الجمعة 26 أبريل 2024 08:53 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حمادة إمام يكتب : في الذكرى ال50 لانقلاب 15 مايو 1971

الكاتب الصحفى حمادة إمام
الكاتب الصحفى حمادة إمام

"الليثى ناصف ..الرجل الذى مكن السادات من حكم مصر ثم قتل في ظروف غامضة "
فى مارس 1971 وضع السادات خطة للتخلص من رجال عبد الناصر. والخطة شارك فيها محمد حسنين هيكل ونفذها الفريق الليثي ناصف.
واختار شهر مارس لتنفيذ مخططه وكانت له دوافعه وأسبابه. حيث دخل السادات معركة لاستعراض القوى بينه وبين من أطلق عليهم مراكز القوى وأراد أن يرفض الصيغة التى طرحت عليه بأن يملك ولا يحكم.
فقد حدث أن أرسلوا إليه ومن خلال سامى شرف إنذارًا عند عودته من موسكو فى مارس 1971 طالبوه فيه بتعيين (شعراوى جمعة) رئيسًا للوزراء بدلا من الدكتور (محمود فوزي). واعتبر السادات أن مثل هذا التوجيه والإنذار بداية لصدام قادم معهم وأن التعجيل بالقضاء عليهم أفضل وسيلة لضمان بقائه فى الحكم بالإضافة إلى أن التخلص يعنى إنشاء شرعية جديدة شرعية يضمن بقاءها الأمريكان والسعودية. من الخارج ومن الداخل الإخوان المسلمين. وبدأ السادات أول خيوط المواجهة عندما قرر قبول مد العمل بمبادرة روجرز ووقف حرب الاستنزاف.
وبدأ التنفيذ عن طريق استدعاء ممدوح سالم من الإسكندرية وتأدية اليمين الدستورى أمام السادات ودار حوار صغير بينهم كان يتضمن تكليف ممدوح سالم بمهمة محددة هى ضمان عدم استخدام قوات الأمن المركزى والتحفظ على حجرة الشرائط بوزارة الداخلية بالإضافة إلى التحفظ على اللواء حسن طلعت مدير مباحث أمن الدولة.. هذا عن الجانب الأول فى نفس السياق كلف الليثى ناصف وتحركت فى ليل (14) مايو قوات الحرس الجمهورى وقامت بالقبض على كافة القيادات بمن فيهم سامى شرف.
اجتمع السادات قبل أيام من انقلاب 15مايو 71والذى سماه ثورة التصحيح مع قائد الحرس الجمهورى اللواء الليثى ناصف وطلب منه القسم على المصحف بالوقوف إلى جانب الشرعية التى يمثلها .. اللواء المنضبط اعطاه القسم بحمايته ضد أى انقلاب عليه

.......................................................................
في صباح الخميس 13 مايو 1971 توجه شعراوى جمعة نائب رئيس الوزراء للخدمات ووزير الداخلية إلى مكتبه فى وزارة الداخلية فى لاظوغلى كعادته كل يوم ودخل إليه مدير مكتبه المقدم فتحى بهنسى ليوقع منه بعض الرسائل العاجلة وليضع أمامه مثل كل صباح كشف مقابلاته. خلال ذلك اليوم علم أن الرئيس استدعى ممدوح سالم محافظ الإسكندرية ليلتقى به فى منزله ولم يُثِر هذا الموضوع شكًا فى نفس شعراوى فى بادئ الأمر ولكن غياب سامى شرف فى منزل الرئيس وبقاء ممدوح سالم عنده حتى ذلك الوقت جعلا الشك يتسرب إلى نفسه فتوجه من «الداخلية» إلى مكتب الفريق أول محمد فوزى فى الطابق العلوى فى مبنى وزارة الحربية بكوبرى القبة وانتظر الوزيران فى تلهف حضور سامى شرف إليهما كى يكشف لهما عن سر طلب الرئيس حضوره إلى منزله وسر استدعاء ممدوح سالم محافظ الإسكندرية وقبيل الخامسة مساءً انقلب شك شعراوى يقينًا فى سبب حضور ممدوح سالم فقد وصلتهم أنباء من منزل الرئيس من أحد أعوانهم هناك عن أن «ممدوح» ما زال موجودًا عند الرئيس وأن سكرتارية الرئيس اتصلت برئيس الوزراء الدكتور محمود فوزى للحضور وأن البحث جارٍ عن صورة من القَسَم الذى يحلفه الوزراء أمام رئيس الجمهورية وكذا عن أحد المصورين.. وعندئذ سارع شعراوى بالاتصال باللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة وطلب منه إعدام كل ما يحتفظ به فى مكتبه من أشرطة التسجيل وكذا الأوراق التى بها تفريغ المحادثات التليفونية المسجلة الخاصة بالأشخاص الموضوعة تليفوناتهم تحت المراقبة.

