الجمعة 29 مارس 2024 11:33 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( فن الرد عند الإساءة )

خالد درة
خالد درة

ونحن على أعتاب شهر الكرم والخير والعبادة والتقرب إلى الله أكثر وأكثر فى عمل الخير والبعد عن كل شر وكل إثم شهر رمضان المبارك فى أعماله وفى رزقه وفى خيراته ، علينا أن نتذكر أن الصائم إن أحسن صومه وصل فى درجاته إلى درجة ومرتبة الملائكة فى طهرها وطاعتها وعفتها وشفافيتها ، فإذا سبك أحدُ أو أساء إليك فيكفى أن تترك له المكان وتقول له إنى صائم ولا ترد عليه ، لأنك فى وضع الصيام أنت تعلوا على منزلة البشر وتصل لتكون فى صفاف وصفات الملائكة ، وهناك أسلوب ومنهج نبوي للرد عمن أساء إلى النبي أو أساء إليك... هذا الأسلوب وهذا المنهج يغنيك عن كل النصائح أو الدورات فى فن الرد المستنسخة من ديانات غير ديننا و مجتمعات غير مجتمعاتنا ...
هذا الأسلوب وهذا المنهج هو أن الملائكة يرُدُّون بدلاً منك وينوبون عنك فى هذا الأمر وقت الإساءة إليك ، وعلى الرغم من تأكيد القرآن على حقيقة أن إهانات قريش للنبي صلى الله عليه وسلم قد عصرت قلبه ألماً وضاق صدره حزناً ، إلّا أنه لم ينزلق ليبادلهم بمثل ما أهانوه به أبداً . وعلى العكس من ذلك ، فقد إتخذ النبي الطريق الأسمى بعدم الرد على الإطلاق ، راجياً أن يخترق ذلك في يومٍ من الأيام أغشية قلوبهم القاسية ، مصداقاً لأمر الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ إدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت ].
وفى موقف شهير حدث مع أبى بكر وأحد الأشخاص عندما فاض بأبي بكرٍ الكيل من فرط سوء الأخلاق وسوء التربية من شخص قام بسبّه ، إلّا أنه قام ورد على هذا الشخص سبّته فى وجود رسول الله ، فغضب النبيُّ وقام من جلوسه رافضاً الموقف . ثم بعد ذلك قال موضحاً : "أنَّ الْمَلَكَ كَانَ يَرُدُّ عَنْكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ ذَهَبَ الْمَلَكُ ، وَوَقَعَ الشَّيْطَانُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْلِسَ فى مكان فيه شيطان "
ماذا تعلمنا هنا ،
علمنا هنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما ننزل إلى مستوى شخص أهاننا ، فإننا نسمح للشيطان أن يقود دفَّتنا . وأن إحدى مبادئ التزكية الإسلامية هى ألا نسمح للشيطان بتخطف مشاعرنا وتصرفاتنا للنقطة التي تكون فيها قراراتنا موجهةٌ على غير مراد الوحى .
وفي مواجهة ذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم طرقاً متنوعةً مثل :
1- الاستعاذة بالله من الشيطان ،
2- تغيير وضعية البدن ليكون أقل حدة ،
3- أو أن نتوضأ...إلخ.
فنستعين بذلك على إبقاء رباطة جأشنا عند الغضب . فنحن نميل أثناء الغضب إلى الرد بشكلٍ متكبرٍ ، شيطانيٍّ لا لشئٍ إلا إرضاءاً لغرورنا وإنتصاراً لأنفسنا. وليس كل غضبٍ مذمومٍ وغير محمود ، فالغضب الذي له محلٌ مشروعٌ أمرٌ لا مَرد له ، ولكن يُكتَم إذا كان المرء منا قد أُغلق عليه .
ولهذا إنتصر النبي صلى الله عليه وسلم على أي محاولةٍ من أعدائه لإستفزاز مكامن الكذب والبذاءة أو أي أمرٍ لا يليق بشخصه النبيل...
صلوا عليه وسلموا تسليما ..