جمال المتولى جمعة يكتب : مؤتمر شرم الشيخ سلام أم إستسلام

بعد عامين من المجازر والإبادة اسفرت عن عشرات الألأف من الشهداء والمصابين من شعب فلسطين المحتل , فخرجت علينا أصوات عربية رسمية تطلب نزع سلاح المقاومة تماما كما طلبت الجيوش العربية من قبل بعدم دخولها عام 48 الى فلسطين كما طلبوا من الشعب الفلسطينى تسليم اسلحتهم للجيوش العربية بدلا من إمدادهم بالسلاح لمقاومة الصهاينة . بعد ثمانون عاما من صمت العرب والمسلمين على اغتصاب أرض فلسطين تحركوا بأوامر امريكية بعد ان بدأت المقاومة "طوفان الااقصى" البعض منهم اعتبر ماقامت به المقاومة عملا ارهابيا !! والبعض الاخر سخروا امبراطوريتهم الاعلامية من خلال من ادعو انهم علماء الدين وقاموا بأقذر الادوار بإستغلال كل طاقاتهم العلمية لتشويه صورة المقاومة التى تدافع عن ارضها المحتلة .

ومن اهم النتائج والتداعيات لمعركة طوفان الاقصى التى تعد انجازا عسكريا كبيرا للمقاومة وكسر هيبة (الجيش الذى لا يقهر) فى غزة استطاع نحو 1200 مقاتل فلسطينى مستخدمين تقنيات جديدة برا وجوا بالسيطرة على كامل معسكرات العدو الاسرائيلى فى غلاف غزة واخترقوا نظام المراقبة وسيطروا على منظومة الإنذار والاستجابة المبكرة التابعة لجهاز الاستخبارات الاسرائيلى الذى كان يحميه مايقارب عشرة الاف جندى اسرائيلى والمشاهد التى رأيناها من قتل وأسر للجنود الاسرائيليين . ستبقى راسخة فى الذاكرة العربية والاسرائيلية إذ تظهر مدى قدرة المقاوم الفلسطينى على تحقيق انجاز عسكرى بارز على العدو الصهيونى رغم الفارق الكبير فى المعدات والاسلحة , معركة طوفان الاقصى كانت عملية استباقية غير مسبوقه إذ إن اسرائيل كانت فى حروبها السابقة مع المقاومة الفلسطينية فى غزة هى صاحبة الضربة الاولى لتأتى ردود المقاومة بحجم الفعل ثم يتدخل الوسطاء بعد ذلك لوقف اطلاق النار.
ثم تدخل الرئيس ترامب لايقاف الحرب بما يسمى خطة ترامب للسلام ومعه الوسطاء العرب والشركاء الدوليين وذهب الى اسرائيل ومعه فريق عمله من كبار الصهاينة فى البيت الابيض بدءا من وزير خارجيته الى وزير حربه مرورا بمبعوثة الخاص وحتى زوج ابنته كلهم فى خدمة المشروع الصهيونى وتحدث ترامب فى الكنيست الاسرائيلى عن اسرائيل العظمى وعن القدس العاصمة الابدية لها متجاهلا كل القرارت الشرعية الدولية التى اقرت بعروبة القدس وحرمت المساس بوضعها القانونى ضاربا عرض الحائط بأكثر من 150 دولة اعترفت بدولة فلسطين وحقها فى تقرير المصير ويتفاخر بمنح الكيان الصهيونى احدث الاسلحة لإستخدمها فى قتل الشعب الفلسطينى المدنيين العزل , مثنيا على استخدامها الاستخدام الامثل فى "القتل والدمار " مبررا الابادة الجماعية بإنها حق لاسرائيل فى الدفاع عن نفسها كما تحدث نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل فى الكنيست موجه حديثه لترامب شكرا على اعترافك بالقدس عاصمة ابدية لاسرائيل وعلى نقل السفارة الامريكية اليها, شكرا على اعترافك بالسيادة الاسرائيلية على مرتفعات الجولان . وشكرا على وقوفك فى وجه الاكاذيب بحق اسرائيل فى الامم المتحدة.
ان مؤتمر السلام فى شرم الشيخ استفاد منه نتنياهو بإستعادة جميع الاسرى الاحياء منهم والاموات عبر الاكذوبة الكبرى المسماه خطة ترامب والان يبحث عن الحجج والاعذار للعودة الى حرب الابادة والتطهير العرقى والتجويع وسط صمت من قبل ادارة ترامب والوسطاء العرب و الدول الاسلامية والغربية الذين هرول قادتهم وممثلوهم الى مؤتمر السلام فى شرم الشيخ على الرغم من خرق اسرائيل لاتفاقية وقف اطلاق النار ,هنا تساؤل هام : ماذا فعل مؤتمر شرم الشيخ لتنفيذ خطة ترامب للسلام فالمؤتمر تجاهل الحديث عن حل الدولتين وتغافل عن ذكر الدولة الفلسطينية ,, السؤال الجوهرى هو : ماالذى يضمن الا تعاود اسرائيل الحرب على غزة بعد تسلمها الاسرى سواء الاحياء او الاموات ؟ برغم ان امريكا قد تعهدت امام الوسطاء بإنها الضامن لالتزام اسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاقية , الا انها تنصلت من ذلك ووقفت بجانب الكيان الصهيونى الذى اخل بإلتزامه جهرا ودون مسوغ .
اسرائيل معروف عنها ان سجلها حافل بعدم الالتزام بالقرارات والقوانين والمواثيق الدولية ومحكمة الجنايات الدولية ولما ادانها مجلس الآمن الدولى تدخلت حليفتها امريكا بالفيتو الشهير لايقاف اية قرارات ضد اسرائيل واجهاض العدالة ومساعدة الاخيرة على خرق القوانين والمواثيق الدولية , فهل تكون الدولة التى تدافع عن الاحتلال وتبرر جرائمة هى ذاتها راعية السلام – أمر ينبىء عن تناقض واضح - أى سلام يبنى على تغيبب اصحاب الارض الاصليين وانكار وجودهم وأى مستقبل يراد للمنطقة , ان ماجرى فى شرم الشيخ ليس سلاما بل استسلاما ومحاولة لاعادة رسم خريطة الشرق الاوسط وفق رؤية امريكا واسرائيل بهدف تحقيق الحلم الصهيونى المسمى بدولة اسرائيل الكبرى .

#جمال المتولى جمعة
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا