الخميس 20 نوفمبر 2025 08:00 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد الشافعى يكتب : تصريحات حسام حسن... بين تبرير الفشل وإهانة الكرة المصرية

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

** بكل تأكيد، تصريحات حسام حسن الأخيرة أثارت جدلاً كبيراً يستحق الوقوف عنده وتحليله، ليس فقط لما تضمنته من ألفاظ غير مسبوقة، بل لتداعياتها الخطيرة على المنظومة الكروية المصرية بأكملها.

** في مشهد اعتاد عليه الجمهور المصري بعد كل أداء مخيب لمنتخب مصر، خرج الكابتن حسام حسن المدير الفني للمنتخب في تصريحات حاول فيها تبرير المستوى المتواضع الذي ظهر به الفريق في المباريات الودية الأخيرة.

لكن ما ميز هذه المرة لم يكن محاولة التبرير بحد ذاتها، بل كانت "الغرائب والعجائب" – كما وصفها الكثيرون – التي احتوتها تصريحاته، والتي تجاوزت حدود التحليل الفني إلى إهانة مكونات الكرة المصرية وخلق انقسام غير مبرر.

• الغريبة الأولى: "ماعنديش محترفين غير اثنين وربع"

هذه العبارة وحدها كفيلة بأن تكون إعلان إفلاس فني وإداري، وهي تطرح أسئلة وجودية على كل المنظومة:

1- هل الدوري المصري "دوري هواة"؟ إذا كان لاعبوا المنتخب، وهم نجوم الدورى وأفضل ما يملكه البلد، "هواة" في عين مدربهم، فما هي صفة الدوري بأكمله؟ هذا الاستخفاف لا يمس اللاعبين فحسب، بل يمس الأندية التي توقع معهم عقوداً بملايين الجنيهات، والرعاة، والجمهور الذي يدفع من وقته وماله لمشاهدة هذه "الهواية".

2- ما هي عقود اللاعبين؟ إذا كانت عقود اللاعبين في الأندية المصرية تحددها قوانين الاتحاد المصري والفيفا كعقود "محترفين"، فكيف لمدير فني للمنتخب الأول أن يصفهم بالهواة؟ هذا التناقض يكشف عن عدم دراية باللوائح والأنظمة، أو عن محاولة يائسة لتحميل اللاعبين وزر فشل التخطيط والتكتيك.

**الحقيقة المرة هي أن الدوري المصري ( دوري محترفين ) بمعايير التعاقدات المالية، لكنه قد يعاني من مشاكل في الاحتراف الإداري والفني والبدني. دور المدير الفني هو سد هذه الفجوات ورفع مستوى اللاعبين، لا استخدام نقصهم كذريعة دائمة.

• الغريبة الثانية: "المنتقد لا يحب مصر".. لغة التلاعب العاطفي

عندما يعجز المدرب عن الرد بالنقاش الفني الموضوعي، يلجأ إلى ورقة التلاعب العاطفي. اتهام المنتقدين بعدم حب مصر هو خطاب شعبوي يهدف إلى كبح حرية النقد البناء وتصوير أي رأي مخالف على أنه خيانة. هذا الأسلوب لا يليق بمنصب مدرب منتخب مصر، وهو يذكرنا بالخطب السياسية وليس بخطاب رياضي قائم على الجدارة والنتائج.

الكرة المصرية مرت بعمالقة حقيقيين مثل الكابتن حسن شحاتة الذي قاد الفراعنة لثلاث بطولات أمم أفريقية بمستوى ثابت وروح قتالية عالية، وبراتب كان متواضعاً مقارنة بما يُدفع اليوم. لم نسمع منه يوماً التصريحات، بل كان دائماً يتحمل المسؤولية ويدافع عن لاعبيه ويبني منهم فريقاً متماسكاً. والكابتن شحتة الاسماعيلى والكابتن الكبير محمود الجوهرى .. والكابتن محمد الجندى وغيرهم من المدربين .

• الغريبة الثالثة: مقارنة الرواتب مع المدير الأوليمبي ومزاعم "التضحية"

الحديث عن مقارنة راتبه براتب المدير الفني للمنتخب الأوليمبي، ميكالى ، هو حديث في غير محله ويظهر تركيزاً على الأمور المادية الشخصية في لحظة يفترض أن يكون الحديث فيها عن المصلحة العامة للفريق.

كما أن التلميح بأنه قبل المهمة "من أجل شعب مصر" ووافق على راتبه الحالي "حتى لا يكلف الموازنة" هو محاولة لرسم صورة "البطل المضحي"، بينما الواقع يقول إن راتبه هو من بين الأعلى في تاريخ مدربي المنتخب المصري، وأن أي مدرب في العالم يحصل على راتب يتناسب مع سوق المدربين وليس كعمل تضحية.

** تصريحات حسام حسن الأخيرة لم تكن مجرد زلة لسان، بل كانت مرآة عكست أزمة أعمق في المنظومة الكروية المصرية:

- أزمة اختيار: هل يتم اختيار مدير المنتخب على أساس الكفاءة الفنية والقدرة الإدارية والقدرة على تحمل الضغط، أم على أساس الأسماء والرغبات الشخصية والعلاقات؟

- أزمة مساءلة: لماذا يبقى المدرب في منصبه رغم النتائج المتواضعة والتصريحات المسيئة؟

- أزمة رؤية: ما هي الخطة طويلة المدى لتطوير الكرة المصرية من القاعدة إلى القمة، بدلاً من الاكتفاء بتجديد الثقة في نفس الأساليب والأشخاص؟

** المنتخب الوطني هو "سفارة البلاد الرياضية"، ومديره هو سفيرها. والسفير الحقيقي لا يهين مؤسسته ولا يلقي باللوم على جنوده، بل يبحث عن حلول ويوحد الصفوف.

** آن الأوان لأن تراجع المنظومة الكروية اختياراتها، وأن يراجع الكابتن حسام حسام تصريحاته وأسلوبه في القيادة، وأن يركز الجميع على المصلحة العامة للكرة المصرية، لأن اسم "مصر" أكبر من أي شخص، وأكبر من أن يكون رهينة لتبريرات فردية تزيد الوضع سوءاً.

محمد الشافعى تصريحات حسام حسن... بين تبرير الفشل وإهانة الكرة المصرية الجارديان المصرية