السبت 27 يوليو 2024 04:57 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

جمعه قابيل يكتب : عندما ينصفك الرئيس

الإعلامى والكاتب الصحفي الكبير جمعة قابيل
الإعلامى والكاتب الصحفي الكبير جمعة قابيل

فوجيء الطالب ابراهبم حسن باستبعاده من البعثة المسافرة للحصول على الدكتوراة وحل مكانه طالب اخر قيل له انه ابن عميد الكلية.

حاول ابراهبم حسن الطالب الريفى الطيب والحاصل على المركز الاول وصاحب الحق فى السفر ضمن البعثة مقابلة رئيس الجامعة الا انه فشل
وحاول الشكوى لقيادات الوزارة وصولا للوزير الا انه لم ياخد الا وعودا كاذبة وتسويفا واحيانا سخرية منه ومن اصراره على السفر على حساب ابن العميد.

فما كان من الطالب الريفى البسيط الا اللجوء لاخر محاوله وكله يقين انه سيحصل على حقه.

اتجه الى اقرب مكتب بريد وارسل تلغراف استغاثة الى رئيس الجمهورية شارحا فيه تعرضه للظلم الشديد.

وهنا كانت المفاجأة التى قلبت الاحوال كلها راسا على عقب!

فوجيء ابراهيم فى اليوم الثالى بالكلية كلها تسال عنه والعميد ومعه رئيس الجامعة يطلبان منه تفسيرا لما حدث والوزير حدد له موعدا فى اى وقت يختاره

ووسط كل ذلك فوجيء باستدعاء فورى للقاء الرئيس شخصيا!

لم ينم ابراهيم تلك الليلة وصال وجال بخياله عن تفاصيل اللقاء المرتقب .. فهاهو الشاب الفلاح ابن الفلاحين الغلابة وابن القرية الفقيرة والطيب اهلها سيلتقى بالرئيس وجها لوجه .. الرئيس الذى تعشقه الجماهير البسيطة ويقدره معظم زعماء العالم ويهابه الظالمون ويكرهه سارقى ومستعبدى الشعوب

اسرع والد ابراهيم فى شراء قطعة قماش صوف محترمة وسهر الخياط بالبلدة طوال الليل يفصل لابراهيم بدله تليق بالحدث .. فلابد له ان يظهر فى قمة الاناقة والشياكة.

ركب ابراهيم القطار صباحا بعد دعوات والدته بالتوفيق وتوصيات والده باختيار كلماته مع الرئيس.

ورغم عدم نومه لحظة واحدة الا انه كان يقظا بشدة ويود لو نزل يدفع القطار ليسرع اكثر وامسك لسانه من الكلام مع من حوله تنفيذا للتعليمات بعدم البوح لاى احد عن اللقاء وان كان داخله يصرخ فرحا وفخرا ويريد ان يعلنها للدنيا كلها انه فى طريقه للقاء الرئيس .. وليته اى رئيس!

بمجرد وصوله الجامعة وجد الجميع فى انتظاره وركب سيارة الرئاسة ومعه الحرس واتجهوا على الفور الى قصر الرئاسة.

وبالقصر جلس ابراهيم فى انتظار الدخول واخذ يراجع مع نفسه بصوت مكتوم ماسوف يقوله ويطلبه من الرئيس.

لحظات مرت كأنها العمر .. راح يتذكر فى هذه اللحظات معانات اهل قريته واحلامهم وطيبة قلوبهم والاهم حقهم فى حياة كريمة تحفظ لهم انسانيتهم وكرامتهم وكفى ماعاشوه من ذل وظلم وتجاهل لسنوات طويلة حتى اعتادوا الظلم وتعودوا على المهانة وتعايشوا مع المعاناة.

فجاة وجد ابراهيم نفسه واقفا امام الرئيس .. بل سمع صوته شخصيا يرحب به ويطلب منه الجلوس ليحكى له مايريد .. ولكن طار كل شيء من عقل وفكر ابراهبم .. نسى كل ماكان يريد قوله .. ووجد صعوبة شديدة فى النظر فى عيون الرئيس فكلها مهابة وقوة وصلابة ووسط كل ذلك داخلها انسانية شديدة واحساس بالناس وتاريخ طويل من التحدى ورفض القهر لاى انسان.

جلس ابراهبم صامتا واستمع من الرئيس الذى قال له انه يعرف كل مايريد قوله وانه عاش ظلما وقهرا مثله تماما قبل ان يصبح رئيسا .. وان من حقه وحق كل مظلوم عدم الصمت والدفاع عن كافة حقوقه وانه سيكون اول المسافرين مع البعثه وان كل من ظلمه سيعاقب لانه لا مجال لظالم ولا مكان لفاسد بدولتنا بعد اليوم.

طار ابراهيم من الفرحة وشعر ان روحه قد ردت اليه ووعد الرئيس انه سيبذل قصارى جهده ليحصل على الدكتوراة فى اسرع وقت توفيرا للنفقات وليعود لينفع بلده بعلمه ووقته وعمله ودمه لو احتاج الامر.

وبالفعل سافر ابراهيم ليعود بعد ثلاث سنوات حاصلا على الدكتوراة ليبدا مشواره التدريسى بالكلية وليتزوج وينجب ولدين يعملان حاليا فى خدمة بلدهما باماكن سبادية مهمة.

هذه التجربة بطلها مازال حيا يرزق استاذا متفرغا بجامعة القاهرة وعندما التقيته وحكى لى تفاصيل تجربته ايقنت وتاكدت لماذا يعشق الفقراء والبسطاء هذا الرئيس ولماذا يهابه ويخشاه الكسالى والفاسدون ولماذا يكرهه الظالمون والمنتفعون ومن كانوا مقربين من حاشية اولى الامر وقتها.

رحم الله رئيسا عاش مخلصا لبلده رغم اى اخطاء .. واعاد كرامة وكبرياء شعبه الذى رفع راسه ورفض اى انحناء مرة اخرى .. وزرع الخوف والرهبة فى قلوب اعداء وطنه لدرجة انهم يخشونه ويخشون تكرار تجربته حتى اليوم رغم انه مات من 53 سنة

رحم الله عبدالناصر .. عبد الله وخادم الوطن الذى اثق انه كان مخلص النوايا .. وناصر البسطاء والغلابة حتى اخر يوم فى عمره الذى لم يكمل 53 عاما.

وفى ذكرى 23 يوليو 1952 ثورة الحرية والكرامة والقضاء على الاقطاع والفاسدين وبناء جيش وطنى قوى نفخر به نترحم بحب على زعيم اخلص لبلده وعاش مخلدا فى ذاكرة شعبه الطيب ولو كره الكارهون

جمعة قابيل الإعلامى جمعة قابيل عندما ينقصك الرييس الجارديان المصرية