الثلاثاء 19 مارس 2024 12:52 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

حوادث ومحاكم

حكم ينقذ طفلة من زوجة أب اشترطت تسجيلها باسمها دون أمها الحقيقية

السيدة نجاح معاذ
السيدة نجاح معاذ

حصلت السيدة نجاح معاذ عبد الحليم سليمان، اليوم، على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد بأن الحكومة لم تطعن على الحكم الصادر لصالح طفلتها منة عوض ناجي شريف من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بأحقيتها في الأوراق الثبوتية في شهادة الميلاد باسم أبيها المعترف بها، واسم أمها الحقيقية دون اسم زوجة الأب للإضرار بالطفلة، وأصبح حكم القضاء الإداري نهائيا وباتا.

كانت بداية القصة الإنسانية التي سجلتها المحكمة، عندما تزوج شريف عوض ناجي من نجاح معاذ عبدالحليم سليمان، وأنجبت له طفلتها "منة" على فراش الزوجية، لكن زوجته الأولى التي لم يكن لها نصيب أن تنجب اشترطت عليه أن يطلب من الوحدة الصحة عدم تسجيل الطفلة باسمه، إلا إذا كانت الطفلة باسمها أيضا دون أمها الحقيقية، ولم يتمكن السجل المدني من إصدار شهادة ميلاد الطفلة، فلجأت نجاح معاذ، أم الطفلة، للقاضي الذي استدعى والد الطفلة لمعرفة الأسباب، فقال والد الطفلة للقاضى "منة ابنتي لكن زوجتي الأولى طلبت مني عدم تسجيلها باسمي إلا باسمها هي كأم، دون أمها الحقيقية، بسبب الغيرة بينهما، وأنا حائر بينهما" فأصدر القاضي حكمه آخر الجلسة.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد ابنة المدعية الطفلة "منة" في السجلات المعدة لقيد المواليد، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الإدارة بتسليم السيدة نجاح معاذ سليمان، أم الطفلة، شهادة قيد ميلاد طفلتها باسم والديها الشرعيين (المدعية وزوجها عوض ناجي شريف) دون الاعتداد باعتراض ضرتها في الإضرار بالطفلة وحرمانها من حقها الدستوري في الاسم والأوراق الثبوتية، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.

قالت المحكمة إن الدستور ارتقى بحقوق الطفل خاصة اللصيقة بشخصه كإنسان، وجعل لكل طفل الحق في الاسم والأوراق الثبوتية، وإلزم الدولة أن تعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله، كما أن المشرع العادي جعل لكل طفل الحق في أن يكون له اسم يميزه، ويسجل هذا الاسم عند الميلاد في سجلات المواليد والاسم من بين عناصر الشخصية القانونية، فهو ليس مجرد رقم قيد وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة.

وأضافت المحكمة أنه للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له مدونا بها اسمها، ولا يعتد بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد، ولم يجز القانون لوالد الطفل وحده احتكار الإبلاغ عن ولادة الطفل، وإنما جعله حقا كذلك لأم الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية وفي ذلك تيسير على الأسرة المصرية حتى تتمكن من تسجيل ولادة الطفل مما يستتبعه ذلك من تمتع الطفل بالحق في الاسم والشخصية القانونية طبقا للدستور والقانون.

وذكرت المحكمة أن المدعية تزوجت من المدعو عوض ناجي شريف المدعى عليه الخامس، زوجة ثانية بعقد شرعي صحيح بموجب وثيقة زواج مؤرخة 382014 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها الطفلة (منة) على فراش الزوجية بتاريخ 952015 وهو ما لم تنكره الإدارة ولم ينكره الزوج ونطقت الأوراق بوجود خلافات زوجية بين الطرفين وامتنع والد الطفلة عن إثباتها نكاية في المدعية واستجابة لضرتها زوجته الأولى التي اشترطت عليه عدم قيد الطفل إلا باسمها هي، وليس باسم المدعية الأم الحقيقية للطفلة فحررت نجاح محضرا برقم 4414 لسنة 2015 إداري مركز شرطة الدلنجات بتاريخ 2752015 بالواقعة، وأكدت صحتها التحريات التي أجرتها مباحث مركز شرطة الدلنجات المؤرخة 1062015 بوجود الخلافات الزوجية، وعلى إثرها تركت المدعية منزل الزوجية وأقامت المدعية بمنزل والدها بعزبة النقيب قمحة بالدلنجات، بينما يقيم زوجها بعزبة بريك طيبة بالدلنجات.

وأشارت المحكمة إلى أنه يتعين على الرجل أن يدرك أن الزوجة تتغير كرها لغيرها بحكم الطبيعة البشرية إذا تزوج بزوجة أخرى، وهي التي تعرف في الأوساط الاجتماعية "بالضرة"، وحينئذ لا يسلم من مكائدها، وتصبح زوجتيه ضَرَّتَانِ مَتَى أَرْضَى إِحْدَاهُمَا أَسْخَطْ الأُخْرَى، ومن ثم بات التزاما على الوالدين أن يوفرا الرعاية والحماية الضرورية للطفل ولا يجوز للجهات الإدارية الاستجابة لمكائد الضرائر لحرمان الطفل من حقوقه الدستورية اللصيقة بشخصه كانسان كالحق في أن يكون له اسم وأوراق ثبوتية تميزه عن غيره، خاصة وأن الدستور قد تصون لحقوقه بالحماية والرعاية والزم الدولة بالعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التي تتخذ حياله.

واختتمت المحكمة حكمها الذي انتصر للطفلة الصغيرة أن الخلافات الزوجية الناجمة عن الزواج بأخرى دون رضاء الأولى تؤدي في كثير من الحالات إلى أن يكون الخلاف مستحكما والشقاق عميقا وبنيان الأسرة متهادما وصرحها متداعيا ورباطها متأكلا يكاد أن يندثر انحرافا من أحدهما أو كليهما عن مقاصد الزواج الذى كان من ثمرته إنجاب الأطفال، فإن صدعهما مازال غائرا يقيم بينهما جفوة فى المعاملة لا يكون العدل والإحسان قوامها بل يذكيها التناحر والتصارع فلا تكون حياتهما إلا سعيرا يمتد أوزاره إلى الأطفال، ولا يؤول أمر الأسرة إلا هشيما ولا يكون اُلفها ووفاقها إلا حسيرا، دون عدول من أهلهما يسعيان بينهما معروفا بشأن التصدى لرغبة الأب فى حرمان طفلته من الاسم والأوراق الثبوتية لصالح زوجته الأخرى نكاية لها عندا ونفيرا، بل يجب أن يكون الزوج للحق عضدا وللمروءة نصيرا ولإباء النفس وشممها ظهيرا فبقاء العلاقة النفسية والاجتماعية للزواج ترتهن بمودتها ورحمتها وبعدلها وإحسانها، وأن تمزيق أوصالها بالشحناء إيهان لها ومروق عن ادراك حقيقتها، وكلما استجاب الرجل لمكائد الضرائر واستبد بزوجته ضعفا أمام الأخرى فلا يجوز أن يمتد أوزاره إلى حرمان الأطفال من أدلتهم الثبوتية فى الشخصية القانونية حتى لا يحال مسراهم ضلالا وهم زينة الحياة الدنيا.

مجلس الدولة اليوم العالمى للطفل