.........
وفى هذه الأثناء وصل سامى شرف ومن شدة انفعاله انهار باكيًا بمجرد دخوله إلى مكتب الفريق فوزى نتيجة لموقف رئيس الجمهورية الذى اعتبره غدرًا بهم وقال «سامى» للحاضرين إن الرئيس طلب منه إبلاغ شعراوى جمعة أنه قبل استقالته ولما سأله عن السبب أخبره أنه قد أهمل فى تبليغه عن محادثة تليفونية تم تسجيلها بواسطة جهاز المراقبة -التابع للمباحث العامة- دارت بين فريد عبدالكريم أمين الاتحاد الاشتراكى بالجيزة والصحفى المعروف محمود السعدنى وهو حديث يدل على وقائع فى منتهى الخطورة لأن بعضها يتعلق بالرئيس شخصيًا.
.......
وفى الثامنة والنصف مساءً أعلنت إذاعة القاهرة فى مقدمة نشرة الأخبار نبأ استقالة شعراوى جمعة نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وأن الرئيس قبل استقالته. وعلى إثر إذاعة الاستقالة بدأ يتوافد على منزل شعراوى جمعة كثير من زملائه الوزراء ومن أصدقائه ومعارفه وكان فى مقدمة الذين حضروا إليه الفريق محمد فوزى وسعد زايد وزير الإسكان وحلمى السعيد وزير الكهرباء ومحمد فايق وزير الإعلام الذين سرعان ما استقر رأيهم وتم اتفاقهم مع سامى شرف على تقديم استقالاتهم تضامنًا مع زميلهم وصديقهم (شعراوى).
وتوجه محمد فايق إلى مكتبه بمبنى الإذاعة والتليفزيون ليشرف بنفسه على إعلان أنباء الاستقالات فى نشرة أخبار الساعة الحادية عشرة مساءً من إذاعة القاهرة
.......
ولكن السادات تصرف إزاء الموقف الخطير الذى يواجهه تصرفًا سريعًا ففى أقل من نصف ساعة استدعى محمد عبدالسلام الزيات وزير الدولة لشئون مجلس الشعب وكان قد تعين فى هذا المنصب منذ أيام قليلة وطلب منه التوجه فورًا إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون وممارسة عمله هناك بصفته وزيرًا للإعلام وكانت فصيلة من الحرس الجمهورى بقيادة أحد الضباط قد أرسلها اللواء الليثى ناصف قائد الحرس الجمهورى إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون المطل على النيل حيث ضربت نطاقًا من حوله وتمركز أفرادها وراء أكياس الرمل الموضوعة حول المبنى.
رتب مستشارو السادات الاتهامات بطريقة تقود المتهمين الستة الأوائل من الوزراء إلى حبل المشنقة وهم: شعراوى جمعة سامى شرف محمد فائق (الإعلام) محمد سعد زايد (الإسكان) حلمى السعيد (الكهرباء) وعلى زين العابدين صالح (النقل)؛ فقد نسب إليهم ارتكاب جريمة الخيانة العظمى بأنهم اقترفوا جرائم تمس سلامة الدولة وأمنها الداخلى ونظام الحكم الجمهورى:
.........
أصدر السادات قرارًا بتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة معارضيه من: حافظ بدوى رئيس مجلس الشعب رئيسًا والمستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة الدستورية العليا وحسن التهامى مستشار رئيس الجمهورية. ومثل الادعاء الدكتور مصطفى أبوزيد فهمى المدعى العام الاشتراكى.
وقد استغرقت جلسات المحاكمة 33 يومًا. وأصدرت المحكمة أحكامها فى 9 ديسمبر 1971 ونفذت دون أن تذاع أو تنشر حيثياتها لا وقتها ولا بعد ذلك واكتفت المحكمة بإصدار كتيب سرى تضمن أسباب الحكم التى جاءت فى 554 صفحة من القطع المتوسط عنوانه: «محكمة الثورة- الدائرة الأولى- حكم محكمة الثورة فى قضية الجنايات رقم 1 لسنة 1971- المدعى العام الاشتراكى المتهم فيها شعراوى محمد جمعة وآخرون.
......................................................................................................

