جيهان عزمى تكتب : بدل فاقد


جلست أُمسك بفنجان القهوة فى شرفتى أستمتع بتلك المشاجرة الهادئة بين أشعة الشمس الدافئة وبعض النسمات الباردة التى تداعب وجهى فى محاولة لكل منهما السيطرة على الموقف ..
و لكن رنين الهاتف المزعج يقطع صخب الصمت المحيط بتلك المشاجرة اللطيفة ليأتى صوت صديقتى متسائلة إن كان بإمكانى الذهاب معها غداً صباحاً لإستخراج بطاقة بدل فاقد ؟
أجبتها نعم بكل سرور وأنهينا المكالمة بعد دقائق وأنا كلى شغف أن أعود لأنصت إلى ضجيج الصمت والمشاجرة اللطيفة مرة أخرى ...
ولكن كيف هذا وأنا بداخل رأسى هذا العقل المشاغب الذى لا يترك فرصة إلا ويطرح أسئلة أعجز أحيانًا عن الرد عليها
هل كل الاشياء لها بدل فاقد ؟
هل للحياة والعمر بدل فاقد ؟
هل للأب أو الأم بديل او شخص يمكن إعتباره بدل فاقد ؟
هل للثقة بدل فاقد؟
هل...
تمهل قليلا أيها المشاكس ودعنى أفكر، ،
حقا ربما بعض الأمور المادية لها بدل فاقد ولكن كل الأشياء التى ذكرتها أيها المشاكس ليس لها بديل أو بمعنى آخر لا يمكن إستخراج بدل فاقد لها...
نعم اللحظة التى تمر لا يمكن إستعادتها ، بعض الأمور نؤجلها على أمل أن نفعلها غداً ، بل ربما يأتى هذا الغد ونكون قد رحلنا عن هذا العالم .
لحظات السعادة لا يمكن أن يكون لها بدل فاقد ، أجل كل لحظه لها طعم متفرد ، بالتأكيد لا تتشابه لحظه مع أخرى إن فقدت واحدة لا نستطيع إسترجاعها..
أيضا من أصعب صور الفقد، فقدان الثقة تلك التى من المستحيل إيجاد بدل فاقد لها فالثقة حين فقط تهتز فى شخص لمرة واحدة لا يمكن أن تعود وإن فعلنا المستحيل ليس لأننا غير قادرين على التسامح ولكن لأن الخوف من الغدر قد ترسّخ داخلنا...
و يجول بخاطرى تشبيه أن فقدان الثقة مثل تمزيق الورقة حقا يمكن إعادة ترتيب اجزائها و لصقها ولكنها لن تعود أبداً مثلما كانت على حالتها الأولى أو ربما هذا الإناء الخزف المزخرف إن كُسر ربما ننجح فى جمع أجزاءة مرة أخرى ولصقها ولكن تصبح الزخارف مشوهة ليست على حالتها وجمالها الأول..
أعتقد حقا أن ألم فقد الثقة فى الأشخاص لا يقل بأى حال من الأحوال عن فقد الأحبة
هذا الفقد الذى يجعل القلب يبكى بشدة ربما أكثر من بكاء العين ف كم من قلوب تبكى والعيون صامتة ، نحن لا نتألم بهذا القدر إلا إذا كان ما فقدناه شئ ثمين يصعب تعويضه ، لأنه يترك فراغاً فالقلب والنفس وألم يحتاج إلى وقت وجهد كبير لنتعافى منه ...
وأخيراً لا يسعنى إلا أن أقول إن خيبة أمل أو خداع لمرة واحدة كافية جداً لنزع الثقة من قلوبنا للأبد....
لذا أيها العقل المشاكس والمشاغب بناء على كل ما تحدثت وإياك فيه عن بدل الفاقد دعنى وشأنى لأعود وأستمتع بلحظات الهدوء والشمس الدافئة والنسمات الباردة لأننى إن فقدت تلك اللحظات ف لن أستطيع أن أستخرج لها بدل فاقد....