الأربعاء 6 نوفمبر 2024 04:25 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : أكتوبر حرب العزة والكرامة

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

في ذكري مرور واحد وخمسون عاما علي نصر أكتوبر المجيد ، تعيش مصر وسط تحديات وصراعات عسكرية تحيط بها من كل الجهات الاستراتيجية ،فى حدودنا الشرقية عدوان اسرائيلي علي فلسطين المحتلة ولبنان، هذا العدو التقليدي للعرب والمسلمين، المحتل الغاصب للأرض العربية بالدعم والتأييد الأمريكي ، وفي الجنوب حرب أهلية سودانية تكاد تعصف بوحدة السودان ولجوء مئات الالاف الي مصر ، وفي الغرب انقسام ليبي ليبي وصراع سياسي داخلي ، وفي الجنوب يظل اشتعال الصراع حول باب المندب وتأثيره السلبي علي الملاحة بقناة السويس، وكذلك تعنت إثيوبيا والمماطلة في حل قضية مياه النيل مع مصر ، واقع قاسي وظروف دولية غاية في الصعوبة ، هذا يفرض علي مصر وجيشها أن تكون علي اهبة الاستعداد وعلي درجة عالية من الكفاءة والجهوزية علي كل الجبهات ، فرغم مرور نصف قرن علي هذه الحرب المجيدة فإن التاريخ العسكري سيظل يذكر يوم السادس من أكتوبر ١٩٧٣كعلامة بارزة في الحرب الحديثة بما قدمه الجيش المصري للفكر العلمي العسكري من استراتيجيات وتكتيكات عسكرية جديدة لم تكن معروفة في حينها ، الدرس الذي تقدمه هذه الحرب ان الاستعداد للمعركة من اعداد جيد وتدريب شاق وتخطيط محكم ،مع عبقرية وشجاعة المقاتل والمخطط المصري فلم يكن النصر وليد الصدفة البحتة ، فعلي مدار سنوات من التدريب والاعداد والاستعداد للمعركة ، وسط حرب نفسية كريهة من العدو زعم فيها أنه الجيش الذي لا يقهر ، واستخدم الحرب النفسية لإحباط العزيمة وبث الرعب واليأس في نفوس الجيش والشعب، لكن جاء الرد القاسي وانهارت الاكذوبة المغرور، ونزلت الصاعقة علي العدو في يوم السادس من أكتوبر ، اداء شرس جسور بروح معنوية عالية قمة في الوطنية والشعور بالواجب والفداء ، قضت على أكذوبة أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر ، إن الأسطورة الحقيقية في هذه الحرب هى أبطالها المصريين عسكريين ومدنيين ، لقد حققوا الإعجاز وسطروا بدمائهم الطاهرة ملاحم وبطولات ، ووقفت الجبهة الداخلية من الشعب خلف قواتها المسلحة بالمال والدماء ،سجل المصريين للتاريخ وللأجيال القادمة أنه لا يوجد مستحيل عند الإيمان بقضيته و التمسك بحق الدفاع عنه ، فعادت إلينا ارضنا السليبة حربا في جولة وسلما في جولة اخري ، واجتازت مصر الهزيمة العسكرية والنفسية ، والأن إذا كانت معركة تحرير الارض قد انتهت بعودة ارض سيناء كاملة ، فلم تنتهي معركة البناء والتنمية التي بدأت من سنوات وتحتاج منا إلى الصبر والعمل الجاد ، أن معاركنا وحروبنا لم تنتهي فقد تغير أسلوب وتكتيك الحروب الحديثة ، وقد ظهرت اخيرا استخدام الحرب السيبرانية للاعتداء علي المقاومة اللبنانية ، اننا ونحن نحتفل بالنصر العظيم نقدم من هذا النصر الدروس والعبر للأجيال الصاعدة ، ضرورة اليقظة والاستعداد لما يحاك من مؤامرات للهيمنة الصهيو امريكية علي المنطقة العربية، ولكن في ظل تراجع موقف عربي جاد موحد أمام ما يهدد أمن شعوب المنطقة ، لابد من الاعتماد على الذات وتسخير كافة الطاقات والامكانات للحفاظ علي السلام الذي يحتاج للقوة ، ان شعب مصر الواعي الذي استطاع أن يقهر الخوف والهزيمة في أكتوبر ٧٣ ، لقادر ان يقهر الظروف والعقبات الحالية ، وتحقيق التنمية والرخاء والحفاظ علي مقدرات الدولة المصرية ، كل عام ومصر في أمن وأمان جيش وشعب يد واحدة.