د. كمال يونس يكتب : دموع متأخرة
الجارديان المصريةبعد طلاقها من زوجها الذي اختفى تماما ،انقطعت عنها وعن أولادها أخباره ،تحملت في صبر وجلد قسوة الحياة ،حتى تخرجوا في الجامعات،سافروا للخارج ، تركوها تعاني الوحدة، كانت الاتصالات صعبة ،رسائل بريدية نادرة ، جمعت حولها جيرانها من سيدات الحارة اللاتي كن ينادينها ماما، لطيبتها ،حنيتها ،كرم أخلاقها ،ذات يوم عرضت عليها أحد جاراتها الزواج من قريب لها ،توفت زوجته،أولاده وبناته متزوجون ،منشغلون عنه ،يقيم وحيدا،يعاني مثلها ،بعد إلحاح من الجارات وافقت ، أرسلت لأولادها تخبرهم ،رفضوا ، قاطعوها ،عقد القرآن وسط فرحة الجيران ، موعد الزفاف تحدد بعد ثلاثة أيام ،قامت فيها نسوة الحي بتجميلها ،تجهيزها ، أعددوا طعاما خاصة لعشاء العروسين ،حلويات ،كعكعا لكن في اليوم المحدد طرق بابها من يخبرها بأن العريس طلقها ، مرسلا إليها ليس نصف مؤخر الصداق لكونه لم يدخل بها ،بل أرسله كاملا ، طالبا السماح والعفو منها ،فلقد أجبره أبناؤه على طلاقها ،متهمين إياه بخيانة ذكرى أمهم ،مهددين بمقاطعته للأبد ،رضخ لهم ،ماكادت تقرأ الرسالة حتى سقطت مغشيا عليها ،أصيبت بشلل نصفي، لم تجد محاولات علاجها ،رفضت الطعام والشراب، بل ودخول المستشفى للعلاج ، ساءت حالتها ،تدهورت ،بعث الجيران لأولادها عدة رسائل ، أخيرا حنوا عليها ،رقوا لها ،،اتفقوا على العودة لمصر في نفس التوقيت ،تجمعوا ،ذهبوا للقائها ، لم يجدوها بمنزلها ،على قبرها سكبوا دموعا متأخرة .