الخميس 25 أبريل 2024 09:33 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتورة سلوى سليمان تكتب : قراءة في مفهوم القوة الناعمة

الدكتورة سلوى سليمان
الدكتورة سلوى سليمان

عندما نحلل مفهوم القوة الناعمة علينا أن نتطرق في عجالة إلى مفهوم القوة الذي تحوية قائمة المفاهيم الدارج استخدامها فيما بيننا، ذلك الذي يعني القدرة على التأثير بأدوات مادية أو معنوية، و القدرة على جعل الآخرين يقومون بتصرفات لم يكونوا ليقوموا بها لولا أثر القوة التي تم إخضاعهم لها، ونؤكد أن مفهوم القوة ارتبط بالممارسات الاكراهية التي تجبر الآخرين على التصرف بطريقة معينة وظل هذا المفهوم هو الأوحد استخداما وتداولا على المستوى الدولي والفردي حتى قيام "جوزيف ناي"عالم السياسة الأمريكي بتطويره، وطرحه كمصطلح في التسعينات للتعبير عن الإمكانية على الجذب والإقناع من غير الإكراه، وقد استخدم ناي هذا المصطلح في كتابه مقدرة للقيادة :الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية الصادر عام١٩٩٠، علما بأن ناي نفسه طور هذا المفهوم؛ فقام وعرضه بالتفصيل في كتاب آخر أصدره عام ٢٠٠٤ بعنوان القوة الناعمة :وسائل النجاح في السياسة الدولية والذي أخذنا عنه التعريف أعلاه وهذا المصطلح يستخدم حاليا على نطاق واسع في الشؤون الدولية من قبل الباحثين والمحللين والسياسيين
ولم يكن ناي هو الوحيد الذي عرف القوة الناعمة بل لابد لنا أن نرسو على ضفاف تعريف ميشيل فوكو Michel Foucault
والذي يعتبرها اجبارا وإلزاما غير مباشرين وسجال عقلي وقيمي يهدف إلى التأثير على الرأي العام في داخل الدولة، وخارجها ومن خلال متابعة التعريفين يتضح لنا أن فوكو وناي متفقان على أن القوة الناعمة هي التأثير بالرأي العام، ولكن بوسائل غير عنيفة مباشرة وذلك بهدف السيطرة والهيمنة على العقول؛ ولكن ناي يستبعد الوسائل الاقتصادية كجزء من القوة الناعمة في التأثير بينما يخالفه فوكو في ذلك.
ومن هنا فالقوة الناعمة في وجهة نظر الباحثين أركان وموارد وأبعاد
وبالكاد يفتح مفهوم القوة الناعمة الباب لدراسة القدرة على التأثير في سلوك الآخرين عبر الجاذبية والاحتواء فالقوة الناعمة هى قوة النموذج، وجاذبية الثقافة، وسمو القيم والمبادئ، والمصداقية في الالتزام بكل هذا. إنها امتلاك الخصائص التي تجعل الآخرين يتطلعون للدولة باعتبارها نموذجاً يحتذى، ومصدراً للإلهام.
فضلا عن أنها أيضا القدرة على التأثير في الآخرين بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه، وبحيث تصبح قيمك وثقافتك ومبادئك وطريقتك في الحياة هي النموذج الذي يودون الاحتذاء به....
أما عن مصادر القوى الناعمة فتتمثل في الثقافة، القيم والدبلوماسية، وكما نعلم أن الثقافة هي التي تساهم بشكل أساسي في عملية جذب الآخرين، ولأي دولة نوعين من الثقافة، ثقافة النخبة وهي ثقافة الناس المتعلمة الراقية المهتمة بالعلم وأبحاثه وكلما استطعت تغيير ثقافة النخبة تصبح الدولة قوية، والثقافة الشعبية أي التعامل اليومي للأشخاص وعندما تكون الدولة قوية في المدد الثقافي لها يزداد وينتشر انتشارا كبيرا في كل مكان وتصل إلى عمق الثقافة في العالم أما بالقيم فتستطيع بها معرفة كيف يفكر المجتمع والقيم معيار رئيسي لأن تكون الدولة قوية أو ضعيفه اما الدبلوماسية فيستخدمها السياسيون وتعني الاقناع بالعقل أو بالعاطفة و ينظر إليها الآخرون على أنها شرعية وأخلاقية
أخيرا...على الرغم من أن مصطلح القوة الناعمة ظهر في تسعينات القرن الماضي إلا أن البعض يعتبرها ملازمة التاريخ الإنساني وهي تظهر في كتابات الفلاسفة أمثال كونفوشيوس confucius وسقراط Socrates أو من خلال انجذاب الناس إلى الأديان مثلا ومن هنا لقد فرض هذا النوع من القوة نفسه وأضحى من أهم العناصر التي تعتمدها الدول في برامجها وتعتمد عليها في سياق عملها السياسي والدبلوماسي ولنا أيضا أن نستخدمها في غرس قيم وتغيير عادات وأفكار ومفاهيم غير صحيحة دُست في مجتمعنا بوسائل غير مقبولة من منطلق أن التأثير على العقول آلية فعالة تُحدث تغييرا وتضمن عدم خروج الأفراد عن سياق معين اتفاقا مع
مبدأ " ثيودرو روزفلت" تحدث برفق واحمل عصا غليظة…