الخميس 7 أغسطس 2025 09:19 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول…( هجوم ”حماس” أم صور أضلع الجوعى ! .. )

 الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

على الرغم مما يحدث فى قطاع غزة من قتل و دمار شامل و تجويع مفجع و إبادة جماعية إلّا أنّ هذه الفترة هي فرصة قد لا تتكرر ، والدفع بالموضوع الفلسطيني على الساحة الدولية و الحصول على إعتراف واسع من الدول ، نافذته قصيرة ، و تحتاج إلى حصافة سياسية ..

فالبعض يرى أن التطور الدولي تجاه القضية الفلسطينية ، و بخاصة من الدول الوازنة الغربية ، كفرنسا و بريطانيا و غيرهما ، هو نتيجة رصاص "حماس" في 7 أكتوبر 2023 و لولاه ما كانت القضية الفلسطينية عادت على الساحة الدولية من جديد .. هذا من حق من يرى ذلك الرأي و يتبناه ، لكنه موضع خلاف ، فهناك رأي آخر هو أن ما استفز المجتمعات الغربية و حكوماتها هو الهياكل الإنسانية التي تظهر على شاشات الإعلام الغربي كل صباح و مساء ، بجانب الجهد الديبلوماسي الذي تقوم به الدول العربية في الفضاء الدولي للقبول بحل الدولتين ..

و قد يكون الإعتراف بالدولة الفلسطينية حالياً متوافر جزئياً ، فهناك 139 دولة معترفة بفلسطين رسمياً من جملة 193 أعضاء الأمم المتحدة .. بعد إعلان منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر 1988 استقلال دولة فلسطين ، مستندة إلى قرار الأمم المتحدة 181 ( قرار التقسيم ) ، باتت الدول تعترف بفلسطين ، في آسيا مثل الصين و الهند ، و في أفريقيا معظم دول القارة ، و في أميركا اللاتينية ، و بعض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا و تشيكوسلوفاكيا و بالطبع روسيا !!..

و كان هذا الاعتراف مستعصياً في الدول الغربية من قبل ، أمّا اليوم تبدو بشائر الإعتراف من الدول الغربية الوازنة آتية ، بعد شهرين على الأكثر ، و خاصة من فرنسا و بريطانيا ، و عدد من الدول الغربية ..

و الملاحظ أن إعلان رئيس وزراء بريطانيا شروط الاعتراف يمكن أن يتغير ، إذا قامت إسرائيل بوقف الحرب في غزة ، و فتحت المعابر لوصول المساعدات الإنسانية ، و هو كناية عن اختفاء صراع الطناجر للبحث عن اللقمة ، و اختفاء الهياكل العظمية من الشاشات .. و و ضع هذا الشرط يعني بأن الدافع الرئيسي للاعتراف هو الهياكل العظمية ، التي تظهر في الإعلام الغربي كل صباح و مساء ..

و هنا تكمن الخطورة ، فهذه الفترة هي فرصة قد لا تتكرر ، و الدفع بالموضوع الفلسطيني على الساحة الدولية و الحصول على إعتراف واسع من الدول ، نافذته قصيرة ، و تحتاج إلى حصافة سياسية شديدة ..

و الإفتراض هو أنه إذا دخلت المساعدات بشكل واسع ، و خفت صور طناجر الأكل التي تتدافع حول أماكن توزيع الغذاء ، و اختفت أيضاً الهياكل العظمية التي تبدو الآن للعالم ، إذا تم ذلك ، ربما يتراجع حماس بعض الدول الغربية .. إلّا أنه قد يرى البعض أن ذلك صعب ، لأن الأمور قد وصلت إلى مكان لا يمكن الرجوع عنه ، و لكن في السياسة كل شيء ممكن ..

فلا تزال إسرائيل تملك عدداً من الأوراق ، منها السيطرة شبه الكاملة على وسائل الإعلام ، و على عدد من الأحزاب الأوروبية بمقولات معاداة السامية ، و التذكير بمذبحة الهولوكوست التى قد إنكمشت فعلياً بعد حالة التجويع التى تمارسها إسرائيل على قطاع غزة و موت الكثير من النساء و الأطفال ﻭ المسنين جوعاً ، و استخدام المال ، و أيضاً أسلوب التهديد والترغيب ..

إذاً … هناك فرصة أمام الفلسطينيين بكافة تشكيلاتهم لأن يتدبروا هذا الأمر ؛ فالشقاق الفلسطيني - الفلسطيني ، عقبة كبرى أمام تقدم القضية ، و كل فريق من الفرقاء الفلسطينيين يعتقد أنه يملك الحل ..

و الحقيقة الأخرى أن التوجه الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية ، يستثني علناً وجود "حماس" المسلحة أو حتى "حماس" السياسية في غزة ، أو في الضفة الغربية ، و هذه عقبة كبرى لأن "حماس" أو قيادتها حتى الآن لم تصل إلى تلك القناعة التي قد تقول إن "ما فعلناه يكفي ، و أننا فتحنا الباب للدولة الفلسطينية ، و علينا أن نتراجع لكي تقوم القوى الفلسطينية الأخرى بدورها في تحقيق الحلم ، فما يصلح للحرب لا يصلح للسلم"..

فهذه العقبة الرئيسية التي قد تؤخر أو تجمد أو حتى تدفع لمراجعة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الدول الغربية الوازنة ، و بالتالي تخسر القضية مرة أخرى ، كما لم تخسر في السابق ..

و رأينا الجهد الديبلوماسي العربي مشهود ، و تم على رؤوس الأشهاد في الأمم المتحدة .. حتى الولايات المتحدة رغم معارضتها علناً للفكرة ، إلا أنها بعد حين ، إذا تهيأت الظروف التي تم شرحها في السابق ، أي تواضع سياسي من القيادات الحماسية ، و تقديم المصلحة الأوسع للفلسطينيين على مصلحة التنظيم ، وقتها قد تأتي الولايات المتحدة أيضاً إلى الطاولة و الإعتراف..

و اليوم تبدو هناك فرصة سانحة ، و هي الاعتراف الأوسع بدولة مستقلة على الأراضي التي احتلت بعد حرب 67 .. لكن المعارضة لهذه الفكرة من اليمين الإسرائيلي واضحة ، و لكن أيضاً هناك رأي عام في إسرائيل يتوجب التوجه إليه و إقناعه بخطأ مقولة أن "الأمن ليس وظيفة من وظائف الدولة الإسرائيلية ، بل شرط لوجودها"، حيث ثمة إقناع للجمهور الإسرائيلي بأنه مهدد بمن حوله .. لكن الحقائق على أرض الواقع تقول عكس ذلك ، فهناك سلام مع الأردن و أيضاً مع مصر ، و تجري أيضاً مباحثات نشطة مع سوريا ، كما لإسرائيل تمثيل في عدد من الدول العربية الأخرى ..

و لكن هذه الفكرة يجب أن تستثمر ، في الإعلام العالمي ، من أجل دحر مفهوم العقيدة الوجودية العسكرية لإسرائيل ﻭ إقامة دولة فلسطينية .

خالد درة بالعقل أقول…( هجوم ”حماس” أم صور أضلع الجوعى ! .. ) الجارديان المصرية