تنصيب بابا الفاتيكان الجديد يشعل أزمة دبلوماسية بين الصين وتايوان.. تفاصيل التوتر حول تمثيل الجزيرة في الحدث


مع اقتراب موعد اجتماع الكونكلاف السري لاختيار خليفة البابا فرانسيس الراحل، بدأت التوترات الدبلوماسية بين الصين وتايوان تطفو على السطح، وسط تساؤلات حول من سيحضر حفل التنصيب نيابة عن تايوان. ومع أن العالم بأسره ينتظر الإعلان عن اسم البابا الجديد، إلا أن النقاش في تايوان يتركز حول مسألة التمثيل الرسمي في هذا الحدث العالمي.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة *الجارديان* البريطانية، عاد نائب الرئيس التايواني السابق، تشين تشين جين، مؤخرًا من رحلة إلى الفاتيكان، حيث مثل بلاده في جنازة البابا فرانسيس. ومع ذلك، أعرب تشين عن أمله ألا يتم استدعاؤه مرة أخرى لحضور حفل التنصيب، مطالبًا بأن يكون رئيس تايوان، لاي تشينج تي، هو الذي يقود الوفد هذه المرة. وقال تشين في تصريحات خاصة: "صلينا من أجل إمكانية حضور الدكتور لاي حفل تنصيب البابا الجديد".
رغم أن سبب عدم حضور رئيس تايوان جنازة البابا فرانسيس لم يتم تأكيده رسميًا، إلا أن التخمينات تشير إلى دور ضغوط بكين في هذا القرار. فالصين، التي تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، تسعى دائمًا إلى تهميش الجزيرة دوليًا باستخدام نفوذها السياسي والدبلوماسي. ويُذكر أن الفاتيكان واحدة من 12 حكومة فقط التي تعترف بتايوان كدولة ذات سيادة، وهي الدولة الأوروبية الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بهذه العلاقة.
في أعقاب الإعلان عن وفاة البابا فرانسيس، سارعت تايوان إلى تقديم التعازي، وأعربت عن رغبتها في أن يقود رئيسها وفد الجنازة. لكن بعد ساعات قليلة، أعلن اختيار تشين تشين جين، الذي التقى البابا الراحل ست مرات خلال حياته، كـ"الخيار الأمثل في ظل الظروف الراهنة"، بعد مناقشات مع الفاتيكان. وقد أثار هذا القرار تكهنات بأن الفاتيكان قد رفض حضور رئيس تايوان، أو طلب عدم إرساله، تحت ضغط من بكين.
تأخرت الصين نسبيًا في تقديم التعازي، مما أضاف إلى الشكوك حول تدخلها في شؤون الفاتيكان. ومن جانب الفاتيكان، فإن تايوان تُعتبر شريكًا مهمًا للكنيسة الكاثوليكية، رغم أن عدد الكاثوليك فيها لا يتجاوز 0.02% من السكان. ومع ذلك، فإن الجزيرة تلعب دورًا محوريًا كـ"كنيسة جسر"، حيث كانت حتى عقد مضى وجهة للرهبان والراهبات الصينيين لتلقي التدريب اللاهوتي بلغتهم الأم.
تقول حكومة تايوان إنها لا تزال تخطط لإرسال وفد رسمي إلى حفل التنصيب، لكنها لم تكشف ما إذا كان رئيسها سيقود الوفد أم لا. ومع ذلك، يعتقد محللون أن الفاتيكان يفضل عودة تشين تشين جين بدلاً من رئيس تايوان، وذلك لتحقيق التوازن بين وجود تمثيل تايواني وعدم استفزاز بكين، التي تعتبر العلاقات مع الفاتيكان قضية حساسة.
في النهاية، يعكس هذا الجدل التوتر المستمر بين الصين وتايوان، حيث تسعى الأولى إلى تهميش الجزيرة دوليًا، بينما تحاول الأخيرة الحفاظ على وجودها على الساحة العالمية. ولا شك أن قرار الفاتيكان بشأن تمثيل تايوان في حفل التنصيب سيكون له تداعيات كبيرة على العلاقات بين الأطراف الثلاثة: الفاتيكان، الصين، وتايوان.