دكتور علاء الحمزاوى يكتب : من عناية الإسلام بالطفولة
ــ الطفولة أهم مرحلة فى حياة الإنسان؛ فهي مرحلة البناء والتكوين والتشكيل؛ فالعُـود إذا استقام غَـضًّا طــريًّـا يظل مستقيما دائما، وإذا اعوجّ عند تكوينه يظل مائلاً، كذلك الطفل إذا نشأ مستقيما صلح وصلح المجتمع به، وإذا نشأ معوجًّا فسد وفسد المجتمع به؛ لذا اهتمت المنظمات الدولية بحقوق الطفل الأساسية، كحـقه في الحياة الكريمة والرعاية الصحية والمساواة وعدم التمييز وحمايته وحريته واحترامه وتربيته وتعليمه في مراحله الأولى ما يجعله شخصا مفيدا في المجتمع، واتخذت الأمم المتحدة 20 نوفمبر يوما عالميا للطفل.
ــ وهنا نجد سبقا للإسلام في ترسيخ حقوق الطفل وإلزام الإسرة والمجتمع والدولة بتنفيذها، وتبدأ حقوقه من قبل ولادته باختيار أمـه للزواج منها، ففي الحديث «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ»، أي تخيَّروا من النساء ذوات الدين والصلاح والنسب الشريف؛ فلا تضعوا نطفكم إلا في أصل طاهر، والأكفاء جمع كُفْء: مِثْـل، والمعنى: تزوجوا من أمثالكم دينا ونسبا، واعتنى الإسلام بالطفل جنينا؛ فأباح الفطر للمرأة الحامل إذا كان في صيامها ضرر عليها أو على الجنين، ففي الحديث «إنَّ اللَّهَ وضعَ عنِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِع والمسافِــرِ الصِّيَامَ»، ونهى الإسلام عن قتل الطفل جنينا ومولودا؛ قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}، {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}، فالنهي هنا يشمل قتل الولد جنينا وطفلا؛ والدليل أن النبي أخَّـر إقامة الحدِّ على المرأةِ الغامدية رعايةً للجنين الذي حملت به من سفاح حتى تلد طفلها، ومنع الإسلام قتل الطفل في الحرب؛ ففي الحديث «اغْزُوا وَلا تَغُلُّوا وَلا تَغْدِرُوا وَلا تَمْثُلُوا وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»؛ لأن قتل الأطفال في الحرب من الاعتداء المنهي عنه قول الله: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ}.
ــ ومن عناية الإسلام بالطفل حسن اختيار اسمه؛ ففي الحديث «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، ومن العناية بالطفل العقيقة عنه وقصُّ شعره والتصدُّق بوزنه فِضة أو ذَهَبا، ففي الحديث «عَــقَّ رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الحَسَنِ بِكبشين، وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً، فَوَزَنَتْهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ»، فصارت العقيقة سُنة مؤكدة، وهي عن الولد شاتان وعن البنت شاة؛ ففي الحديث عن عائشة أن «رسولَ اللهِ أمَرَهم أن يُعَقَّ عن الغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وعن الْجَارِيَةِ شَاةٌ».
ــ ومن العناية بالطفل الرضاعة الطبيعية؛ فلبن الأم أفضل غــذاء صحي متكامل، يحوي كل العناصر الغذائية التي تلزم المولود، وتساعده على النمو الطبيعي؛ لذا رخَّص الإسلام للمرأة المرضعة الفطر في رمضان إذا كان الصيام يضر بها أو بالرضيع، ورغَّب الإسلام في إتمام مدة الرضاعة سنتين حفاظا على صحة الطفل؛ قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، فهذا إخبار يحمل معنى الأمر، ولا يختلف لبن الأم عن لبن امرأة أخرى، فقد رضع النبي من ثلاث نسوة أو أكثر؛ لأن شريفات العرب لم يكُـنَّ يُرضِعن أولادهن، ويرسلنهم إلى البادية للرضاعة.
ــ ومن العناية بالطفل إشعاره بالحنان والرحمة والإشفاق عليه؛ فكان النبي ينوي الإطالة في الصلاة فإذا سمع بكاء طفل تخفف فيها إشفاقا عليه؛ ففي الحديث «إنِّي لأدخلُ في الصلاةِ أريدُ أن أطيلَها فأسمعُ بكاءَ الصبيِّ فأتجوزُ في صلاتي خشيةَ أن تُفتنَ أمُّهُ» أي تنشغل به عن الصلاة إشفاقا عليه، و«كان رسولُ اللهِ يُقبِّلُ الحَسَنَ والحُسَيْن، فقال الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: إنَّ لي عَشَرةً مِن الوَلَدِ ما قبَّلتُ منهم أحَدًا، فقال رسولُ اللهِ: مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ»، وهذا يعني أن رحمة الله للعبد موقوفة على رحمته بالأطفال، فهم يحتاجون إلى الرحمة، وهم أيضا رحمة وأمان لنا من عذاب الدنيا؛ فقال النبي: «لولا أطفالٌ رُضَّع وشيوخٌ رُكَّع وبهائمُ رُتَّع لصُبَّ عليكم العذابُ صبًّا».
ــ من عناية الإسلام بالطفل أن غرس فيه الإيمان والقيم الأخلاقية، فكان من وصايا القرآن على لسان لُقْمَانَ لابنه {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}، وتصعّر: تُعْرِض بوجهك عن الناس تكبراً وتعاليا، ومرحا: فرحا، واقصد: اعتدل، واغضض: اخفض، ومن وصايا النبي لابن عباس «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ»، وفي الحديث «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ»، ومن ثـم ينشأ الطفل متَّزنا محبوبا خلوقا مطمئن النفس.
ــ من العناية بالطفل تربيته ومداعبته وتعليمه الرياضة، وهذا واجب على الأبوين أولا، ففي الحديث «كُلّكُم رَاعٍ، وكُلّكُم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيّتِهِ»، و«سئل النبي: ما حق الولد على والده؟ قال: أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وأَنْ يُحْسِنَ أَدَبَهُ»، وكان رسول الله يلاعب الأطفال ويمازِحهم ليدخل السرور في قلوبهم، يقول جابر: «دخلت على النبي وهو حامل الحسن والحسين على ظهره يمشي بهما، فقلت: نعم الجمل جملكما! فقال رسول الله: ونعم الراكبان هما!»، وعن عمر «علُّموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل»، فلو انتهج العالم كله النهج الإسلامي في العناية بالأطفال لانتفت الجرائم أو قلَّتْ بمختلف أشكالها، فما أعظم هذا الدين!












ضبط 11 كيلو ونصف كيلو حشيش مصنع بمطار القاهرة
اليوم.. نظر طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها 15 عامًا بتهمة...
محامي سارة خليفة أمام هيئة المحكمة: شاهد الإثبات لم يتعرف على موكلتي...
البحث عن ضحايا عقار إمبابة المنهار..
أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة
سعر الدولار اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 مقابل الجنيه المصري
أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الأربعاء
أسعار الذهب اليوم في مصر..