الخميس 28 مارس 2024 07:53 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مساجد وكنائس

النص الكامل للعظة الأسبوعية لقداسة البابا تواضروس الثاني

البابا تواضروس الثانى
البابا تواضروس الثانى

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل عينا نعمته ورحمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين.
من انجيل معلمنا ماريوحنا البشير الاصحاح الرابع:
"و لكن من يشرب من الماء الذي اعطيه أنا فلن يعطش إلى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة ابدية، قالت له المراة يا سيد اعطني هذا الماء لكي لا اعطش و لا اتي إلى هنا لاستقي، قال لها يسوع اذهبي و ادعي زوجك و تعالي إلى ههنا، اجابت المراة و قالت ليس لي زوج قال لها يسوع حسنا قلت ليس لي زوج، لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الآن ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق"
كما تحدثنا في الأسابيع الماضية وأهمية ربط أسبوع الصوم مع أحد أسفار الأنبياء الصغار تحدثنا عن سفر حبقوق وسفر زكريا، اليوم في أحد السامرية سوف أكلمكم عن سفر حجي النبي ونحاول أن نربط بين الأحداث الموجودة في أسفار الأنبياء في العهد القديم ونربطها بأسبوع الصوم.
مقدمة سفر حجي:
سفر صغير يتكون من أصحاحين وهو ثاني أصغر سفر في العهد القديم بعد سفر عوبديا، كلمة حجي معناها (عيدي) أو فرح وعلى الأغلب أنه ولد في أحد الأعياد، يتحدث في هذا السفر عن بناء الهيكل الجديد وهذا السفر به آيات جميلة ونحفظ بعضها " ازلزل كل الامم و يأتي مشتهى كل الامم فاملا هذا البيت مجدا قال رب الجنود" "مجد هذا البيت الاخير يكون أعظم من مجد الاول قال رب الجنود و في هذا المكان اعطي السلام يقول رب الجنود"، والمقصود بالأول والأخير يقصد بها العهد القديم والجديد، وفي الاصحاح الأول يقول "أنا معكم يقول الرب" وهى آية قصيرة يمكن أن نحفظها ونضعها أمامنا، ومن العبارات التي تتكرر كثيرًا "اجعلوا قلبكم على طرقكم" مارس حياتك بقلبك واحساسك وليس شكليًا.
الربط بين سفر حجي وأنجيل المرأة السامرية:
نحن لا نعلم اسم هذه المرأة لكن من باب الستر نسبها الله لبلدها السامرة، وحدث هذا الموقف الساعة 12 ظهرًا وهى ساعة الصليب، وقصة المرأة السامرية مذكورة في أنجيل يوحنا فقط.
1- الخجل:
كانت النساء هم من يأتوا بالمياة وكان يتم هذا في الفجر، "كانت هناك بئر يعقوب فاذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر و كان نحو الساعة السادسة، فجاءت امراة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع اعطيني لاشرب" السيد المسيح يمنح فرصة ليبدأ الخاطي في التقدم نحو التوبة، جائت الساعة السادسة في عز الشمس حتى لا أحد يراها، في حجي "من الباقي فيكم الذي راى هذا البيت في مجده الاول و كيف تنظرونه الآن اما هو في اعينكم كلا شيء" حجي يشير إلى الهيكل البسيط الذي ينظره الناس كأنه لا شيء وهى تنظر إلى نفسها كأنها لا شيء، وحجي يتكلم ويعطي وعد أن الله سوف يقيمه وسيحل فيه بمجده مثل المرأة السامرية كانت مرأة منهدمة النفس بلا قيمة، ولكن المسيح سوف يصنع منها هيكلًا جديدًا، لذلك أول خطوة نحو المسيح كانت الخجل.
2- الاحتياج:
"اجاب يسوع و قال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا و لكن من يشرب من الماء الذي اعطيه أنا فلن يعطش إلى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة ابدية، قالت له المراة يا سيد اعطني هذا الماء لكي لا اعطش و لا اتي إلى هنا لاستقي " السيد المسيح كان يعرف كيف يدخل إلى هذه المرأة وكيف يدفعها خطوة بخطوة إلى التوبة، بدأت ترتفع في نظرتها إلى السيد المسيح، وهنا السيد المسيح دخل إليها من مدخل الاحتياج وبدأ يقوم بنوع من التشويق عن طبيعة الحياة الجديدة، في سفر حجي "زرعتم كثيرا و دخلتم قليلا تاكلون و ليس إلى الشبع تشربون و لا تروون تكتسون و لا تدفاون و الاخذ اجرة ياخذ اجرة لكيس منقوب" الخطية تنزع عن الإنسان كل المشاعر الإيجابية وتجعل الإنسان بعيد، الإنسان يجب أن يشعر بالاحتياج إلى الله مثل ما فعل الابن الضال وشعر بالاحتياج لبيت أبيه، بدأ السيد المسيح بالحديث معها عن الماء (حياة الإنسان) وعن ماء الحياة الذي يشرب منه لا يعطش، تحدث معها عن التجديد في حياتها عن ماء الذي يشبعها ويرويها.
