الخميس 18 أبريل 2024 01:29 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديبة نور قزاز تكتب من أسطنبول : عندما تفهم اللعبة

الأديبة نور قزاز
الأديبة نور قزاز


هذا المقال للمتذمرين العالقين بدائرة التعاسة واللاجدوى
أما المنسجمين مع حالهم سواء مع حزنهم أو فرحهم هنيئاً لهم لأنهم هم من ينثرون الفنون .....

حاول أن تتصالح مع الحاضر
إنك دائما عالقاً ما بين الحنين إلى ماض بعيد بالرغم من أنك عندما كنت تعيشه حاضراً لم تكن سعيداً به وكنت تتذمر منه ! لماذا إذاً تحن إليه الآن ؟ لأنك ببساطة تحب مالا تملكه وغارقاً في رومانسية المشاعر و تزداد عزلتك حتى تفقد السيطرة على التعايش مع الناس والحاضر والأشياء الجديدة
تحن لكل شيء قديم ولو كان مهترئاً وتظن أن الخير في القديم فقط وتنقد كل جديد
ربما تحن لكوب قهوتك الصباحية الذي أهدتك إياه حبيبتك الأولى والتي خانتك مع ثري لا يقوم بتنظيف أسنانه و يشرب كأس الشاي بطريقة مستفزة بإصدار صوت رشفة تشبه الشخير و يتحدث أثناء الطعام ليصنع لحناً مميزاً بالدمج ما بين المضغ و الكلام ثم يقرط عضة تفاحة يهيج بصوتها شياطين الإنس والجن ، ومع ذلك فضلته عنك وتزوجته فقمت بكسر ذلك الكوب ثأراً لكرامتك المهدورة وقتها لكنك اليوم تحن إليه و تستمتع بدور جلد الذات و تسامحها و تبدأ تخترع عيوباً بك وأنها كان عندها حق في خيانتك لأنك قصرت معها و تلوم و تنقد نفسك و تستمتع بمعاناتك وربما كوبك المكسور هو بقربك بتقمص جديد دون أن تعلم بعد أن تمت إعادة تدويره (ريسايكلينغ ) و سكن في زجاجة عطر سيء لم تعبء به منسياً في ركن معتم من خزانتك . أو أنك تعيشين على إحياء ذكرى موت عزيز ولا تستسلمين لسنن الكون تقاومين شفاؤك

أو أما أنك عالقاً بالركض نحو المستقبل وتحقيق ما تتمناه مهملاً لكل تفاصيل حياتك الجميلة والهبات التي منحتك إياها الحياة مسرفاً بطموحاتك بطريقة هيستيرية مؤذية لك وللآخرين و يسرقك الحلم بالمستقبل عن حاضرك وتركض وتركض للنجاح وربما الشهرة والتميز و تحقيق الثروة واستثمار شبابك و تركض بطريقة عنيفة كأنك مطارد فلا تستمتع بالتفاصيل تأكل بسرعة لا تعطي من يحبونك حقهم تركض بتوتر عال و دائماً عالقاً بشعور الضحية وأنك تستحق الأفضل و أنك مظلوم و حظك سيء و القدر والناس يتقصدونك وحدك لأنك مميز ! لماذا لا نمنح لحظاتنا حقها
أو أنك لا تستمتعين بحملك وأنت تنتظرين الجنين وعندما يأت الجنين تتذمرين من ارهاق الارضاع وتتمنينه ان يكبر وعندما يكبر تتمنين لو عاد صغيراً

إليك الحل
خذ قراراً أنك ستستمتع بالحاضر المتاح مهما كان لأنه يناسب حالك وهو ( نتيجة لماضيك ) ، ولكن اعمل باتجاه النجاح دون التعلق الهيستيري بالتميز بل استمتع بالطريق واعرف ان حاضرك اليوم هو ماضيك غدا فاخلق ذكريات سعيدة من خلال حاضر سعيد ولو خانتك حبيبتك مع ذو عضة التفاحة الكبيرة انظر للأمر بشكل مختلف وقل هو مفترق طرق لبداية جديدة قل سأحزن فترة ولكن سأنسى واخلق بداية اجمل لأني أثق بنفسي وكونها فعلت ذلك ربما لأن هناك حبيبة أجمل تنتظرني .
برمج افكارك بقوة إيمانك ان كل ما يحدث معك يحدث لخير لا تعلمه
ان لم تستمتع بحاضرك مهما كان لن تعرف ان تستمتع في اي مكان اخر سترحل وتاخذ نمط تفكيرك معك .
تخلى عن فكرة النقمة بطريقة حاقدة استسلم اكسر غرورك بيدك افضل مما ان تكسره لك الحياة
استسلم بمعنى ارضى ثم اعمل بهدوء بريلاكس و ستجد نتائج تبهرك ، عندما تفهم هذه اللعبة ستدرك كم أنت مخدوع و حياتك مسروقة .