الأربعاء 18 سبتمبر 2024 08:49 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

السيناريست عماد النشار يكتب : نزال القلم الذهبي

السيناريست عماد النشار
السيناريست عماد النشار

لا صوت يعلوا فوق صرير القلم الذهبي، فمنذ أن أعلن رئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ عن مسابقته ، وانقلبت مواقع التواصل الإجتماعي إلى صراخ بين مؤيد ومعارض جعل من المسابقة نزال حامي الوطيس من قبل أن تبدأ وتعلن نتائجها وتقيمها بموضوعية وحيادية بعيدا عن المواقف المسبقة ،لأنه من المفروض أنها مسابقة أدبية مثلها مثل عشرات المسابقات التى تجري كل عام أغلبها خليجية، فربما يفوز بها من يستحق وهذا إستثناء ، وربما يفوز من لايستحق وهذه هي القاعدة الراسخة لأغلب نتائج مثل هذه المسابقات التي تجري كل عام محليا وعربيا تصحب نتائجها بعض الاعتراضات الهامسة والعتاب الأخوي ممن لم يصيبهم الدور وعلى استحياء خشية أن يغضبوا أصحاب السمو والمناصب وأملا في الفوز في المرات القادمة، وبعيدا عن أي رأي شخصي مع أو ضد لأنه بواقعية شديدة وعملا بالقول المأثور " رحم الله امرأ عرف قدر نفسه" ، لا المال مالنا وليس لنا أي تأثير أو رأي أكثر من الكلمتين اللي بنلطعهم على حائط الفيس بوك لنوهم أنفسنا أنه حائط بطولات ، ولو كان لنا ثمة أدنى تأثير أو رأي كوسط أدبي لأصلحنا ما نعاني منه من مؤسساتنا الثقافية الرسمية والشبه رسمية التي تمول من خزينة الدولة ، ما علينا.
هناك أكثر من نقطة ملفتة من ردود الأفعال الهيسترية التي واكبت هذا الإعلان وستظل أصدائها تتردد ولن تنقطع طالما هذه المسابقة قائمة والتي إن ظل التعاطي معها بهذا الشكل سيكون مثل التعاطي مع الحشيش " ان كان حلال أدينا بنشربه وإن كان حرام أدينا بنحرقه"، وعودة للنقاط اللافتة فهي بحق أكثر من لعبة حلوة عجبتني ،أولها الفئة المستهدفة ، وهي فئة الوسط الأدبي وهي أكثر الفئات نشاط على مواقع التواصل الإجتماعي وما لهم من مئات الالاف من المتابعين ، والذين ينصب نشاطهم بين تحليل ونقد ومعارضة وتنظير لكل الأحداث والحوادث المحلية والإقليمية والدولية وهم بالقطع أصحاب تأثير حتى وإن لم يحظوا بالاهتمام من الدوائر الرسمية وأصحاب القرار ،والذين يعاني غلابيتهم العظمى من التجاهل والتهميش وانعدام الفرص في النشر والبيع والشهرة والتكريم رغم أحقية الكثير منهم بذلك ، ولكن جميع حقوقهم تذهب لمحدودي ومعدومي الموهبة من أصحاب الحظوة والشلة والرضا المشروط ، فكان استهدافهم ومغازلتهم بالمسابقة ذات الجوائز الدولارية الكبيرة لكل فروع الرواية ومايصاحبها من شهرة ، لها بالغ الأثر في سيل الزخم العرم للمسابقة الذي أطاح وابتلع دونها من أخبار وأحداث مهما كانت أهميتها وأولوياتها بالنسبة لهم وعلى كل الأصعدة التي كان لها الحضور الطاغي قبل الإعلان عن المسابقة ، وربما نرى في قادم الأيام تخفيف حدة بعض الآراء التي لاتتناسب مع التقديم للمسابقة ، وعدم الكتابة فيما يعكر صفو الجائزة وتكدير حسباتها وربما حذف ما مضى لتكون صحيفة المسوغات بيضاء ولائقة .