3- الاعتراف:
بدأ يدفعها الدفع الرقيق إلى الاعتراف وهذا درس هام لأباء الأعتراف، قال لها يسوع اذهبي و ادعي زوجك و تعالي إلى ههنا،أجابت المرأة و قالت ليس لي زوج " وهو يريد أن يدفعها للتوبة ولكن توجد خطوة قبلها وهى محاسبة النفس ليكتشف الإنسان خطيته ويحاسب نفسه، في سفر حجي "فأجاب حجي و قال هكذا هذا الشعب و هكذا هذه الامة قدامي يقول الرب و هكذا كل عمل أيديهم و ما يقربونه هناك هو نجس،و الآن فاجعلوا قلبكم من هذا اليوم فراجعا قبل وضع حجر على حجر في هيكل الرب" الخطية تنجس الإنسان أمام الله وهى كانت تعيش في الخطية والمسيح بسابق معرفته كان يعرف حالها ولكن عندما "قالت ليس لي زوج" السيد المسيح أخذ هذه الأجابة القصيرة جدًا واعتبرها بداية محاسبة النفس وبدأت خطوة التوبة في سفر حجي يقول "فاجعلوا قلبكم من هذا اليوم فراجعا" ابدأ بداية جديدة وحاسب نفسك وابدأ بقلب جديد.
4- القبول:
"قال لها يسوع حسنا قلت ليس لي زوج، لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الآن ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق"هذا هو التشجيع والقبول، في سفر حجي "تشدد يا زربابل يقول الرب و تشدد يا يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم و تشددوا يا جميع شعب الأرض يقول الرب و اعملوا فاني معكم يقول رب الجنود" وهنا التشديد والتشجيع وهذا ما يقدمه الله للإنسان عندما يلمس توبته الحقيقية، لم يخطر على بال الابن الضال أن يأخذه ابوه في حضنه، الإنسان الخاطي يحتاج دائمًا إلى التشجيع ويجب على أباء الأعتراف والمرشدين الروحين يجب أن يشجعوا أولادهم أن يقدموا التوبة، قال لها السيد المسيح "هذا قلت بالصدق" وهذا الكلمة كانت أكبر كلمة تشجيع لهذه المرأة وسبب النقلة التي حدثت في حياتها في حجي "تشدد يا زربابل يقول الرب و تشدد يا يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم و تشددوا يا جميع شعب الأرض يقول الرب و اعملوا فاني معكم يقول رب الجنود" حتى لو أعمالكم ضعيفة واعترافكم مبتدأ ولكن أني معكم.
5- انفتاح ذهن الإنسان:
من مفاعيل الخطية الضارة أنها تغلق أبواب الفكر ويكون ذهنه مظلم، المرأة السامرية بدأ ينفتح ذهنها وازال السيد المسيح عنها ثقل الشر التي كانت تعيش فيه ومدحها وتكون النتيجة أن ينفتح ذهنها،" قالت له المراة يا سيد ارى انك نبي، اباؤنا سجدوا في هذا الجبل و انتم تقولون ان في أورشليم الموضع الذي ينبغي ان يسجد فيه،قال لها يسوع يا امراة صدقيني انه تأتي ساعة لا في هذا الجبل و لا في أورشليم تسجدون للاب، انتم تسجدون لما لستم تعلمون اما نحن فنسجد لما نعلم لان الخلاص هو من اليهود، و لكن تأتي ساعة و هي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح و الحق لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له، الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا" كان حوار المرأة محدود وقصير في موضوع المياة ولكن عندما بدأت بالاعتراف ووجدت مديح وقبول وتشجيع نقلت إلى حال أخر وأصبح ذهنها مفتوح وتريد أن تتعلم وترتوي، في سفر حجي " حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر و روحي قائم في وسطكم لا تخافوا، مجد هذا البيت الاخير يكون أعظم من مجد الاول قال رب الجنود و في هذا المكان اعطي السلام يقول رب الجنود " أصبح العهد الجديد يملكه ملك السلام، الخطية تنزع السلام من الإنسان وتجعله مضطرب ولكن عندما يعترف الإنسان ويتجه بخطوات التوبة النقية وانفتاح الذهن ينال هذا السلام ويشعر بسلام في قلبه، أراد السيد المسيح أن يرفع ذهنها من الأرضيات إلى فكر أعلى فقال لها الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا لذلك المسيحية لا تعرف الجغرافيا الارتباط بالأرض، الله روح ونحن عندما نسجد له نسجد بالروح والحق وأنت في أي مكان تسجد له هى عبادة تقدمها له، تغير فكر المرأة السامرية ودخلت في دائرة الروحيات وهذا هو المكسب الأول في التوبة وهو انفتاح الذهن، وفي سفر حجي "مجد هذا البيت الاخير يكون أعظم من مجد الاول قال رب الجنود و في هذا المكان اعطي السلام" في ميلاد السيد المسيح يصير الله معنا (عمانوئيل) وهذا هو مجد البيت الجديد يصير في قلوبنا وفي كنائسنا، انتقلت السامرية نقلة كبيرة جدًا ودخلت في دائرة الإيمان.
