الخميس 25 أبريل 2024 10:43 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ... ( من الأذكى .. ومن الغبى الحقيقى ... !؟ )

خالد درة
خالد درة

فى يومٍ ما .. بينما أنا وزوجتي ونحن نجلس أمام الشاشة فى البيت ، وكنا نشاهد المغفور له بإذن ربه المطرب الشعبى( شعبان عبد الرحيم ) في حلقة من برنامج ( من سيربح المليون ).. وكان المذيع چورچ قرداحي يسأله أسئلة تافهة لكن المطرب الشعبي لا يجيب عن شيء منها على الرغم من سهولتها ، وأستمر على ذلك إلى أن بدأ المذيع يُلمّح له بالأجوبة الصحيحة حتى يسمح له بالفوز بالمليون جنيه ..

كل هذا مع ضحكات المشاهدين لن تتوقف وإسطوانات وقفشات وحركات( شعبان )المعروفة عن ثيابه التي يشتريها من وكالة البلح كما قال وأعلن ، وأيضاً رغبته في العودة إلى مهنته الأصلية ( المكوة ) لأن الطرب لم يعد كما كان ..إلخ ..

وفي النهاية إستطاع أن يحصل شعبان عبد الرحيم.. على مائة وخمسين ألفًا من الجنيهات في بضع دقائق..

حينها قالت زوجتي إن هذا الرجل محدود الذكاء بشكل غير مسبوق وكان بإمكانه أن يستمر فى المسابقة إلى النهاية بدلاً من إنسحابه وإكتفائه بهذا المبلغ الصغير ، ربما يكسب المليون .. لكنى أنا رأيت أنه كان مختلفاً وكان ذكىاً ..
فقد تمكن من خداع المشاهدون والمذيع الوسيم الذى يتمتع بالذكاء والدهاء وحسن الحوار والأداء وسخر منهم بمنتهى الخُبث وخرج بملغ مثل هذا دون عناء وبدون تجارة قام بها ..

وأقنعنا أنفسنا أننا خرجنا بإحساس زائف بالتفوق والذكاء ، وهو بدهاء ومكر خرج بمائة وخمسين ألف جنيه ...
فمن الأذكى إذاً ؟.. ومن الغبي الحقيقي هنا ؟!!

تماماً هذا الأمر وهذا الموقف كله يذكرني بقصة المتسول الذي كان يقدم عروض بهلوانية وكان السياح يعرضون عليه أن يختار بين عشرة دولارات ، وبين ربع جنيه ، فكان يختار الربع في كل مرة .. إلى أن عاتبه أحدهم على غبائه الشديد .. كيف تختار يا أحمق ربع جنيه وتترك عشرة دولارات ؟..

وكانت المفاجأة فى إجابة المتسول المفحمة الذكية هي : أننى لو إخترت عشرة الدولارات لتوقف السياح عن المجيء لرؤية بلاهتي ، ولقطعت مصدر رزقي بعد اليوم !!!...

وهناك قصة مماثلة تماماً لهذه القصص دعونى أسردها لكم ... وهى عن التجار المصريين أيام الحملة الفرنسية على مصر ، وكيف كانوا يرفضون العملات الذهبية فى معاملاتهم التجارية معهم ، لكنهم كانوا يقبلون أزرار بِدل وچواكت الجنود الفرنسيين النحاسية ثمناً لما يبيعونه لهم ...
وقد إستغل وتسلى الفرنسيون بهؤلاء الحمقى كثيراً ظناً منهم أنهم يخدعونهم ويأخذون البضاعة منهم مجاناً ...

ثم إتضح فيما بعد أن المصريين لم يريدوا الإحتفاظ بعملات ذهبية فرنسية لأن الفرنسيين سيرحلون حتماً ، ولسوف تعود جيوش مراد بك لتعدم من تجد معه هذه العملات بتهمة الخيانة... بينما الأزرار النحاسية تعني أن المصري قتل جندياً فرنسياً أو سرقه ..

دعك أنت من أن سعرها سيرتفع مع مرور الوقت كونها ستكون أثر و رمز تاريخى وصورة وذكرى من صور الإحتلال !

لكن حقاً الذكي الحقيقي فى هذه المواقف والنماذج هو من يخرج من المعركة منتصراً ولو بغباء..

والغبي فقط هو من يصنع لنفسه أعذار الهزيمة فى صورة إنتصار .