اللعبة الثانية التي أعجبتني هي توقيت الإعلان عن المسابقة ، الذي زامن توقيت الأجواء الملتهبة لمباراة الأهلي الثانية والحاسمة مع فريق بيراميدز الذي أسسه المستشار قبل أن يتخلى عنه ويبيعه للمستثمر الإماراتي ، وهذا مالفت الأنظار عنه بشكل كبير كمؤسس للفريق وتركزت عليه كمؤسس لمسابقة أدبية كبيرة تهتم وتخدم جموع الأدباء والكتاب كما أعلن عنها ، وهذا ماخفف حدة الهجوم عليه وانصب أغلب الهجوم على رئيس النادي المصري ممدوح عيد ، ثم تابع بحرفنة وعلى مدار الأيام المواكبة للمبارة وما أعقبها الإعلان عن شخصيات لجان تحكيم المسابقة حتى تحقق مانوهت عنه في مقدمة المقال أنه لاصوت يعلو فوق صرير القلم الذهبي ، ليثبت لكل من يعرف الف باء إعلام مدى ذكاء ماقام به والمقترن بدراسة وفهم لسيكولوجية الجماهير بشكل عام وسيكولوجية الجمهور المستهدف بشكل خاص في تغير الإتجاهات ، وليثبت أنه حاضر بقوة و مستحوذ على كل الإهتمام، كل الاحترام لكل فسطاط من الفسطاطين الذين شمروا عن سواعدهم والقوا بأنفسهم في اتون المعركة مبكرا ، لكل منهما وجهة نظره وأسبابه الشخصية ودوافعه ، وكل التقدير للقلة التي تناولت الأمر بهدوء وموضوعية لأن الأمر لايعدو كونه مسابقة مثلها مثل عشرات المسابقات بغض النظر عن شخص منظمها وراعيها ومانحها ، وما صاحبه من جدل واتهامات بهدم الثوابت وسحب الريادة ، فهو لم يفرض نفسه بالقوة ولم يجبر أحد ، فكل شئ في عالمنا عرض وطلب كما أن لكل بلد قوانين منظمة ترفض هنا وتسمح هناك كلا حسب سياساته القائمة ، ورأي عام يعلو تأثيره فوق القوانين والسياسات إذا أراد ، كما أن لكل نقابة فنية وأدبية قوانينها ولوائحها المنظمة لهذا الأمر تخضع لرقابة جمعيتها العمومية، أما عن ردود الأفعال الغاضبة والمتشككة في نزاهة وجدارة بعض شخصيات لجنة المسابقة المختارة من مصر ، فوجودهم أمر طبيعي ومتوقع وغير مفاجئ ولايستحق كل هذا الهجوم ، لأن هيئة الترفيه السعودية بينها بروتكول تعاون مع الشركة المتحدة المسئولة الوحيدة عن الترفيه في مصر ومن الطبيعي أن المتحدة ترشح ماتشاء من كوادرها أهل الثقة ، أما الأشد غرابة وكوميديا هو الهجوم الشرس على تركي آل الشيخ بسبب إنتاجه الضخم للجزء الثالث لفيلم أولاد رزق لما به من ايحاءات جنسية وإسفاف وإظهار المصريين نصابين ولصوص ، وكأن ماسبقه من أجزاء أول وثاني انتاج مصري خالص ، كانوا أولاد الحاج رزق مضرب المثل في التقوى والورع والنبوغ ، وتراوحت مهنهم ما بين خطيب منبر ومقيم شعائر وعالم عبقري وبتاع تنمية بشرية ، أو كما قيل على لسان أحمد الفيشاوي في الجزء الأول " مش من العشرة المبشرين بالجنة" وعندما ذهبوا للرياض انحرفوا 180 درجة ،ثم تلى هذا الهجوم ، هجوم آخر على قصة فيلم النونو لأحمد حلمي الذي قيل أنه سيجسد شخصية نصاب مصري ينصب على الحجاج في خير أيام الله وأقدس أراضيه ، وكأن النصب على حجاج بيت الله الذي يبدأ من التأشيرات المضروبة وينتهي بالإهمال حد الموت ليس بجريمة ولا يشوه سمعة مصر ، أو أغلب مايقدم في السينما والتليفزيون والسوشيال ميديا لايشوه السمعة، هذا ليس دفاع أو تبرير بل استعراض وإعتراف بواقع مزمن أليم حتى نعالج أنفسنا قبل أن نتهم غيرنا بالمرض .

عماد النشار مقالات عماد النشار السيناريست عماد النشار نزال القلم الذهبى