الجمعة 24 أكتوبر 2025 05:22 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

ميلاد يونان يكتب : يــا مدبولي... الناس بتغلي… ومفيش حد بيسأل ليه ؟!!!

الكاتب الكبير ميلاد يونان
الكاتب الكبير ميلاد يونان

سيادة رئيس الوزراء،‎
الاسعار بتغلي نار، والناس بتغلي معاها، لكن الحكومة – كعادتها – موطية صوت الغلاء، وكأنه همس عابر مش صرخة ‏شعب بيولع من جواه‎.‎‏ ‏
المواطن المصري يا دكتور مدبولي ما بقاش بيحلم بحياة ساكني الفيلات والكمباوندات، ولا بأيام الساحل "المدلع"، لكن ‏المواطن كل حلمه ببساطة إن الأسعار تتواضع وتنزل !!!! ‏
يا فندم الأسعار بتجري كل يوم في سباق محموم، والمرتبات والمعاشات واقفة في نقطة البداية تتفرج، في الأسواق يا ‏معاليكم ، وجوه الناس تروي لكم الحكاية بصمتٍ موجع، وتعب لا ينتهي، وصبر خلص رصيده، وحكومة تري لهيب ‏الغلاء كأنه دفء مؤقت؛ وليس حريق مولع في البيوت وواكل في قلوب الناس‎.‎
و الحكاية يا دكتور مدبولي بتبدأ من أول الشهر، مع أول زائر ثقيل وهو‎ ‎الإيجار‎ … ‎إن دفعته ارتحت مؤقتا ، وإن ‏عجزت عن الدفع فالشارع جاهز يستقبلك بلا ترحيب‎.‎
بعده تطل فواتير المرافق، ضيوف الشهر الدائمين: كهرباء تضيء البيت وتطفئ الجيب، ومياه تحاسبك على كل دوش ‏استحمام، وغاز طبيعي صار رفاهية كأنه قادم من كوكب آخر، وتليفون أرضي لا يستخدم إلا لتذكيرك بأن الفاتورة في ‏الطريق‎.‎
وفي المطبخ تبدأ المعركة اليومية: الرغيف أصبح صعب المنال، والخضار للفرجة نشمه من بعيد ونعدي، والفاكهة ‏واللحمة اصبحا حلم مؤجل لا نعرف متي يتحقق ...‏‎.‎‏ اما الكلور والديتول ومساحيق الغسيل فهي «طقوس شهرية» لا ‏غنى عنها، و لكنها لا تغسل هموم المعيشة ولا تلمع قسوة الأيام‎.‎
أما العلاج فحكايته لا تنتهي: أدوية الأمراض المزمنة ترتفع كل شهر، والتحاليل تحتاج ميزانية وزارة، ‏
والمواصلات إلى المستشفيات تتطلب قرضًا أو معجزة، وإذا أضفت المواصلات اليومية، فاعرف أن التوك توك والميني ‏باص والمترو صاروا شركاء رسميين في استنزاف الجيب والروح معًا‎.‎
ثم الملابس أصبحت بندا موسميا مؤجلا، تدار بنظام "تدوير الموضة"،. فتيشيرت الصيف بيتم اعادة تدويره بفانلة مقلوبة ‏تحته وجاكيت قديم فوقه‎.‎
أما الحلاق فتحول إلى رفاهية مناسباتية‎.‎
والصيانة المنزلية مؤجلة لحين الكارثة: ماسورة تنفجر! أو سلك يتحرق! أو حنفية تتكسر !، وساعتها تبدأ مفاوضة مع ‏السباك والكهربائي وتنتهي بدفع أكتر مما الجيب يستحمل‎.‎
ووسط كل هذا، يبقى الإنترنت شريان العصر… لا يشبع ولا يغني عن جوع، لكنه لا يمكن الاستغناء عنه فهو يمنح ‏الناس "وهم" الاتصال بالحياة‎.‎
وفي نهاية الشهر، يجلس المواطن أمام دفتر المصاريف كأنه يقرأ رواية بوليسية، يحاول اكتشاف من سرق راتبه، ثم ‏يبتسم بحكمته القديمة ويقول‎:‎
‎"‎الحمد لله… لسه الشهر الجاي فيه أمل‎.‎
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ميلاد يونان – ناشط حقوقي –‏

ميلاد يونان يــا مدبولي!! الناس بتغلي… ومفيش حد بيسأل ليه الجارديان المصرية