الأحد 8 سبتمبر 2024 06:08 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسين السمنودى يكتب :”الضغوط العسكرية والتوازنات الإقليمية: كيف تؤثر الاستراتيجيات الأمريكية على الأزمات في الشرق الأوسط؟

الكاتب الكبير حسين السمنودى
الكاتب الكبير حسين السمنودى

في عالم السياسة الدولية، تتبع القوى الكبرى استراتيجيات متعددة ومعقدة لتحقيق أهدافها. في سياق السياسة الأمريكية، يظهر نوعان رئيسيان من الاستراتيجيات في التعامل مع الأزمات الإقليمية: التدخلات العسكرية الواسعة النطاق التي تهدف إلى تغيير الأنظمة، والإجراءات العسكرية الرمزية التي تركز على تحقيق أهداف محددة دون الانغماس في صراعات طويلة الأمد.

...*التدخلات العسكرية الرمزية في سياق السياسة الأمريكية*

عندما نتحدث عن التدخلات العسكرية الرمزية، يمكننا العودة إلى فترة حكم الرئيس بيل كلينتون. في عام 1998، فقد شنت الولايات المتحدة ضربة ضد السودان، وهي خطوة اعتبرها الكثيرون رمزية. الهدف كان إرسال رسالة قوية دون التورط في نزاع شامل. وهذه الاستراتيجية كانت تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية دون الإضرار بشكل كبير بالوضع العسكري والسياسي في المنطقة.

*....الاستراتيجيات الحالية في الشرق الأوسط*

بالنظر إلى الوضع الحالي في الشرق الأوسط، يتضح أن الاستراتيجيات الأمريكية قد تكون مشابهة من حيث الطابع الرمزي. فالنظام السوري، رغم كل الضغوط، لا يزال محافظاً على استقراره بفضل دعم حلفائه الإقليميين مثل إيران وحزب الله. وإذا قررت القوى الغربية تنفيذ ضربات عسكرية ضد سوريا، فمن المحتمل أن تكون هذه الضغوط محدودة وعرضية، تهدف إلى إرسال رسالة دون السعي لإحداث تغيير جذري في النظام.

والاستراتيجيات العسكرية الرمزية تتسم بعدم التصعيد المباشر. قد تشمل هذه الاستراتيجيات ضربات عسكرية محدودة تهدف إلى فرض ضغوط على النظام السوري دون محاولة إسقاطه بالكامل. هذه الضغوط قد تؤدي إلى تعزيز موقف القوى الغربية، لكن من غير المرجح أن تساهم في تغيير النظام بشكل جذري.

*...النتائج المحتملة والآثار الإنسانية*

في هذا السياق، تبرز قضية أساسية: الأثر المباشر على المدنيين السوريين. بينما قد تحقق القوى الكبرى بعض أهدافها السياسية والعسكرية، فإن الوضع الإنساني للشعب السوري لا يزال يتدهور. في ظل الاستراتيجيات العسكرية الرمزية، وتستمر معاناة المدنيين دون أن يكون هناك تحسن حقيقي في الظروف المعيشية.

من ناحية أخرى، قد يسهم الحفاظ على الوضع القائم في استمرار النزاع وتفاقم الأزمة الإنسانية. والنظام السوري، مدعوماً من إيران وحزب الله، قد يظل في مكانه، بينما تظل قوى المعارضة، بما في ذلك ما يُعرف بالجيش الحر، تعاني من نقص الدعم الكافي.

**الاستنتاج**

إن الاستراتيجيات العسكرية الرمزية، رغم أنها قد تحقق أهدافاً قصيرة الأمد، وتظل غير كافية لمعالجة الأزمات المعقدة مثل تلك التي تشهدها سوريا. يتطلب الوضع الحالي إعادة تقييم شاملة للسياسات الدولية، حيث يجب أن توازن بين الأهداف الاستراتيجية والاحتياجات الإنسانية في مناطق النزاع. من الضروري أن يتم التفكير في حلول أكثر شمولية ودعماً حقيقياً للشعب السوري الذي لا يزال يعاني من آثار الصراع المستمر.

وفي النهاية، بينما تسعى القوى الكبرى لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، ينبغي أن تكون هناك خطط واضحة لتحسين الوضع الإنساني وضمان عدم استمرار معاناة المدنيين كجزء من استراتيجية سياسية أو عسكرية.