وإذا كان السادات قد نجح فى تأمين الجبهة الخارجية فكان عليه أن يبحث عن تيار يستطيع أن يواجه إمكانية تحرك المؤيدين لأفكار عبد الناصر وكان التيار الوحيد الذى يستطيع السادات أن يعتمد عليه هو التيار الإخوانى الذى فرت عناصره القيادية إلى الخارج وإن كانت جذورها ما زالت موجودة تحت الأرض. بالإضافة إلى أن هذا التيار يحمل ميراثًا عدائيًا مع الناصريين وأن الصدام بين التيارين من شأنه أن يؤمن الجبهة الداخلية ويضمن على الأقل فى ظل عدم تحرك إسرائيل فرصة للسادات لإقامة شرعية جديدة وبدأ السادات رحلة الاتصال لإعداد اتفاقية مع قيادات الإخوان المسلمين.
وبدأ الاتصال بالعناصر الإخوانية من خلال الملك فيصل بالخارج ومن الداخل عثمان أحمد عثمان والدكتور محمود جامع

.......................................................................................................
لم يكن من الطبيعى أن يبقى ضابط محترف كالليثى فى منصبه القوى بعد أن بكى السادات له متوسلا حمايته خاصة بعد أن خلى الجو له من أى معارضة ووضع كل من يعلم بحقيقته فى السجون ..
نقل اللواء الليثى فى عام 1972 من منصبه القوى إلى منصب منزوع القوة وهو منصب كبير الياوران ورقى إلى رتبة فريق كان ضرورات المنصب تفرض عليه أن يجلس طوال النهار فى مكتبه فى انتظار مكالمة من سكرتارية الرئاسة تخبره بخروج الرئيس كى يسير خلفه ..
على عكس ما كان يظن السادات أعطى المنصب الجديد للفريق الليثى الفرصة ليتابع تحركات السادات ويجمع الأدلة التى مكنته من التأكد من عمالته .. كان هناك الكثير من الوفود الإسرائيلية والأمريكية تأتى لزيارة السادات وهم يحملون جوازات سفر أوربية مزورة وكان الفريق الليثى يتابع بصمت ما يجرى داخل المقر الرئاسي ..

فى أبريل 1973 يقرر السادات نقل الفريق الليثي إلى وزارة الخارجية بدرجة سفير كى يكون بعيدا عن المقر الرئاسي .. وفى أغسطس 73 تصدر الخارجية المصرية قرارا بتعينه سفيرا فى اليونان .. يتوقف الفريق الليثى فى لندن مع أسرته للعلاج وهو فى طريقه للسفر إلى اليونان .. تبيت الأسرة ليلتها فى شقة تتبع رئاسة الجمهورية فى الدور العاشر من عمارة ستيوارت تاور .. فى اليوم التالى وتحديدا فى 24 أغسطس وفى التاسعة من صباح ذلك اليوم
يسقط من شرفة الشقة دون نقطة دماء واحدة

...........................................

يصل السفير المصرى كمال رفعت والوزير المفوض نبيل حمدى ونائب القنصل مصطفى الفقى إلى مكان الحادث كانت حرم الفريق الليثى تصرخ أمامهم وتتهم السادات بأنه قتل زوجها
......
##...
مذكرات محمود جامع
تجربتى :عثمان احمد عثمان
اوراق مايو :موسى صبرى
ايام السادات الاخيرة:عادل حمودة
خريف الغضب :هيكل
انقلاب مايو:عبد الله إمام