6- الإيمان: "قالت له المراة أنا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح يأتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء، قال لها يسوع أنا الذي اكلمك هو" بدأت بالخجل ووصلنا إلى الإيمان بالمسيح، في سفر حجي"ازلزل كل الامم و يأتي مشتهى كل الامم فاملا هذا البيت مجدا قال رب الجنود" وصلت وانفتح قلبها على شخص المسيح، بدأنا:
• برجل وامرأة
• يهودي وسامرية
• سيد
• نبي
• مسيا
• المسيح
تطور جميل في حوار المرأة السامرية، المسيح يتحاور مع امرأة (خاطئه) ويحولها إلى كارزة ويتواصل معها ويخلص بسببها مدينة كاملة هى السامرة.
7- الكرازة:
تتحدث باسم السيد المسيح تركت كل عالمها القديم ودخلت في عالم الاستنارة والإيمان بشخص السيد المسيح "فتركت المراة جرتها و مضت إلى المدينة و قالت للناس،هلموا انظروا انسانا قال لي كل ما فعلت العل هذا هو المسيح " لم تحبس فرحتها في داخلها وارادت أن تصل لكل الناس، الاكتشاف العظيم بشخص المسيح وبدئت المرأة تحرك قلوب بلد كاملة، في سفر حجي "فاجعلوا قلبكم من هذا اليوم فصاعدا من اليوم الرابع و العشرين من الشهر التاسع من اليوم الذي فيه تاسس هيكل الرب اجعلوا قلبكم" وهذه هى الفرحة الجديدة، " فاجعلوا قلبكم" أصبح لكم اتجاة جديد، الخادم يتلامس مع شخص المسيح ويريد أن ينقل هذا الفرح إلى كل أحد، الخدمة هى تقديم ونقل الفرح الذي عشته بداخل قلبك وتريد أن توصله لكل أحد وكلمة أنجيل معناها الخبر السار، وأستقبل أهل السامرة السيد المسيح وظل معهم يومين "فامن به أكثر جدا بسبب كلامه،و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم" ارجوك تلامس مع هذه النهاية السعيدة مع مدينة كاملة والسبب امرأة سارت خادمة و قامت بتوصيل اسم السيد المسيح لبلدها السامرة، وأهل السامرة هم أول ناس في العالم أطلقوا على السيد المسيح مخلص العالم، لذلك لا تستهين بكرازة أي إنسان ولا تستهين بتوبة أي إنسان أو إيمانه أو جنسه ولكن أعلم أن الله يستطيع أن يعمل وأن يخرج من الأكل أكلن ومن الجافي حلاوة وتصير هذه المرأة قديسة وتقدم لنا نموذج رائع للإنسان التائب، الابن الضال اخطأ مرة واحدة ثم تاب والمرأة السامرية اخطأت أكثر من مرة وتابت وصارت قامتها الروحية قامة خادمة وكارزة وتقدم اسم المسيح لكل أحد وبسببها أمنت مدينتها كلها" لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم".
هذا هو سفر حجي وهو سفر صغير وتري تشجيع الله وتتأمل في عبارة " اجعلوا قلبكم على طرقكم" أجعل حياتك الروحية بقلبك وليست شكلية نحن نصوم عن الطعام ولكن أفعل كل شيء بقلبك لذلك تقرأ كنيستنا معنا في حد الرفاع "فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ" (مت6: 6) أدخل إلى قلبك وأغلق فمك هذا هو التوجيه العام لممارساتك في فترة الصوم وهذه هى فائدة الصوم ونجدها في سفر حجي " اجعلوا قلبكم على طرقكم"وهذا يدفعنا للتركيز بفكرنا وقلبنا في طريق الله، يعطينا الله بركة هذه المرأة السامرية، لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.