الخميس 28 مارس 2024 07:44 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ... ( رمضان بين الأمس واليوم ..! )

خالد درة
خالد درة

مالذي تغير ..
بين رمضان الأمس و رمضان اليوم ...
أنا أرى الفرقَ كبير جداً ...
حيث كانَ الناس يستقبلون شهر رمضان بالتهليل والترحيبِ.. ، وترى السعادةُ بادية على وجوههِم بقدومِ هذا الشهر الكريم..
كانَ بعضُهُم يهنئُ بعضاً.. وكان كلُّ جار ِ يَذهَبُ الى جارهِ ليهنئه بقدومِ رمضان..
كانت كلُ البيوت مُفَتَّحَة الأبوابِ وكان الأطفال يلعبون في الأحياء والأزقة والحواري ، وتجد الأرياف فرحين بقدومه .. وتستقبل العائلات هذا الشهر الكريم بتحضير كل المستلزمات من توابل وبهارات والتمور وكل أنواع العصائر .. وعند قدومه تبدأ النساء بتَحضير الفُطور ، و كانت روائح الطعام اللذيذة تَهُبُ مع نَسماتِ رمضان لتملأ‌ المكان بكامِلهِ.. وكانت الأطباقُ تَذهَبُ وتَجئُ بشكل دائم بينَ الجيران .. كلٌّ يُرسِل إلى جارهِ بعضاً مِما أعَدَّه من طعام ..
كانَ الفقراء والمساكين يُعَدُّونَ على الأصابع .. ِ ولكنْ رُغْمَ ذلك كانَ الخيرُ يُغَطيِهِم بعطايا الناس الطيبين ...

وبعدَ الفُطور كانت العائلة تجلس جميعاً أمام التليفزيون ليشاهدوا المسلسلات والبرامج أو يتسامرون بشتى أنواع القصص والألعاب البسيطة ثم ينامون .. ويستيقظون مع السحورِ إستعداداً لليوم التالي من رمضان والسعادة بادية على محياهم ...

أما الآن فكل شيء قد تغّير.. فلم يَعُد للطعامِ تلك الرائحةُ اللذيذة ، ولم يَعُد للمحبة و الطيبةِ مكان في قلوبِ الناس .. لا الجار أصبحَ يَذكُرُ جارَهُ و لو بشق تَمرة ، كأن جُدران مشيدة بينهم .. ولم يعد الأخُ يذكُر أخاه ..من كثرة البعد و الجفاء..
و نرى أن ما يُرمى من طعام في الزبالة والنفايات .. قد يسد رَمق الفقراء والمساكين ، ومع ذلك نتفاخر برميه ونتحدث عنه أمام الناس ..
و أصبحَ ليل رَمضانَ سَهَرات على المقاهي ... أو على شاشاتِ الموبايلات أو التابلات .. فكل فرد من العائلة في واد .. يَحمِلُ جِهازَه بيَدِه ، لا كتابه بيده .. ولا مجال لتَبادل ضَحِكات ولا تَبادُل أحاديث ونِقاشات بينَ أفرادِ الأسرة .. إلى آذان الفجر .. ويَنامون النهارَ كُلَّه.. ويستيقظون قبل آذان المغرب بقليل ..
الأيام نفسها.. ورمضان الخير نفسه لم يَتَغير ... ولكنَّ الناس قد تغيرت و تَغيرت معها النفوس والسلوك .. إلاّ القلة القليلة ..
ويمر الشهر وينتهى وينقضى مثله مثل باقى الشهور ، وليس شهراً فضّله الله وكرّمه على باقى الشهور ، وأن فيه ليلة واحدة تساوى ألف شهر .. ولكن الناس فى غفوة وسبات عظيم ... أسالُ اللهَ لي ولكُم العَفوَ والعافية.. وأسالُه دوامَ البقاء للقلوبِ الطيبة النقية العامرة بالايمان .. التي تُحِبُ الخيرَ لِغَيرِها كما تُحِبُهُ لِنَفسِها..