الخميس 4 سبتمبر 2025 05:24 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

جمال المتولى جمعة يكتب : ذكرى مولد الرسول دعوة للدفاع عن المظلومين

الكاتب الكبير جمال المتولى جمعة
الكاتب الكبير جمال المتولى جمعة

فى ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغى ان نقتدى به فى خلقه وفى ايمانه وفى حبه لله وللمؤمنين امتثالا لقول الله تعالى ا "فقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة " ينبغى ان نقتدى بالرسول فى سياسة الدين وسياسة الدنيا .
كان الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم متواضعا لا متغطرسا كملوك الدنيا والحكام الطواغيت لقد قال لمن اراد ان يقبل يده ( لا تفعلوا بى كما تفعل الاعاجم بملوكها )
كيف واجه الصعاب وتغلب عليها وكيف صابر وثابر حتى بلغ رسالته فحول قومه من فرقة وبغض وتفاخر بالاموال والاولاد الى امة واحدة تنسب الى الاسلام وتؤمن به وتقيم اوامره وتتجنب مانهى الله عنه فاقام دولة واحيا امة فى زمن قصير ثلاثة وعشرين عاما .
استطاع الرسول ان يقف امام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الى الله وحده لا شريك له ونبذ كل ماسواه انه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من اتباعة بل من كل من يفهمون العبقرية وخصائصها.
ان الصفات التى تفردت فى هذا الرسول العظيم لجديرة بأن يحصل على نوط الامتياز ويحظى بكل تقدير واحترام انه بحق الرسول الاعظم.
فقد كان ميلاد الرسول بمثابة نقطة تحول فارقة فى تاريخ البشرية فحمل مشاعل النور وراية التوحيد والهداية . وقاد ثورة ضد الجهل و الباطل و الكراهية والحقد والبغض قام بثورة الحق ولم الشمل وابراز العمل الذى يحرك قوة الارادة وعجلة الانتاج والتنمية . وقام بجمع الامة على كلمة سواء وتوحيد صفوفها والتأليف بين قلوبهم وربطها بالاخاء والمحبة فقد قضى على الحرب الدائرة بين الاوس والخزرج واخى بين المهاجرين والانصار ليظل المجتمع وحدة متكاملة لم ينس رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل الكتاب فاقام ميثاق المدينة مع اليهود وغيرهم ليقيم بذلك اول وحده وطنية فى العالم بأسره ليحقق ما للمسلمين وماعليهم وبذلك اقام أول نظام تعرفة الدنيا للمواطنة الحقه التى لازيف فيها على اساس من الود والعلاقة الطيبة وكان ذلك بمثابة رفض العنصرية البغيضة والتعصب المقيت فكانت السماحة كلها والرحمة جميعها واصبحت رسالة الاسلام الانسانية كلها لتأصيل القيم والسلوكيات والتسامح والوفاء . وقد سار الصحابة والتابعون من بعده على نهج الاسلام القويم فاتسعت دولتهم حتى تخطت رقعة كبيرة من الارض واصبحوا المثل الاعلى فى العدل والعبادة وتطوير الحياة .
علينا ان نأخذ من سنته ونتعلم منها و نسعى اليها ليكن الحوار والتعايش السلمى فنتعلم كيف كان يتحاور مع اصحابه ومع المختلفين معه فى الرأى فكان يسمع لغيره و يأخذ بالرأى الاخر لو كان صحيحا .
فعلينا ان نعلم ونتيقن أن الهدف ليس فرض الرأى وانما ابداء الرأى والاستماع للرأى الاخر للوصول الى الصواب .
ماتشهده مصر الان يدعونا للتعلم من سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فى كيفية التعامل مع الاخرين مع المسلم وغير المسلم مع الصديق مع العدو فكان صلى الله عليه وسلم يحسن معاملة الجميع ويلجأ دائما الى العفو والصفح والتسامح وكان صلى الله عليه وسلم ابعد الناس عن الانتقام وماحدث فى دخول مكه خير شاهد على ذلك بعد ان عفا عن اهلها.
ايها االمسلمون لن تقوم لنا قائمة وينصلح لنا حال الا بالا قتداء والتأسى عملا وليس قولا بكل ماجاء به النبى محمد صلى الله عليه وسلم .
فالانبياء هم القدوة والمثل وعلينا ان نقتدى بهم ونحن كمسلمين لو طبقنا سنة الرسول لماحدث هذا الانقسام وهذا الشقاق الذى نعيشة اليوم بعد أن ضاعت السماحة والعفو وصارت بيننا الغلظة والجفاء فى التعامل .
تتزامن هذه الذكرى مع مرور اكثر من 22 شهرا على العدوان الصهيونى المستمر الذى لا يزال يحصد الارواح ويهدم البيوت يقلب مفاهيم القانون والعدالة وسط تواطؤ دولى وخذلان عربى واسلامى غير مسبوق .
ولكن فى هذا التوقيت العصيب تصبح العودة الى السيرة النبوية ضرورة ليس للاحتفاء العاطفى بها بل لاستخلاص المعنى والعبر .. فمولد النبى لم يكن ولادة رجل بل انبثاق مشروع تحررى اخلاقى فى عالم كان غارقا فى الظلمات والجهل والعصبية البغيضة .
ان رسالة الاسلام وسيرة النبى صلى الله عليه وسلم ليست مجرد احداث تاريخية بل معين متجدد يضىء المواقف فى زمن المحن وغزة اليوم ليست فقط قضية وطن محاصر بل قضية كرامة ووجود .. فى ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم دعوة للدفاع عن الحق ونصرة المظلوم والتمسك بالعزة والكرامة يبقى السؤال الاكبر كيف نستحق ان ننسب اليه ان كنا نشهد مجازر كبرى فى حق اخواننا فى غزة ثم نعود الى حياتنا وكأن شيئا لم يكن ؟

#جمال المتولى جمعة
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا

ذكرى مولد الرسول دعوة للدفاع عن المظلومين جمال المتولى جمعة الجارديان المصرية