راودت حلم كل عربى منذ طرح هذه الفكرة فى مطلع ستينات القرن الماضى تنفيذا لاتفاق الوحدة الاقتصادية الذى وقعته خمس دول فى يونية 1962 ثم انضمت اليها نحو 14 دولة عربية فى نهاية 1963 م بهدف اقامة اتحاد جمركى بين الدول الاعضاء , على ان يتم من خلاله تحرير التعاملات المشتركة من كل الرسوم الجمركية وزيادة التبادل التجارى بين البلدان العربية وعلى الرغم من ذلك استمر تجاهل هذه الدول لتحقيق حلم سوق عربية مشتركة تساعدها على تطوير اقتصادياتها وتجعلها فى موقف قوى فى أى مفاوضات اقتصادية دولية , ولم تتمكن جامعة الدول العربية من تحقيق التكامل الاقتصادى الكامل لتدشين سوق عربية مشتركة موحده او اصدار عملة موحدة على غرار دول الاتحاد الاوروبى .
وتعتبر السوق العربية المشتركة ضرورة هامة وملحة لمواجهة تحديات العولمة وما أفرزته من قيام تكتلات اقتصادية عملاقة لا يمكن مواجهتها الا بتكتل مماثل لإعطاء الصوت العربى مكانة فى الساحة الدولية فالقوة الاقتصادية من أهم دعائم القرار السياسي الا ان السوق العربية المشتركة اختفت و لم تقم الى يومنا هذا رغم إدراك الدول العربية اهميه هذه السوق والمصالح التى يمكن الحصول عليها سياسيا واقتصاديا واجتماعياً على حد السواء.
ان التكامل الاقتصادي العربي يعد ركيزة أساسية لبناء قوة اقتصادية عربية فى ظل عالم التكتلات الاقتصادية الكبرى حيث اصبح النظام الاقتصادي العالمي الجديد لا يعرف الا التكتلات الاقتصادية والإقليمية سواء كانت على مستوى الدول المتقدمة او النامية .
هل ان الأوان لإقامة تكتل اقتصادى عربي يصب فى مصلحة الشعوب العربية التى تتمتع بثروات طبيعية وبشرية عملاقة ورؤوس أموال ضخمة وموقع استراتيجي هام وتاريخ مشترك ولغة عربية واحدة يمكن ان تكون قوة اقتصادية من خلال سوق عربية مشتركة تمثل تكتلا عربيا لمواجهة التحديات الاقتصادية التى من شأنها تحسين وتسهيل التبادل الزراعي والصناعي والتجاري لتعزيز مفهوم الآمن الغذائي الذى أصبح مهددا فى ظل المتغيرات الاقتصادية والمناخية التى يمر بها العالم الان
يبدوا ان الدول العربية لم تنتبه الى مدى خطورة التكتلات الاقتصادية الكبرى التى تنشأ من حولها فى مختلف بقاع العالم بدءا من اوروبا الموحدة والتجمع الاقتصادى فى امريكا الشمالية الى التجمع الاقتصادى الاسيوي "الاسيان" كما انها لم تنتبه الى مخاطر هروب "رؤوس الاموال العربية" الى الغرب وتهميش غالبية الدول النامية فى الجنوب بسبب تعثر عمليات التكامل الاقتصادى ومحاولات التكتل التجارى وقيود الحماية التى تفرضها الدول الصناعية الكبرى التى تحاصر صادرات العالم النامى.
علينا ان نبحث بقوة عن كيفية ازالة المعوقات التى تحول دون قيام تكتل اقتصادي عربي قوى وإطلاق خطة إستراتيجية لتفعيل اسس التعاون العربي الشامل وتحديد أولويات الامن الاقتصادي العربي ورفع اى قيود جمركية واعتماد بروتوكولات اقتصادية تحدد طبيعة المرحلة المقبلة وخصوصية السوق العربية وهيكلها الاقتصادي بما يضمن تنظيم عملية التبادل التجارى بكافة صوره بين الدول العربية لتحقيق مصالحها وتطلعات شعوبها فى النهضة والازدهار والتقدم ورفع مستوى معيشة الفرد بما يحقق الامن والاستقرار داخل تلك الدول
#جمال المتولى جمعة
المحامى - مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا