خالد درة يكتب من باريس : بالعقل أقول ”حماس” و البنود العشرين …! )


وضعت الخطة الأميركية لغزة ، المؤيّدة عربياً و دولياً ، "حماس" أمام خيارين صعبين ( أحلاهما موت ) : القبول بالتخلي عن سلاحها و عن حكم غزة ، أو مواصلة إسرائيل الحرب حتى تحقيق هذا الهدف .. و كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب واضحاً في مؤتمره الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض ، عندما اعتبر أنه بعد حصوله على موافقة إسرائيل ، فإن تنفيذ الخطة ذات البنود العشرين مرهون بقبول "حماس" لها ، و إلا فإنه "سيدعم بالكامل" استمرار الحرب الإسرائيلية "حتى إنجاز المهمة".. و كي يضمن نتنياهو موافقة اليمين المتطرف في حكومته على الخطة الأميركية ، قال إن بنودها تضمن تحقيق أهداف إسرائيل ، من استعادة الأسرى الإسرائيليين الأحياء و الأموات ، و تفكيك "حماس"، مع الاحتفاظ بسيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع في المدى المنظور ، مع تأكيد رفضه إقامة دولة فلسطينية ، أو إشراك عناصر من الحركة أو السلطة الفلسطينية في إدارة غزة .. و لا يكون ، دوراً للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة في المراحل الأخيرة من التطبيق ، مع شرط إدخال السلطة إصلاحات على تركيبتها ، و ستكون هذه المشاركة عائدة لتقدير "مجلس السلام" الذي سيترأسه ترامب الذي أعلن عنه ، بمساعدة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير ..
و يصحّ الأمر كذلك على فتح مسار نحو الحديث عن دولة فلسطينية ، كمرحلة أخيرة من مراحل الخطة .. و فوق هذا ، أكد ترامب أنه "يتفهّم" معارضة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية ، مع تعهد فضفاض بأن "تقيم الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل و الفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي لتعايش سلمي و مزدهر".. و كل مرحلة من مراحل الخطة ، من "الانسحاب التدريجي" لإسرائيل ، ستجري بالتنسيق مع حكومتها ، التي يعود إليها تقدير ما إن كانت "حماس" تلتزم بنود الخطة الأميركية أم لا ، و بأن القطاع "لم يعد يشكل تهديداً" لها .. و على جبهة اليمين الإسرائيلي المتطرف ، لا تلقى الخطة الأميركية قبولاً ، و قد اعتبرها وزير المال بتسلئيل سموتريتش "فشلاً ديبلوماسياً مدوّياً".. و ردّ عليه نتنياهو مطمئناً بأن "الجيش الإسرائيلي سيبقى في معظم أنحاء غزة"، و كرر أنه أكد خلال لقائه ترامب رفضه قيام دولة فلسطينية ، على رغم الاعترافات الأوروبية و الغربية الأخيرة التي فاقمت العزلة الدولية لإسرائيل .. و مع ذلك ، ستواجه الخطة تحدّيات خلال مراحل التطبيق .. و لا يزال الغموض يكتنف الطريقة التي سيجري بها نزع سلاح "حماس"، علماً بأن الخطة تنصّ على عفو عن المقاتلين الذين يلقون السلاح و على توفير ممر آمن للعناصر الذين يريدون الخروج من غزة ، بينما يطرح تأكيد إسرائيل حقها في شن عمليات داخل القطاع الكثير من علامات الاستفهام ..
و علاوة على ذلك ، ليس من الواضح بعد السرعة التي ستُشكّل بها "قوة الاستقرار الدولية"، التي ستضم عناصر من دول عربية و إسلامية .. و إندونيسيا وحدها أعلنت استعدادها حتى الآن للمشاركة في هذه القوة ، التي ستكون شبيهة بـ"قوة ترسيخ الاستقرار" في إقليم كوسوفو عقب الحرب الأطلسية على صربيا في أواخر التسعينيات .. و يتوقف الكثير من تطبيق بنود الخطة على مدى استعداد أميركا للانخراط جدّياً في كل المراحل ، وصولاً إلى "فتح مسار" نحو تقرير المصير و إقامة دولة فلسطينية .. و بالمقارنة مع الأفكار التي طرحها ترامب في فبراير الماضي ، من نقل الفلسطينيين إلى مصر و الأردن ، فإن إقرار الخطة بأن أحداً من سكان غزة "لن يُجبر على مغادرتها"، يُعدّ تفكيراً أميركياً أكثر واقعية .. لا يلغي ذلك أن غزة ، بحسب الخطة الأميركية ، دخلت طوراً من أطوار التدويل ، في انعكاس لموازين القوى التي فرضتها الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ عامين .